حسان يوسف ياسين
كاتب سعودي
TT

المملكة العربية السعودية... لحظة فخر

استمع إلى المقالة

إنها لحظة فخر عظيمة لجميع العرب والمسلمين أن يروا العالم العربي الإسلامي يُعترَف به كأحد أهم مكونات الحضارة والتقدم. لقد قدّم لنا الإسلام رسالة سلام وتعاطف خالدة. ذهب شاب عربي يُدعى محمد بن عبد الله إلى مكان تأمله، غار حراء، في جبل قرب مكة، سُمّي فيما بعد «جبل النور». في الداخل، ظهر له الملاك جبريل، وقال له: «اقرأ». أجاب محمد بأنه لا يستطيع القراءة، فضغط عليه جبريل بقوة مرتين أخريين. رسالة جبريل التالية: «اقرأ باسم ربك الذي خلق». إنها الرسالة التي شكلت الإسلام، والتي شكلت شعباً، والتي شكلت الحضارة كما نعرفها.

بالطبع، لم تكن المملكة العربية السعودية قد وُجدت بعد في ذلك الوقت. كان العرب مشتّتين في أراضٍ واسعة من القبائل المتنازعة. ومن هنا بدأت رسالة الإسلام تنتشر، ملهمةً في نهاية المطاف بعضاً من أهم الإنجازات الثقافية والعلمية والفلسفية في تاريخ البشرية. حاملاً رسالة الإسلام، شاب آخر من نجد، هو عبد العزيز بن سعود، أظهر شهامةً تجاه القبائل المتناحرة في شبه الجزيرة العربية، وأسس المملكة العربية السعودية عام 1932. وقد ارتقت الدولة الفتية سريعاً إلى آفاق جديدة، ولا تزال تُلهم العالم اليوم من خلال رسالة السلام والحضارة والابتكار التي نطبقها على أنفسنا وعلى منطقتنا.

لم يمر هدف المملكة العربية السعودية وحسن نيتها، خصوصاً المثال الذي نرسيه لمنطقتنا والعالم، مرور الكرام في واشنطن. فقد رحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومجموعة من كبار المسؤولين وصناع القرار ورجال الأعمال بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، واستقبلوه بكل إجلال وتقدير. إنها لحظة فخر وابتهاج عظيمة لنا، نحن السعوديين، الذين استفدنا كثيراً من رؤية وقيادة ملكنا سلمان وولي عهده محمد. يجدر القول إنهما ليسا فقط ابن وحفيد ملكنا المبجل عبد العزيز، بل هما أيضاً خليفتاه الروحيان، يوفران مستقبلاً ميموناً وفرصاً وافرة لجيل جديد من السعوديين.

يلهمني قلبي أن أقول: «أحبك يا السعودية»! إن ما حققته قيادتنا خلال العقد الماضي مذهل، لنا نحن السعوديين، وكمثال يراه العالم. لقد انتشرت في بلادنا صحوة جديدة وتفاؤل، حيث يستفيد جيل جديد من تعليم عالمي المستوى وآفاق واعدة، يعززها فخر متجدد بشخصيتنا وهويتنا السعودية. ليس هدفنا التغلب على الآخرين، بل التغلب على المرض والفقر وبؤس الفقد وغيرها من الكوارث الإنسانية أو الآلام. ومثل غيرنا، نواجه تحديات في منطقتنا وفي طريقنا نحو التقدم، لكن لدينا التواضع للاعتراف بأخطائنا وتصحيح المسار بسرعة.

إن رؤية الاستقبال الذي حظي به الأمير محمد في واشنطن تعزّز رؤيتنا، وتجعلنا نحلم إلى أي مدى يمكن للرحلة المذهلة التي قطعتها بلادنا أن تأخذنا. فالعالم ينظر إلينا اليوم بشكل مختلف، مقدِّراً المثال الذي نقدّمه لمنطقتنا وللعالم. وإلى جانب الرؤية التي وضعها لنا ولي العهد في برنامجه «رؤية 2030»، نواصل استلهام رؤية نبينا محمد، مستنيرين برسالة الإسلام في التعايش والتسليم لله والمحبة. هذه المبادئ توجه حياتنا اليومية، بينما نسعى إلى تحقيق رسالة السلام والتعايش التي أنزلها خالقنا.

إن ما نسعى إلى تقديمه لمنطقتنا وللعالم هو معيار جديد للسلوك يؤكد على السلام والتعايش والاحترام المتبادل. نحن السعوديين لا نُشكل تهديداً لأحد؛ فهدفنا الأسمى هو جعل العالم مكاناً أفضل للجميع، وليس للبعض فقط. وبعد كثير من الحروب والصراعات حول العالم، نريد أن نرى أسلحة العلم والتقدم، لا أسلحة الحرب. لقد ضاعفت المملكة العربية السعودية جهودها لتصبح رائدة عالمية في التقنيات الجديدة والابتكار، بهدف استخدام ذلك أيضاً لما فيه خير الجميع، متخذةً منحى شاملاً نحو السلام والتعايش.

يا المملكة العربية السعودية، لقد جعلتِنا فخورين بما نحن عليه. لقد حملت جزيرتنا العربية رسالة تجاوزت حدودها منذ فجر التاريخ. منحنا نبينا محمد رسالة الإسلام، وجلب ملكنا عبد العزيز السلام إلى شبه جزيرتنا، واليوم يحمل ملكنا سلمان، وولي عهده الأمير محمد تلك الرسالة إلى العالم. وأجرؤ على قولها مرة أخرى: يا المملكة العربية السعودية، إنني أحبك.