طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

تقاليد ولجان

استمع إلى المقالة

برهنت قضية غياب الهلال عن بطولة كأس السوبر السعودي على هشاشة منظومة اتحاد كرة القدم، وحاجتها إلى عملية إعادة تأهيل تجعلها قادرة على مواكبة العصر بدرجة توازي واقع المنافسات الرياضية السعودية وحجم الإنفاق الكبير على اللعبة، وباتت هذه الأزمة بتداعياتها تهدد بانهيار منظومة الاتحاد المحلي وإسدال الستار على مرحلة طويلة من مراحل الإدارة التقليدية.

وتكرر في السنوات الأخيرة فشل إدارات الاتحاد السعودي لكرة القدم في إحداث تغيير يؤدي إلى تطوير أداء المنظومة وانتشالها من بين ركام الأخطاء المتراكمة والمتوالية منذ ربع قرن، إذ لم ينجح رئيس واحد من الذين وصلوا إلى كرسي الرئاسة في تحديث أداء الاتحاد، وتجاوز المفاهيم والتقاليد التي كانت سائدة خلال التسعينات.

ومع أن المدرسة الكلاسيكية حققت نجاحاً كبيراً في تلك الفترة؛ قياساً على واقع اللعبة حينها، إلا أن التمسك بالأفكار القديمة ومقاومة الحاجة إلى التغيير والتطوير، قادا اتحاد كرة القدم السعودي إلى الظهور في مشهد بائس يتضمن صراعاً بين اللجان وفوضى تعكس حال مجلس الإدارة الحالي وعدم قدرته على خلق آلية واضحة للقرار.

والحقيقة أن إدارة ياسر المسحل ومعها ما سبقتها من الإدارات، لا تتحمل بصورة مباشرة عشوائية الأداء في الاتحاد السعودي، لأنها جاءت لتعمل وسط منظومة كلاسيكية اعتاد جزء كبير من العاملين فيها على تقاليد ومفاهيم توارثتها الأجيال على مدى عقود، فضلاً عن حواجز وقيود وهمية يعتقد بعض اللجان أنها تَحول دون اتخاذ القرار الصحيح، وبالتالي التردد في التعامل مع حالات الاحتجاج، وأحياناً تأجيل البت في القضايا إلى فترة تصل إلى أربعة أشهر.

وعلى الرغم من أن المسحل جاء لرئاسة منظومة مترهلة وعشوائية، فإن هذا لا يُعفيه من مسؤولية الترشح لشغل المنصب دون معرفة بأوجه القصور التي سيأتي مع فريقه لمعالجتها، وبلا خطة مسبقة للتعامل مع مقاومة بعض العاملين في الإدارات واللجان لفكرة التغيير، خصوصاً أن أساليب العمل القديمة ما زالت متَّبَعَة حتى الآن، وطريقة تنفيذ المهام لا تختلف كثيراً عنها في التسعينات.

كان على المسحل أن يستعد منذ اليوم الأول لخوض حرب ضد تقاليد وعشوائية «وشطحات» إدارات ولجان الاتحاد، بخلق بيئة نظامية سليمة تسهم في تصحيح اللوائح «الفضفاضة» ووقف تنازع اللجان على الاختصاص والصلاحيات وتفسير اللوائح، وهذا الإجراء كان من شأنه أن يجعل الاتحاد السعودي جزءاً من منظومة كبرى تعتمد على الحوكمة في تنفيذ خطط التطوير، ومعالجة القصور في آليات اتخاذ القرار أو تنفيذه، غير أن هذا لم يحدث، وتحولت فترة رئاسة ياسر المسحل إلى امتداد لسنوات الفرص الضائعة، في انتظار أن تأتي الجمعية العمومية برئيس جديد يملك القدرة على غربلة الاتحاد وإحداث الصدمة، ويملك القوة على مواجهة أنصار الإدارة الكلاسيكية بتقاليدها الرافضة لكل جديد، والتصدي لمفاهيم قديمة ما زالت تحدد طريقة تفكير ونهج بعض من يديرون كرة القدم السعودية.



المزيد من مقالات الرأي