مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

إيران... ومكافأة إسحاق شامير

استمع إلى المقالة

قال الشاعر العاشق الشهير، قيس بن ذريح:

وخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ... لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا

فهذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ انقَضَت... فَما لِلنَّوى تَرمي بَليلي المَرامِيا؟

لمَ أذكر هذا الشعر العذري العربي الشفيف؟

خطر لي وأنا أستذكر تصريح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن هجوماً من إيران و«حزب الله» ضد إسرائيل يبدأ في وقت مبكر من الاثنين (الماضي) حسبما ذكرت 3 مصادر مطلعة على المكالمة لوكالة «أكسيوس».

اليوم (الأربعاء)، لم يحصل شيء «استثنائي» في الهجوم على إسرائيل، ما عدا خطبة نصر الله اللبناني، الذي أشاد فيها بصبره وصبر جماعته، وحسن «رويّتهم»!

هل يعني ذلك أن إيران وجماعاتها لن تبادر بإطلاق مسيّرات أو صواريخ، فائدتها الإعلامية أكثر من العسكرية؟! أو صورة أخرى من الردود (نتذكر تفجير المعبد اليهودي في بيونس آيرس مثلاً). أيضاً لا ندري. لكن هذه «الرويّة» الإيرانية تُشعر أن هناك مفاوضات لـ«تكسيب» إيران من هذا الصبر والحلم والأناة.

هذا ما تقوله تقارير عن وفود أميركية من إدارة بايدن زارت طهران لإقناع قادة النظام بعدم الردّ على إسرائيل، وإن كان لا بدّ من ردّ، فليكن محدوداً مدروساً يُشبع الشهيّة الإعلامية، ولا ينكأ عدواً!

ليس أميركا فقط، بل كشف مصدران إيرانيان بارزان لـ«رويترز» أن الرئيس الروسي بوتين طلب من المرشد خامنئي توخّي الحذر في ردّه على مقتل هنية، مضيفين أن «طهران تضغط على موسكو من أجل تسليمها طائرات مقاتلة من طراز (سو 35)»، وهناك أنباءٌ عن أن طهران طلبت من موسكو أنظمة دفاع جوي متطورة، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».

يعني أن امتناع إيران عن الردّ «الكبير» على إسرائيل سيفيدها أكثر من الردّ نفسه!

هذا إذا افترضنا أن الردّ الإيراني سيختلف عن الردّ السابق بعد هجوم إسرائيل على قنصلية إيران بدمشق. ألا يذكّر هذا الموقف الإيراني بموقفٍ سابق لإسرائيل نفسها، لكن قبل نحو 33 عاماً؟

يناير (كانون الثاني) 1991، شنّ العراق بأمر صدام حسين هجمات صاروخية على إسرائيل. معظمها على تل أبيب وحيفا، كان ضحيتها قتيلان وبضعة جرحى.

لاحقاً، وأثناء جدلٍ سياسي حكومي إسرائيلي حول الردّ على العراق، تلقّى إسحاق شامير، رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، وهو من اليمين مثل نتنياهو، ضغوطاً من الرئيس الأميركي بوش الأب للامتناع عن الردّ. وافق شامير وكسب كثيراً فيما بعد. حسب الوثائق الإسرائيلية المُعلنة جرى هذا الاتصال بين بوش الأب وشامير:

«أعلم أنك تحت ضغط كبير، أعلم أنك تتعرض للاستفزاز، أتفهم وضعك، لكن مع ذلك أطلب منك عدم اتخاذ أي خطوة».

هل يقوم بايدن اليوم بنفس دور بوش بالأمس، لكن مع قائد إيران هذه المرة، وليس قائد إسرائيل، بنفس إغراءات الصفقة الأولى عام 1991؟