علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

الثقة

استمع إلى المقالة

تعتبر الثقة في إدارة شركة مساهمة يتم تداول أسهمها في أي سوق من الأسواق المالية، عاملاً مُهماً في اختيار سهم الشركة وشرائه لغرض الاستثمار؛ ذلك أن المستثمر ينظر للإدارة على أنها أداة تحسن جميع المؤشرات التي يعتمد عليها المستثمر في اقتناء سهم الشركة، فإذا كانت الإدارة محل ثقة، فإن ذلك يعني تحسن مؤشرات الربحية وتقليل الهدر؛ أي ضبط المصاريف التشغيلية وزيادة الإيرادات، مما يعني زيادة هامش الربح، لذلك يسارع المستثمرون بالمساهمة في أي شركة جديدة يحظى مؤسسوها بالثقة لدى المستثمر.

وتأتي هذه الثقة من خلال السمعة التي يحظى بها المؤسسون لدى المستثمرين نتيجة تجارب سابقة في شركات أخرى ناجحة، لذلك حينما طُرحت شركة «بترورابغ» للاكتتاب العام، عام 2005، سارع المتعاملون في سوق الأسهم السعودية للاكتتاب بالشركة، وغُطي الاكتتاب المخصص للأفراد سريعاً، والسبب الثقة في المؤسسين، وهم شركة «أرامكو» السعودية وشركة «سوميتومو» اليابانية، فشركة «أرامكو» تحظى بالثقة لدى السعوديين، لذلك غُطي الاكتتاب أكثر من مرة، ما يدلل على مستوى الثقة المرتفع لدى المتعاملين في الشركتين. ولم تمضِ ثلاث سنوات، وهي المدة التي قدرها المتعاملون لإنهاء إنشاءات الشركة والبدء في الإنتاج، حتى وصل سعر سهم الشركة في منتصف عام 2008 ميلادية إلى 45 ريالاً (12 دولاراً) متضاعفاً 350 في المائة مقابل سعر الطرح؛ ولكن الشركة خيبت آمال المستثمرين لتدخل في مسلسل خسائر غير متوقع؛ إذ كان المستثمرون يتوقعون على الأقل هامش ربح منخفض بحكم طبيعة السلع المنتجة من قبل الشركة، لكن الأمور سارت عكس المتوقع. ولأن متعاملي الأسواق يقرأون مستقبل الشركة بشكل جيد بناء على الأداء التاريخي؛ تخلوا عن الاحتفاظ بسهم الشركة ليتراجع سهم الشركة وصولاً إلى 4.90 ريال (1.30 دولار) في يناير (كانون الثاني) 2016 ميلادية منخفضاً بنحو 50 في المائة مقارنة بسعر الطرح.

المتعاملون يعلمون أن شركة «أرامكو» لا يمكن أن تنجح في كل مشروع تدخل فيه مع علمهم بتوفر عوامل النجاح، وأهمها توفر الخبرة؛ لأنه من المستحيل لأي شركة أن تنجح في جميع مشاريعها مهما بلغت ضخامة الشركة وخبرتها، لكنِ المتعاملون يأخذون على المؤسسين تأخرهم في معالجة أوضاع الشركة وتسييرها نحو الربحية، فبعد نحو عشرين عاماً قامت «أرامكو» بشراء حصة من حصة شركة «سوميتومو» اليابانية لتسيطر بذلك على 60 في المائة من أسهم الشركة، وتصبح مالكة لأسهم الأغلبية، وتعلن في ذات الوقت أنها بصدد هيكلة استثمارات الشركة، وهو ما ينتظره حملة الأسهم من الأفراد رغم التأخير، راجين أن توفق «أرامكو» في إعادة هيكلة الشركة، لعل ذلك يعوض جزءاً من خسائرهم. ودمتم.