لم يكن غريباً على الإطلاق منح «الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)» السعودية التقييم الأعلى في تاريخ الدول المستضيفة لكأس العالم التي انطلقت عام 1930، وذلك بناءً على محتوى ملف المملكة المقدم لتنظيم «مونديال 2034».
«فيفا» أعطى الملف السعودي تقييماً عالياً جداً مقارنة بدول سبقته في تنظيم هذه البطولة منذ عقود طويلة؛ فقد نال تقييماً قدره 4.2 من 5.
هذا التقييم الذي فازت به السعودية أعلى من تقييم الملف المشترك للولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك، حينما تقدمت هذه الدول بطلب ثلاثي لاستضافة «كأس العالم 2026»، ونال هذا الثلاثي تقييماً قدره 4.0 من 5، كما أن هذا التقييم تجاوز الملف المشترك لاستضافة إسبانيا والبرتغال والمغرب «مونديال 2030» فقد بلغ تقييم الملف الثلاثي 3.6 من 5.
ليس هذا فقط؛ بل إن تقييم الملف السعودي لاستضافة «كأس العالم 2034» لأول مرة في تاريخ التقييم لم يوصف بأنه ذو «مخاطر عالية»، كما فعل «فيفا» كثيراً وهو يصف استضافة دول كبرى للمونديال بأنها ذات «مخاطر عالية»، كما حدث مع جنوب أفريقيا مستضيفة «مونديال 2010»، والبرازيل مستضيفة «مونديال 2014»، وروسيا مستضيفة «مونديال 2018» وما يليها من بطولات حتى «نسخة 2030».
هذه النقاط الرئيسة التي ركز عليها فريق تقييم «فيفا» تظهر، دون شك، الفهم والاستيعاب السعودي لمتطلبات ومعايير استضافة مثل هذه الأحداث الكبرى، والعمل النوعي الذي قام به مسؤولو تجهيز وترتيب الملف طوال الأشهر الماضية؛ فضلاً عن استقبال وفد «فيفا» والتنقل به في جميع مدن المملكة، ومنها الرياض و«نيوم» وجدة وأبها والدمام.
الحقيقة هي أن المملكة العربية السعودية ليست بلداً حديث العهد بالاستضافات البشرية الضخمة، فهي تفعل ذلك سنوياً حينما تستضيف ملايين الأفراد في فترة زمنية محددة بأيام قليلة ومساحة جغرافية لا تتجاوز 33 كيلومتراً مربعاً؛ وهذا صميم خبرتها. وتاريخها الكبير ونجاحاتها خلال أكثر من 100 عام في التنظيم، يؤكدان على أنها تحترف التنظيم بنجاح منقطع النظير.
المسؤول السعودي واعٍ جداً وسابق لغيره في تطبيق معايير الحشود، ويكفي نموذجاً النجاح السعودي المتميز من هيئة الترفيه خلال السنوات الأخيرة في تنظيم «موسم الرياض» الذي يستضيف عشرات الفعاليات وسط حضور أكثر من 200 ألف شخص خلال ساعات معدودة وفي منطقة جغرافية لا تتجاوز مساحتها 900 ألف متر مربع.
تقييم «فيفا» الذي صدر مساء الجمعة كان أشبه بالمصادقة على الاستضافة السعودية لـ«كأس العالم 2034» قبل التصويت المقرر يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
تفاصيل تقييم الملف السعودي مبهرة جداً، وجاءت بأيدي مسؤولين التزموا ببنية تحتية عظيمة، فائدتها ستكون للمواطن والمقيم والسائح.
هذه الالتزامات تشدد على أن بناء المدن يسير وفق الخطط والاستراتيجيات المنطلقة من «رؤية 2030»؛ وما تتضمنه من تنويع للاقتصاد وتعزيز للحضور الدولي بين مصاف دول العالم الأول.