طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

الهلال الواقعي

استمع إلى المقالة

عاش أنصار كرة القدم العربية صباحا تاريخيا بعدما تابعوا الفوز اللافت للهلال السعودي على العملاق الإنجليزي مانشستر سيتي، في مباراة مثيرة تبادل فيها الفريقان الضربات حتى انتهاء الأوقات الإضافية، وسط حصار مستمر من الـ«سيتزن» قابله دفاع محكم يصعب اختراقه من أصحاب القمصان الزرقاء، قبل أن تنتهي المواجهة بانتصار كبير للمدرب الإيطالي سيموني إنزاغي ولاعبيه في كأس العالم للأندية.

ولم يكن أكثر مشجعي الهلال تفاؤلا يتوقع أن ينجح فريقه في إيقاف كتيبة الإسباني بيب غوارديولا التي تضم أفضل لاعبي كرة القدم في العالم، خاصة مع حداثة عهد المدرب إنزاغي بالفريق السعودي وصعوبة السيطرة على مصادر الخطر في مانشستر سيتي، وفي مقدمتها ماكينة الأهداف النرويجية إيرلينغ هالاند. غير أن ما قام به المدرب الإيطالي خلال فترة وجيزة برهن قدراته العالية وبراعته في ترتيب أوراق الهلال ومساعدة اللاعبين على تقديم أفضل ما لديهم في المباراة، بدرجة أحرجت من كان يطالب بالاستغناء عن بعض الأسماء مثل المدافع السنغالي خاليدو كوليبالي والبرازيلي مالكولم أوليفيرا.

واتضح بعد الأداء المذهل في المباراة المونديالية أن الهلال لم يكن بحاجة إلى إجراء تغييرات أو إبرام تعاقدات قبل الدخول إلى كأس العالم للأندية، بقدر حاجته إلى مدرب يستطيع الاستفادة من قدرات اللاعبين الحاليين التي توازي في تأثيرها استقطاب قائمة جديدة من النجوم، قياسا على انسجام المجموعة الحالية والتفاهم بين عناصر الفريق خلال المباريات، ما جعل الفشل في إجراء تعاقدات قبل البطولة يصب في مصلحة الهلال ويزيد من تماسك تشكيلته في الملعب.

ولم يكن إنزاغي بحاجة للتفكير طويلا قبل أن يكتشف أخطاء قاتلة في مباريات الهلال السابقة مع مدربه البرتغالي خورخي خيسوس، ومنها أن اندفاع الفريق نحو مرمى الخصم كان نقطة ضعف استفاد منها كثير من المنافسين في تحقيق الفوز على أصحاب القمصان الزرقاء، فضلا عن انكشاف خط الدفاع الدائم بسبب النزعة الهجومية لدى لاعبي الوسط، وهذا ما لا ينسجم عموما مع المدرسة الإيطالية التي استفاد إنزاغي من واقعيتها في الحد من شراسة الهجوم الإنجليزي.

ما فعله إنزاغي لم يكن معجزة في عالم التدريب، إذ إن هناك من يحسن إدارة الموارد المتاحة لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة، بعيدا عن اللجوء إلى تبديل قائمة الفريق وما يتبعه من هدر مالي لحل مشكلة ربما كانت مؤقتة، ويمكن لبقية مدربي الأندية العربية في المونديال الاستفادة من طريقة المدرب الإيطالي في التعامل مع مشكلة إجهاد اللاعبين، وقدرته على التحكم بأداء الفريق بما يوازي ظروف المباراة، حتى لو تطلب الأمر تدريب اللاعبين على التكتل الدفاعي واللجوء إلى التحولات السريعة، بطريقة جعلت أنصار الهلال يشاهدون فريقا واقعيا يلعب من أجل الحصول على النتيجة، بخلاف فريق خيسوس وطابعه الهجومي الذي يبحث عن إحراز الأهداف دون الالتفات إلى أهمية المجهود الدفاعي.



المزيد من مقالات الرأي