أثار إعلان إصابة لاعب الأهلي المصري إمام عاشور، بعدوى (فيروس «أ»)، القلق في الأوساط المصرية خشيةً من الفيروس المعروف باسم التهاب الكبد الوبائي (أ) والذي يعد أحد أنواع فيروسات التي تُسبب التهاباً في الكبد وقد تؤثر على وظائفه.
وتحدث الإصابة بفيروس «أ» نتيجة تناول طعام أو شراب ملوّث، أو مخالطة شخص مصاب بالفيروس، ولا توجد إحصائيات دقيقة بعدد مصابي الفيروس حول العالم، إلا أن منظمة الصحة العالمية أعلنت في أبريل (نسيان) من العام الماضي أن فيروسات التهاب الكبد الوبائي لا تزال تحصد 3500 شخص يومياً.
وأظهرت بيانات من 187 دولة أن العدد التقديري للوفيات الناجمة عن التهاب الكبد الفيروسي ارتفع من 1.1 مليون في عام 2019 إلى 1.3 مليون في عام 2022، حسب هذا التقرير الصادر في القمة العالمية حول التهاب الكبد.
ما هو فيروس «أ»؟
هو التهاب الكبد الوبائي «أ»، عدوى كبدية فيروسية شديدة. يُعد هذا الفيروس أحد أنواع فيروسات التهاب الكبد العديدة التي تُسبب التهاب الكبد وتؤثر في قدرته على العمل.
من المرجح أن تُصاب بالتهاب الكبد الوبائي «أ» من الطعام أو الماء الملوث، أو من خلال الاتصال الوثيق بشخص أو جسم مصاب. لا تتطلب الحالات الخفيفة من التهاب الكبد الوبائي «أ» علاجاً. يتعافى معظم المصابين تماماً دون أي تلف دائم في الكبد.
يمكن أن تمنع ممارسة النظافة الجيدة، بما في ذلك غسل اليدين بانتظام، انتشار الفيروس. يمكن أن يحمي لقاح التهاب الكبد الوبائي «أ» من الإصابة به.
الأعراض
تظهر أعراض التهاب الكبد الوبائي «أ» عادةً بعد بضعة أسابيع من الإصابة بالفيروس. ولكن لا تظهر أعراض على جميع المصابين به. في حال ظهورها، قد تشمل الأعراض ما يلي: الإرهاق والضعف غير الطبيعيين، الغثيان والقيء والإسهال المفاجئ، وكذلك الألم أو الانزعاج في البطن، خصوصاً في الجانب الأيمن العلوي أسفل الأضلاع السفلية، أي فوق الكبد.
ومن الأعراض أيضاً براز بلون الطين أو رمادي، وفقدان الشهية، والإصابة بحمى خفيفة، وكذلك البول الداكن، وألم في المفاصل، واصفرار الجلد، وبياض العينين (اليرقان)، وكذلك حكة شديدة.
قد تكون هذه الأعراض خفيفة نسبياً وتختفي في غضون بضعة أسابيع. مع ذلك، قد يؤدي التهاب الكبد الوبائي «أ» أحياناً إلى مرض شديد يستمر لعدة أشهر، وفقاً لما ذكرته «مايو كلينك».
كيف ينتشر؟
يُسبب التهابَ الكبد الوبائي «أ» فيروسٌ يُصيب خلايا الكبد ويُسبب التهاباً. يُمكن أن يُؤثر هذا الالتهاب على وظائف الكبد ويُسبب أعراضاً أخرى.
ينتشر الفيروس عند دخول البراز المُصاب، حتى لو كانت كميات ضئيلة، إلى فم شخص آخر (انتقال برازي فموي). قد تُصاب بالتهاب الكبد الوبائي «أ» عند تناول أو شرب شيء مُلوث ببراز مُصاب. لذلك ينتشر في الأماكن التي تعاني من سوء الصرف الصحي.
كما يُمكن أن تُصاب بالعدوى من خلال الاتصال الوثيق بشخص مُصاب بالتهاب الكبد الوبائي «أ». يُمكن أن يعيش الفيروس على الأسطح لبضعة أشهر. ولا ينتشر الفيروس من خلال الاتصال العرضي أو العطس أو السعال.
فيما يلي بعض الطرق المُحددة التي يُمكن أن ينتشر بها فيروس التهاب الكبد الوبائي «أ»:
- تناوُل طعام لمسه شخص مُصاب بالفيروس ولا يغسل يديه جيداً بعد استخدام المرحاض.
- شرب مياه مُلوثة، أو تناول طعام مُغسول بمياه مُلوثة.
- كذلك تناول المحار النيئ من مياه مُلوثة بمياه الصرف الصحي.
