طلال الحمود
إعلامي وكاتب سعودي، رئيس تحرير الأخبار الرياضية في قناة العربية.
TT

وصفة هولندية

استمع إلى المقالة

أُصيب أنصار كرة القدم في السعودية بخيبة أمل كبرى بعد خسارة المنتخب الأخضر أمام نظيره البحريني في بطولة كأس الخليج، في امتداد لسلسلة من النتائج المتواضعة التي سجلها بعد مشاركته الاستثنائية في مونديال 2022 وفوزه على الأرجنتين، ولم يفلح المدرب الفرنسي هيرفي رينارد حتى الآن في إعادة ترتيب الأوراق التي خلطها سلفه الإيطالي روبرتو مانشيني عقب تجربة صاحبها الفشل من بدايتها وحتى النهاية.

وجاءت خسارة المنتخب السعودي في كأس الخليج لتبرهن على أن الفريق يعاني فنياً ومعنوياً بدرجة يصعب على المدرب الحالي رينارد التعامل معها خلال الفترة المقبلة، وربما يؤثر هذا الحال على فرصة التأهل المباشر إلى نهائيات كأس العالم المقبلة 2026، خاصة أن المدرب الفرنسي ما زال يعتمد على أدواته القديمة التي استعان بها حين جاء إلى الرياض في عام 2019، دون الالتفات إلى أن أغلب اللاعبين في حالة بدنية لا تسمح بتقديم ما يوازي قدراتهم قبل نحو خمسة أعوام، ما يعني أنه بحاجة إلى مجموعة جديدة من اللاعبين بمواصفات لا تتوفر حالياً في صفوف الأندية السعودية، بعدما توقف المنتخب عند مرحلة لم يستطع تجاوزها إلى التجديد والإحلال لضمان استمرار التطور.

ولا ينسى الشارع الرياضي في السعودية أن «الأخضر» وصل في عام 2015 إلى القاع وسط حال إحباط غير مسبوقة، قبل أن ينجح اتحاد الكرة في التعاقد مع المدرب الهولندي بيرت فان مارفيك الذي قاد مرحلة بناء جديدة انتهت بعودة المنتخب إلى الواجهة بالتأهل إلى مونديال روسيا 2018، قبل أن يتسلم الأرجنتيني خوان أنتونيو بيتزي المهمة في نهائيات كأس العالم، ويضع بصمة على أداء اللاعبين من خلال الاستحواذ ومجاراة الخصم، بدرجة جعلت الفريق السعودي يسيطر على مباراتيه ضد أوروغواي ومصر ويظهر بمستوى لافت منحه العودة بثلاث نقاط مونديالية. وبعد رحيل الأرجنتيني جاء الفرنسي رينارد ليحصد ثمار عملية إعادة البناء التي قام بها فان مارفيك واستفاد منها بيتزي، قبل أن يقضي مانشيني على مخرجاتها ومكاسبها بإعادة المنتخب السعودي إلى مرحلة القاع ثم تسليمه إلى اتحاد كرة القدم ليبدأ مرحلة بناء جديدة!

عموماً... تبقى المطبات المرحلية سنّة في عالم كرة القدم، ولم تستطع تجنبها منتخبات عريقة في مقدمتها ألمانيا والبرازيل والأرجنتين وإيطاليا، وغيرها على المستوى القاري في آسيا وأفريقيا مثل الجزائر ومصر والمغرب وغانا ونيجيريا، والقائمة تطول. غير أن القدرة على معالجة الأخطاء والاستعانة بمدربين يجيدون إعادة البناء من شأنهما تحديد مدى سرعة العودة أو تعثرها، كما حدث للمنتخبات التي تراجعت ثم استعادت عافيتها، أو تلك التي سادت ثم بادت كما حدث في المجر وبولندا والتشيك، وجميعها أمثلة. على الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يبرهن على احترافيته باختيار أفضل التجارب الناجحة، والاستعانة بأصحاب القدرات، بعيداً عن الشهرة أو الإنجازات السابقة.