لحظة إغلاق سوق الانتقالات الصيفية ليلة الخميس، زادت حمى تعاقدات الأندية السعودية مع اللاعبين الشبان القادمين من البطولات الأوروبية، وبات بعض المدربين يراجع حساباته في الساعات الأخيرة بناء على نتائج الجولة الأولى من منافسات الدوري وقبلها بطولة كأس السوبر المحلية، غير أن المحصلة النهائية وقائمة الصفقات جاءت مطابقة لبصمة كثير من الأندية في إبرام التعاقدات على طريقة صانعي السيارات وفلسفة الهوية.
وحافظ الهلال على نهجه في التعامل مع سوق الانتقالات، من خلال العمل على تطوير الفريق وتزويده بما ليس لدى منافسيه، بعيداً عن أسماء اللاعبين أو شعبيتهم أو حتى إنجازاتهم في الموسم السابق، بما يشبه نهج مصانع السيارات الألمانية الشهيرة التي لا تنظر إلى رغبة عشاقها بقدر حرصها على تقديم منتج يتفوق على ما يطرحه المنافسون في السوق، وغالباً تأتي النتيجة ببقاء هذه المصانع ومنتجاتها في المقدمة والاستحواذ على أكبر حصة من أرباح سوق السيارات، وهذه بصمة واضحة لنادي الهلال ونهج مستمر لا يتغير مع تعاقب الرؤساء والمدربين.
ولم تخالف تعاقدات الاتحاد كثيراً نهج الكيان المستمر في الحفاظ على الاستقرار، وعدم تغيير شكل الفريق إلا حين يثبت فشله ويرفضه الجمهور مطالباً بالتحديث في نهاية الموسم، وربما ساهم مزاج المدرج الاتحادي في هذه البصمة المسجلة لـ«العميد» لاعتبار أن هذا الجمهور المؤثر والعاطفي يصعب إقناعه بالاستغناء عن اللاعب قبل أن يثبت فشله، مع بعض الاستثناءات للاعبين لم «يستسغهم» مدرج النمور منذ الظهور الأول بالقميص الأصفر، لذلك استمر الاتحاد في تعزيز قوة مراكز معينة يراهن عليها دائماً، وفق موازنة متقشفة وعدم رغبة في الإنفاق بدرجة توازي منافسيه، ويمكن تشبيه حركة مسؤولي النادي في سوق الانتقالات بسياسة بعض صانعي السيارات الذين يراهنون على قوة المحرك وناقل الحركة في زيادة مبيعاتهم مقابل عدم الاهتمام بوسائل الأمان والتقنيات الحديثة.
من جهته، استمر النصر في طريقة تعامله مع سوق الانتقالات ونهجه في إبرام الصفقات التي لا تحددها غالباً حاجة الفريق الفنية، بقدر ما يحددها الصدى الإعلامي للصفقة والرغبة بالدخول في معركة لحسم انتقال لاعب تجري معه الأندية المنافسة مفاوضات، ويحسب للنادي العاصمي قدرته على إتمام أقوى التعاقدات وجلب أهم اللاعبين إلى صفوفه، غير أن هذه القدرة نادراً ما تم تسخيرها لتلبية احتياجات الفريق وسد الثغرات في خطوطه الخلفية.
وتبرهن صفقة الكولومبي جون دوران عدم قدرة النصر على تحديد أهدافه في سوق الانتقالات، على طريقة بعض مصانع السيارات العالمية التي تتنقل سنوياً ما بين أستراليا والصين والمكسيك لاختيار طراز جديد للمحرك ونوع مختلف لناقل الحركة وقياس أطول لهيكل المركبة، حتى باتت سياراتها الفارهة غير موثوقة ويصعب الاعتماد عليها أو التنبؤ بقدرتها على الأداء بمثالية لوقت طويل.
وفي سوق الانتقالات الأخيرة لم يبخل الأهلي على فريقه بما يحتاج من اللاعبين الجيدين لتعزيز أداء المجموعة القوية الطامحة إلى تحقيق بطولة الدوري في الموسم الحالي، غير أن الأهلي قياساً على منتجه الفخم وإمكاناته الجبارة بوجود رياض محرز ورفاقه، يبقى حالة خاصة لا يمكن مقارنتها إلا بالسيارات الفارهة ذات الصيت العالمي التي لا يمكنها أن تنافس نظيراتها لأسباب لا يعرفها الصانع ولا السائق ولا حتى وكيلها المحلي، إذ إن الأهلي يمتلك تاريخاً عريقاً ورصيداً كبيراً في كرة القدم السعودية جذب ملايين العشاق لتفضيله على غيره، لكنه يعيش واقعاً لا يوازي إمكاناته وشعبيته، في انتظار أن يستعيد النادي الأخضر هويته ويقتحم المنافسة بثبات حتى خط النهاية خلال الموسم الحالي.
