الرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية تنقذان مئات الآلاف من صغار الأطفال

«الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية 2024»

الرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية تنقذان مئات الآلاف من صغار الأطفال
TT

الرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية تنقذان مئات الآلاف من صغار الأطفال

الرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية تنقذان مئات الآلاف من صغار الأطفال

يحتفل الوسط الطبي في دول العالم بفعالية الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية 2024 (World Breastfeeding Week (WBW)) في الفترة من 1 إلى 7 أغسطس (آب) سنوياً. ويهدف هذا الأسبوع إلى تشجيع الرضاعة الطبيعية وتحسين صحة الرضّع في أنحاء العالم، وأيضاً إلى تقوية الروابط بين الرضاعة الطبيعية والبيئة، وترسيخ الرضاعة الطبيعية كقرار ذكي تتخذه كل أسرة.

تغذية الرضّع وصغار الأطفال

تغذية الرضّع وصغار الأطفال من العوامل الرئيسية لتحسين حياة الأطفال وتعزيز نموهم ونمائهم بشكل صحي. ويكتسي العامان الأوّلان من حياة كل طفل أهمية خاصة، حيث تمكّن التغذية المثالية أثناء تلك الفترة من خفض معدلات المراضة والوفاة، والحدّ من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وتحسين نماء الطفل عموماً.

والواقع أنّ الممارسات المثلى في مجالي الرضاعة الطبيعية والتغذية التكميلية تكتسي أهمية بدرجة تمنحها القدرة على إنقاذ أرواح 800 ألف طفل دون سن الخامسة كل عام.

وتشير اتفاقية حقوق الطفل إلى أنّ لكل رضيع وطفل الحق في تغذية جيدة، حيث يقف نقص التغذية وراء 45 في المائة من وفيات الأطفال، ويعاني 52 مليون طفل دون سن الخامسة من الهزال، و17 مليون طفل من الهزال الوخيم، و155 مليون طفل من التقزم، في حين يعاني 41 مليون طفل من فرط الوزن أو السمنة.

ولا يتلقى، إلا قليل من الأطفال، الأغذية التكميلية المأمونة والمناسبة من الناحية التغذوية؛ وفي كثير من البلدان لا يستوفي إلا أقل من ربع الأطفال من الفئة العمرية 6 - 23 شهراً ممّن يرضعون لبن أمهاتهم المعايير الخاصة بتنويع النظام الغذائي وتواتر التغذية المناسبة لأعمارهم.

الرضاعة الطبيعية

تُعد الرضاعة الطبيعية إحدى أفضل الطرق فاعلية لضمان صحة الطفل وبقائه على قيد الحياة، وتُعدّ واحدة من أفضل الاستثمارات لإنقاذ حياة الرُّضع، خصوصاً تحسين التنمية الصحية والاجتماعية والاقتصادية للأفراد والأمم. لذا يُحتَفَل خلال الأسبوع الأول من أغسطس (آب) بالرضاعة الطبيعية سنوياً؛ لحماية وتعزيز ودعم الرضاعة الطبيعية التي تخلق بيئة مناسبة للرُّضع والأطفال. وبصفة عامة، تحسين أنماط تغذيتهم خلال الأوقات العادية، وفي حالات الطوارئ؛ لضمان تلبية احتياجاتهم الغذائية. ومع ذلك، وعلى عكس توصيات منظمة «الصحة العالمية»، فإن أقل من نصف الرضّع دون سن 6 أشهر يرضعون رضاعة طبيعية حصرية.

حليب الأم هو الغذاء المثالي للرضع. فهو مأمون ونظيف ويحتوي على الأجسام المضادة التي تساعد في الوقاية من كثير من أمراض الطفولة الشائعة. ويمدّ حليب الأم الرضيع بكل ما يحتاجه من طاقة وعناصر مغذية في الأشهر الأولى من عمره، ويستمر في توفير ما يقارب نصف الاحتياجات الغذائية للطفل أو أكثر من ذلك خلال النصف الثاني من السنة الأولى من عمره، وما يصل إلى الثلث خلال السنة الثانية من عمره.