- الاتصال الوثيق بشخص مُصاب بالفيروس (حتى لو لم تظهر عليه أي أعراض).
- ممارسة الجنس مع شخص مُصاب بالفيروس.
متى تجب زيارة الطبيب؟
حدِّدْ موعداً مع مقدم الرعاية الصحية إذا ظهرت عليك أعراض التهاب الكبد الوبائي «أ». قد يحميك تلقي لقاح التهاب الكبد الوبائي «أ»، أو حقنة من الأجسام المضادة تُسمى الغلوبولين المناعي خلال أسبوعين من التعرض للعدوى.
وكذلك ينصح الأطباء بالاستفسار من مقدم الرعاية الصحية أو إدارة الصحة المحلية عن تلقي لقاح التهاب الكبد الوبائي «أ» في الحالات التالية:
إذا كنت قد سافرت مؤخراً إلى مناطق ينتشر فيها الفيروس، خصوصاً المكسيك وأميركا الوسطى والجنوبية، أو إلى مناطق تعاني من سوء الصرف الصحي. أو إذا كنت قد تناولت الطعام في مطعم ينتشر فيه التهاب الكبد الوبائي «أ»، أو تعيش مع شخص مصاب بالتهاب الكبد الوبائي «أ».
الوقاية
إذا كنت مسافراً إلى مناطق من العالم تنتشر فيها حالات التهاب الكبد الوبائي «أ»، فاتبعْ الخطوات التالية للوقاية من العدوى:
- اغسل جميع الفواكه والخضراوات الطازجة في المياه المعبأة وقشرها بنفسك.
- تجنبْ الفواكه والخضراوات المقطعة مسبقاً.
- لا تأكل اللحوم والأسماك النيئة أو غير المطهوة جيداً.
- اشرب المياه المعبأة واستخدمها عند تنظيف أسنانك.
- تجنب جميع المشروبات غير معروفة النقاء. وينطبق الأمر نفسه على الثلج. وإذا لم تتوفر المياه المعبأة، فاغلِ ماء الصنبور قبل شربه أو استخدامه لصنع الثلج.
- اتبعْ قواعد النظافة الشخصية: اغسل يديك جيداً باستمرار، خصوصاً بعد استخدام المرحاض، أو تغيير الحفاضات، وقبل تحضير الطعام، أو تناوله.
مصر و التهاب الكبد الوبائي
عانت مصر منذ عقود مع انتشار التهاب الكبد الوبائي، وفي عام 2023 حصلت مصر على إشادة واسعة بعد القضاء على التهاب الكبد الوبائي «سي»، قال مجتمع الصحة الدولي إن هذا الإنجاز «ليس أقل من مذهل»، وفقاً لصحيفة «التليغراف».
قبل عشر سنوات، كان 14.7 في المائة من السكان مصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»، وكان أغلبهم في الستينات والسبعينات من القرن الماضي بسبب استيطان داء البلهارسيا، أو دودة البلهارسيا، وهي طفيل المياه العذبة الذي يعيش في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية.
لفترة طويلة، كان العلاج الوحيد المتاح هو الحقن الذي من شأنه تخليص الجسم من الطفيل.
وفي عام 2008، أظهر المسح الصحي الديمغرافي الأول في البلاد أن 15 في المائة من السكان لديهم أجسام مضادة بعد التعرض لفيروس التهاب الكبد الوبائي، وأن 10 في المائة مصابون بالعدوى ويحتاجون إلى العلاج.
وبعد أن كافحت البلاد لعقود من الزمن لمحاربة المرض، الذي أودى بحياة 40 ألف مصري في عام 2015 وحده، فإن السرعة التي عكست بها البلاد حظوظها لفتت انتباه العالم.
وأطلق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مبادرة رئاسية لـ«القضاء على فيروس سي والكشف المبكر عن الأمراض غير السارية»، عام 2018. بدعم دولي من خلال إجراء فحص على مستوى جميع المحافظات بتقنية الكواشف السريعة لأكثر من 60 مليون مواطن بالمجان في فترة لم تتجاوز 7 أشهر.
وقد قامت مصر حتى 2023 بتشخيص 87 في المائة من المصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»، وحصل 93 في المائة منهم على العلاج، وهو ما يتجاوز المعدلات الذهبية التي حددتها منظمة الصحة العالمية التي تبلغ 70 و80 في المائة.
كما تم إنشاء برنامج لإدارة ومتابعة المرضى الذين يعانون من أمراض الكبد المتقدمة لتعزيز الكشف المبكر عن سرطان الكبد، «لأن ذلك سيكون مشكلة لبضع سنوات قبل أن يبدأ في الانخفاض مع انخفاض معدل انتشار التهاب الكبد الوبائي (سي)».
