طغت قضية عدم مشاركة الهلال في بطولة كأس السوبر السعودية المقررة في هونغ كونغ الشهر المقبل، على اهتمامات الشارع الرياضي خلال الأسبوع الماضي، في انتظار صدور قرار من الاتحاد المحلي بفرض غرامات مالية وعقوبات على الفريق الأزرق، توازي ما تكبده المنظمون والرعاة من خسائر بغياب أحد أفضل 8 أندية في العالم، وحجب نجومه عن جماهير كرة القدم في شرق آسيا.
وجاء قرار إدارة نادي الهلال بعدم خوض بطولة كأس السوبر صادماً للوسط الرياضي، الذي لم يعتد على انسحاب الفرق المحلية من البطولات الرسمية في السعودية، خصوصاً أن عدم الالتزام ببرنامج المنافسات المحلية تسبب في أذى كبير لسمعة كرة القدم في كثير من بلدان آسيا وأفريقيا، كما يحدث في مصر بتناوب الأهلي والزمالك على الانسحاب من المباريات وأحياناً البطولات، دون أدنى حساب لمصالح الشركاء التجاريين أو القنوات الناقلة وقائمة المعلنين على شاشاتها؛ مما أدى إلى فقد الثقة بقدرة الاتحاد المصري على تنظيم المنافسات، وجعل التزام الأندية محل شك دائم.
قرار إدارة نادي الهلال بالانسحاب لم يكن صائباً مع انعدام المبررات؛ إذ إن الإساءة إلى سمعة بطولات الاتحاد السعودي تنعكس سلباً على الفريق المنسحب وتلحق الضرر ببقية الأندية المنافسة، فضلاً عن أنها تضعف فرصة الكيانات التجارية بالأندية في الحصول على عائد مالي مجزٍ عند إبرام الاتفاقيات وعقود الشراكة، كما أن من شأن هذه القرارات وضع كرة القدم السعودية في تصنيف البلدان التي لا تراعي أنديتها واتحاداتها الحوكمة ولا تهتم بالتزاماتها مع الأطراف الشريكة، وبالتالي الابتعاد عن عالم اللعبة الذي تحكمه القوانين وعدالة تطبيقها على المتنافسين بلا تمييز، ويمكن مقارنة ما حدث في بطولة كأس السوبر السعودية ببقية البطولات المماثلة في أوروبا وعدم وجود ممارسات مشابهة إلا في حال الظروف القاهرة.
وكما نالت إدارة نادي الهلال الثناء والإطراء في السنوات الماضية بوصفها الأعلى احترافية والتزاماً، فعليها الآن أن تتقبل الانتقادات الموجهة إليها عقب قرار الاعتذار (الانسحاب) من عدم المشاركة في بطولة كأس السوبر، في سابقة لم تقدم عليها الأندية المنافسة في النسخ السابقة، رغم أن بعضها سافر للمشاركة بفريق من اللاعبين البدلاء بسبب الإرهاق والإصابات، كما حدث للاتحاد حين انتقل إلى أبوظبي بيقين أن قائمة لاعبيه لن تمنحه أمام الهلال أكثر من تذكرة العودة إلى جدة، ومع هذا لم يفكر مسؤولوه في ما خطر على بال نظرائهم بالنادي العاصمي.
حمل بيان الهلال الذي أعلن فيه عدم المشاركة في كأس السوبر مبررات وعبارات تظهر عدم اكتراث بالاتحاد السعودي ولجانه، بعدما أرجع البيان انسحاب الفريق إلى أنه يصب في مصلحة المنتخب الوطني نحو تحقيق الهدف الأسمى ببلوغ كأس العالم، ويبدو أن إدارة الهلال اختارت تقرير المصلحة العامة دون الرجوع إلى صاحب الشأن والمسؤول عن مراعاتها، ودون أخذ رأي الجهاز الفني للمنتخب ومدربه الذي بات ينتظر من سيموني إنزاغي مشاركته في التفكير وتشخيص مصلحة الأخضر في مباريات الملحق الآسيوي.
ويمكن القول إن إدارة الهلال اختارت الطريق السهلة حتى لو كلفها الأمر دفع غرامات وتعويضات جبر الضرر، غير أن قرار الانسحاب أساء إلى سمعة النادي بطريقة جعلته يوازي الأندية المنافسة التي لطالما اتهمها الشارع الرياضي بعدم الانضباط وغياب المسؤولية في كثير من القرارات والقضايا، وكثيراً ما طالبها أنصارها بالاقتداء بنهج مسؤولي الهلال الملتزم معايير الاحترافية واعتماد أفضل الممارسات الإدارية في اتخاذ القرارات وعقد الصفقات ومعالجة الأزمات، وهذا يمثل في حد ذاته انتكاسة لكرة القدم السعودية التي كانت تراهن على أن تغير الأندية طريقة عملها إلى ما يوازي إتقان الهلال، لا أن يغير «الزعيم» نهج إدارته إلى ما يشبه اجتهاد بقية الأندية.
