د. حسن محمد صندقجي
طبيب سعودي واستشاري قلب للكبار بمركز الأمير سلطان للقلب في الرياض
TT

ما الذي يُباع في الصيدليات؟

دراسة الباحثين من ولاية نورث كارولينا حول مدى جدوى تناول الرجال لمستحضرات تنشيط الأداء الجنسي التي تُباع في الصيدليات أثارت مزيدًا من التساؤلات حول ضوابط بيع المنتجات الصيدلانية فيها، كيفية معرفة المستهلك لما هو نافع وما هو ضار منها وما لا جدوى من ورائه، والأهم: هل مجرد بيعها في الصيدلية يعني أنها مفيدة وآمنة؟
وكان الباحثون من مركز ويك فوريست بابتست الطبي في ونستن سالم بولاية كارولينا الشمالية قد نشروا ضمن عدد يناير (كانون الثاني) من «مجلة طب الجنس» Journal of Sexual Medicine نتائج دراستهم فحص مكونات مجموعات من المستحضرات الصيدلانية التي تُباع في الصيدليات بالولايات المتحدة كمستحضرات لتنشيط الأداء الجنسي للرجال. ولاحظ الباحثون في نتائج دراستهم أنه لا إثباتات علمية على جدوى أصناف كثيرة من تلك المستحضرات التي تُباع في الصيدليات مباشرة من البائع للشاري Over - The - Counter دونما حاجة إلى وصفة طبية.
والصيدلية اليوم، في مناطق العالم المختلفة، أصبحت متجرًا لبيع نطاق واسع من السلع التي من بينها أدوية ومستحضرات علاجية ومستحضرات العناية بالجسم وأجهزة طبية منزلية وعطور ومستحضرات تجميل وغير ذلك. ويحتاج المستهلك على وجه الخصوص أن يعلم كيف يُفرّق بين ثلاثة أصناف علاجية: ما هو منها الدواء Medicine الذي يخضع لمعايير تقييم الهيئات المعنية بضبط بيع الأدوية ويحتاج إلى وصفة طبية للحصول عليه، وما هو منها علاج دوائي يخضع لمعايير تقييم الهيئات المعنية بضبط بيع الأدوية ولكن يُمكن الحصول عليه دونما الحاجة إلى وصفة طبية، أي بمجرد «وضع المستهلك للدواء على الطاولة أمام البائع» Over - the - counter (OTC) Medicines، وأخيرا ما هو منها مستحضر تكميلي أو علاجي لا يخضع لمعايير تقييم الهيئات المعنية بضبط بيع الأدوية ويُمكن شراؤه مباشرة Over - The - Counter Supplements.
وبعيدًا عن اختلاط الحابل بالنابل، حين يُمكن للمستهلك الحصول على ما شاء من الأدوية المعروضة للبيع، فإن ثمة تعريفات دقيقة تُسهّل على المستهلك كيف يُمكنه التعامل السليم والصحي والمفيد مع ما يتوفر أمامه من أدوية معروضة للبيع في الصيدلية. وتشير المصادر الطبية إلى أن مجموعات الأدوية التي تُباع في الصيدليات تنقسم إلى قسمين: القسم الأول «أدوية» والقسم الثاني «مستحضرات علاجية». والأدوية هي التي تم تصنيفها كـ«دواء» نتيجة خضوعها للبحوث والدراسات الطبية والصيدلانية التي أثبتت فاعليتها وأمان تناولها، أما «المستحضرات العلاجية» الأخرى فلا تُصنف كـ«دواء» ولم يتم إجراء أي دراسات طبية حولها تثبت جدواها وأمانها وتُباع على أنها مُكملات غذائية أو أي أوصاف أخرى. والقسم الأول، أي «الأدوية»، تنقسم في الولايات المتحدة إلى نوعين: نوع لا يبيعه الصيدلي للمستهلك إلاّ بوصفة طبية، ونوع يُمكن للصيدلي أن يبيعه للمستهلك دون الحاجة إلى إبراز الشاري وصفة طبية OTC. وفي التصنيف البريطاني هناك نوع ثالث كنوع من المرونة، وهو ما يُمكن للصيدلي بيعه للمستهلك وفق أنظمة تضمن مراجعة الصيدلي حالة الشخص ومدى ملاءمته له، وهو ما يُسمى «دواء خلف الطاولة» Behind - The - Counter Medicine.
وتقول إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA، إن «OTC هي أدوية يُمكن شراؤها دون وصفة طبية، وبعضها لتخفيف الأوجاع والآلام والحكة ومنع أو علاج تسوس الأسنان وفطريات القدم والصداع. وإدارة الغذاء والدواء هي التي تقرر في الولايات المتحدة ما إذا كان من الأمن أن يُسمح ببيع الدواء دون وصفة طبية. وتناول هذه النوعية من الأدوية لا يزال يحمل مخاطر صحية واحتمالات تفاعلات عكسية مع بعض الأدوية الأخرى أو بعض أنواع الأطعمة، وقد تتسبب بمشكلات للذين يُعانون من بعض الظروف الصحية. ومن المهم تناول هذه الأدوية بشكل صحيح وتوخي الحذر عند إعطائها للأطفال، وملاحظة أيضًا أن مزيدًا من الدواء لا يعني بالضرورة صحة أفضل، ويجب مطلقًا عدم تناول الأدوية التي تُباع دون الحاجة إلى وصفة طبية لفترات طويلة أو بجرعات أعلى مما هو مذكور على الملصق التعريفي المرفق بها، ولو أن الأعراض المرضية لا تزول بتناول تلك الأدوية فيجب مراجعة الطبيب».
وعلى الرغم من أن قوائم الأدوية التي تُباع دون الحاجة إلى وصفة طبية هي قوائم صغيرة نسبيًا مقارنة بجميع أنواع الأدوية التي يجب إبراز وصفة طبية قبل الحصول عليها، إلا أن حجم سوق تلك الأدوية في الولايات المتحدة خلال عام 2015 تجاوز 43 مليار دولار. وشكلت أدوية علاج السعال والحساسية والجيوب الأنفية نحو 21 في المائة من حجم سوقها، والفيتامينات 16 في المائة، وأدوية الحموضة والجهاز الهضمي 14 في المائة، ومسكنات الألم 11 في المائة. والضوابط الأساسية في تصنيف الدواء كدواء يُمكن الحصول عليه دون الحاجة إلى وصفة طبية هو أن يكون الدواء يُستخدم في معالجة حالات لا تتطلب الإشراف العلاجي المباشر من قبل الطبيب وأن يتم إثبات أنه دواء آمن نسبيًا ويُمكن لجسم غالبية الناس أن يتحمله، وأنه لا تكون ثمة احتمالات لسوء استخدامه من قبل البعض.
ولا تُوجد بين تلك القوائم أي أنواع من أدوية المضادات الحيوية التي يتم تناولها عبر الفم أو علاج ارتفاع ضغط الدم أو أدوية علاج أمراض القلب، بل إن قوائم الأدوية تشمل بعضًا من أدوية الجهاز الهضمي لعلاج الإسهال والغثيان والإمساك والغازات وحموضة المعدة، وبعضًا من أدوية العناية بالعين والأذن كالدموع الصناعية وقطرات شمع الأذن، وبعضًا من أدوية السعال والحساسية ونزلات البرد، وبعضًا من أدوية مستحضرات العناية بالجلد والشعر، وبعضًا من أدوية تسكين الألم، وبعضًا من الأدوية النسائية، وفيتامينات.