عرف التنافس على استضافة البطولات الرياضية سباقاً محموماً بين دول العالم، قبل أن يتطور ليصبح صراعاً سياسياً واقتصادياً بالدرجة الأولى، ولم يكن إسناد تنظيم مناسبة كبرى قراراً يخلو من تأثير العلاقات الدبلوماسية أو ضغط الكيانات التجارية لترجيح كفة ملف على آخر، حتى باتت اللجان الأولمبية والاتحادات الدولية والقارية تتعايش مع الأمر على أنه واقع وبلا حرج.
وجاءت تصريحات رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، البريطاني سيباستيان كو، «المرشح لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية»، خلال الأسبوع الماضي بشأن ملف استضافة أولمبياد 2036، لتكشف أن نهج اختيار الملف الفائز بالتنظيم سيتغير مستقبلاً، مع إيقاف العمل بالطريقة التقليدية التي وضعت منذ 100 عام لاستيعاب الخلافات السياسية ومراعاة المصالح التجارية للدول الكبرى، علماً أن هذا لم يمنع المقاطعة ورفض نصف بلدان العالم المشاركة في أولمبياد مونتريال 1976 ثم موسكو 1980 ثم لوس أنجليس 1984، فضلاً عن انسحاب لاعبين ومنتخبات من المنافسات بداعي المقاطعة السياسية.
وطرح سيباستيان كو اسم السعودية، خلال تصريحات صحافية، ورحّب بفكرة استضافتها لدورة الألعاب الأولمبية في عام 2036، مع أن الحديث كان عن إمكانية إسناد المهمة إلى الهند لتنظيم المنافسات، مؤكداً أنه سيدعم إقامة الأولمبياد في «مناطق وأراضٍ جديدة»، ويراهن «كو» على برنامجه في تحديث إدارة اللجنة الأولمبية الدولية للفوز بمنصب الرئيس، كما أنه تعهد قيادة هذه المنظمة بفكر جديد يراعي متطلبات العصر والتطور في كثير من بلدان العالم.
ويبدو أن النجاح اللافت في استضافة بلدان الخليج للمناسبات الرياضية الكبرى، خلال السنوات الأخيرة، بات يغري المسؤولين في الاتحادات واللجان العالمية إلى المبادرة بعرض فكرة الترشح لتنظيم البطولات، بدلاً من انتظار وصول الملفات للبحث عن دولة يمكنها بعد تأهيل منشآتها توفير ما يمكن أن يوازي 75 بالمائة من متطلبات الاستضافة الحديثة المتوفرة في بعض الدول الخليجية، خاصة أن السعودية ستكون جاهزة خلال 10 سنوات لاستضافة أكبر المناسبات العالمية، قياساً على خطتها الرامية إلى إنشاء بنية رياضية حديثة لتنظيم نهائيات كأس آسيا 2027 والألعاب الشتوية الآسيوية 2029 والصيفية 2034 وبطولة كأس العالم لكرة القدم في العام نفسه.
ويمكن لملف المدن السعودية أن يكون الأقوى في حال تقدمت بطلب تنظيم الأولمبياد أو طلب منها، بعدما أصبحت تمثل خياراً مميزاً للجان الأولمبية أو الاتحادات العالمية، لا يقارن بغيره لاستضافة المناسبات الكبرى، بفضل المنشآت الرياضية الجديدة وشبكة المواصلات الحديثة والبنية التحتية المصممة لتلبية احتياجات المستقبل، وغيرها من المميزات التي تجعل فرصة المدن القديمة مثل نيودلهي أو جاكرتا أو إسطنبول ضعيفة في منافسة الرياض على احتضان الألعاب الأولمبية، ما يفسر تفكير سيباستيان كو في اللجوء إلى الحلول الجاهزة بدلاً من البحث عن إعادة التأهيل وإصلاح ما أفسده الزمن.