كتب نادي الهلال، الثلاثاء، اسمه في سجلات التاريخ بهزيمته لمانشستر سيتي، وإسقاطه من دور الثمن النهائي لكأس العالم للأندية، ليرسم خريطة جديدة لكرة القدم العالمية، متزينة بقميص أزرق يشدد على أن ما حدث في أورلاندو ليس مجرد «فوز عاطفي» في دور الـ16، بل لحظة مفصلية كانت تعيشها كرة القدم السعودية في السنوات الثلاث الأخيرة.
هذه اللحظات السعيدة التي أجبرت السعوديين على السهر حتى قبيل ظهر الثلاثاء يجب ألا توضع في إطار «فوز» وانتقال لدور إقصائي متقدم، بل هي بمثابة «جرس إنذار» لمنافسين عالميين يقول فيه إن هناك «دورياً في الشرق» يطبخ على نار هادئة ليكون يوماً ما أحد أعظم الدوريات في العالم.
قبل أيام خرج أسطورة كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو ليقول للعالم إن الدوري السعودي قادم كقوة كبرى في اللعبة... عليكم أن تستعدوا لذلك.
الحقيقة أن مسؤولي الدوريات الوطنية الكبرى ومعهم في ذلك الصحافة العالمية، لم يأخذوا الأمر على محمل الجد، قبل أن نقرأ للكاتب مارتن صامويل في «التايمز البريطانية» وهو يهاجم مسؤولي «البريميرليغ» ومانشستر سيتي بقوله: «استيقظوا من سباتكم»... السعوديون قادمون.
عندما يهزم نادٍ سعودي بطل أوروبا، وأحد أعظم مشاريع كرة القدم الحديثة، فإننا لا نتحدث عن نتيجة عابرة، بل عن انعكاس لتحول عميق يحدث في مكان آخر من خريطة الكرة العالمية.
الهلال، بنجومه الكبار، وبمدربه الإيطالي الجديد سيموني إنزاغي وبمسؤوليه أثبتوا أن الطموح السعودي يجب ألا يكون محدوداً بل مستمراً وأمام أقوى المنافسين.
صحيح أن الصخب العالمي حول كرة القدم السعودية كثيراً ما يركّز على الأموال، والانتقالات الضخمة، لكن الهلال قدّم أداءً يُدرّس، وتكتيكاً مُحكماً، ورداً قاسياً على كل تلك النظرات الفوقية التي ترافق المشاركات الآسيوية في البطولات الكبرى.
الفوز في معركة أورلاندو الأميركية لم يكن فقط لصالح الهلال، بل لصالح المشروع السعودي الرياضي بأكمله. مشروع يملك طموحات عالية ومواجهات صعبة أمام مشاريع أوروبية عريقة وجاهزة، لكنه في الميدان يرد بلغة العالم الوحيدة: كرة القدم.
في ربع النهائي، لن يكون الهلال «مفاجأة»، بل سيكون منافساً شرساً، ويتعين عليه أن يكون أكثر حذراً من فلومينينسي البرازيلي الذي أطاح هو الآخر بإنتر ميلان الإيطالي وصيف دوري أبطال أوروبا، وإن كانت «قمة إيفرست» قد تسلقها الأبطال، فالطريق إلى أبعد من ذلك بحاجة لثبات وعزيمة وروح وتحدٍّ وقتال حتى آخر دقيقة.
