في نهاية محاضرته حول أضرار الكحول، وحتى يبرهن ضررها عملياً للحاضرين، أحضر الدكتور كأسين تحتويان على مجموعة من الديدان الحية، سكب في الأول بعض الماء وفي الآخر بعض الكحول، فكانت النتيجة أن قضى الدود الذي صب عليه الكحول، فيما نجا الدود الذي كان الماء من نصيبه. وعلى الفور سأل الدكتور الحاضرينَ: ماذا نستفيد من هذه التجربة؟
فجاءه الرد من أحد الحاضرين: «الذي في بطنه دود يشرب كحولاً حتى يتخلص منه».
لم تكن هذه الطرفة التي وصلتني عبر «واتساب» مجرد ذريعة للضحك، ولم يكن السيد المجيب مجرد شخص أبله لم يفهم ما كانت المحاضرة تدور حوله، أو شخصاً يحاول الاستظراف ليرطب جو المحاضرة.
يمكن اعتبار هذه الطرفة نصّاً يشكل قيمة حقيقية لدى الكثيرين الذين لا يكتفون بالتبجُّح بآرائهم غير المنطقية، التي لا يختلف اثنان حول خطئها، ناهيك من فداحة أثرها على المجتمع، بل يحاول ليَّ عنق الدليل على فشلها ليجعله دليلاً على صحتها!
كم رأينا من مدَّعٍ للتقدمية يحاول لي عنق النص المقدس ليواكب أهواءه الشخصية؛ فهو لم يكتف بمخالفته (وتلك حريته الشخصية وليس لأحد أن يجبره على تبني ما لا يؤمن به) ولكن أن يظهر مَن يفسر النصوص من دون أدنى خلفية معرفية بأدوات القراءة سوى رمي الآخر بالتخلف والجمود على القديم؛ فهذا أمر مضحك أشد من الطرفة التي ذكرتها في بداية هذه المقالة.
وكم رأينا من شذاذ الآفاق الذي يلوون عنق النص المقدس ليجعلوه وسيلة لنشر الكراهية بين أبناء الجنس البشري، في الوقت الذي يعلم الكل أن النص المقدس، ومن أتى به قد جاء لهذه الأمة رحمة وليبثا معاً رسالة السلام للعالم، ومع هذا يأتي بالنص الذي يتحدث عن حفظ الدين ليغير مجراه إلى إقصاء الآخر، ونبذه، وجعل القوة الجسدية هي الحاسم للموقف وليس منطق العقل!
وكم رأينا وكم رأينا... من حقك أن تعتقد ما تشاء - كل ما تشاء - ولكن هل من حقك أن تنشر ما لا تستطيع أن تدلل عليه؟