ويُلاحظ أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية يحققون نتائج أفضل في اختبارات الذكاء، ويكونون أقل عرضة لفرط الوزن أو السمنة وأقل عرضة للإصابة بالسكري في وقت متقدم من العمر. كما تنخفض الإصابة بسرطان الثدي وسرطان المبيض لدى النساء اللاتي يرضعن رضاعة طبيعية.

إن نقص دعم الرضاعة الطبيعية، خلال الأسبوع الأول الحرج من حياة المولود، يؤثر سلباً على صحة حديثي الولادة من الرضع والأطفال الصغار ويجعلهم أكثر عرضة لخطر سوء التغذية والوفيات.

شعار هذا العام

لقد اختير شعار هذا العام: «إغلاق الفجوة لدعم الرضاعة الطبيعية للجميع Closing the Gap, Breastfeeding Support for All» من قبل التحالف العالمي من أجل الرضاعة الطبيعية (WABA). ويحظى هذا الشعار بدعم مختلف أصحاب المصلحة الذين يكافحون من أجل دعم الرضاعة الطبيعية في أوقات الأزمات وحالات الطوارئ في جميع أنحاء العالم. وتعدّ الرضاعة الطبيعية أمراً بالغ الأهمية في أوقات الأزمات، ويحتاج الآباء إلى دعم الرضاعة الطبيعية لضمان بقاء الأطفال على قيد الحياة.

ويأتي الاحتفال إحياءً لذكرى إعلان إينوشينتي (Innocenti) المُوَقَّع في أغسطس (آب) 1990 من قِبَل واضعي السياسات الحكوميين. ومنذ ذلك التاريخ، اهتمت منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) ومنظمات أخرى تحمي وتشجع وتدعم الرضاعة الطبيعية، بموضوعات مهمة شملت أنظمة الرعاية الصحية، المرأة والعمل، المدونة الدولية لتسويق بدائل لبن الأم، دعم المجتمع والبيئة والاقتصاد والعلوم والتعليم، وحقوق الإنسان.

ومنذ عام 2016، تماشت أهداف الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية (WBW) مع أهداف التنمية المستدامة.

وفي عام 2018، أقرت جمعيةُ الصحة العالمية الرضاعةَ الطبيعية باعتبارها استراتيجية مهمة لتعزيز صحة الأطفال، وأن الرضاعة الطبيعية من أكثر الوسائل الفعالة لضمان صحة الطفل وسلامته، وأن حليب الأم يُعد المصدر الأمثل لتغذية الطفل، وهو كذلك المصدر الآمن الذي يحتوي على أجسام مضادة تساعد في الوقاية من أمراض عديدة.

سوء التغذية

يشير مصطلح «سوء التغذية» إلى أوجه القصور أو الزيادات المفرطة أو الاختلالات في مدخول الفرد من الطاقة و/أو المغذيات.

ويتسبب نقص التغذية في ما يقارب نصف وفيات الأطفال دون سن الخامسة، وهي وفيات تقع معظمها في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. ويخلف العبء العالمي لسوء التغذية عواقب إنمائية واقتصادية واجتماعية وطبية خطيرة ودائمة على الأفراد وأسرهم، وكذلك المجتمعات المحلية والبلدان. (منظمة الصحة العالمية)

يتناول مصطلح سوء التغذية (4) مجموعات كبيرة من الحالات، هي:

* أولاً: نقص التغذية، وله أشكال فرعية، هي:

-الهزال، (انخفاض الوزن بالنسبة للطول). ويشير عادة إلى فقدان الوزن الشديد بسبب عدم حصول الشخص على كمية كافية من الطعام لكي يتناوله و/أو إصابته بمرض معدٍ، مثل الإسهال، ما يتسبب في فقدان الوزن. وتزداد خطورة التعرض للوفاة لدى الطفل الصغير الذي يعاني من الهزال المعتدل أو الوخيم، ولكن علاجه ممكن.

- التقزم، (قصر القامة بالنسبة للعمر). ينجم عن نقص التغذية المزمن أو المتكرر ويرتبط عادة بسوء الظروف الاجتماعية والاقتصادية، و/أو اعتلال صحة الأم وسوء تغذيتها، و/أو المرض المتكرر، و/أو قصور تغذية ورعاية الرضع وصغار الأطفال في مرحلة مبكرة من عمرهم. ويحول التقزم دون استفادة الأطفال من إمكاناتهم الجسدية والمعرفية.

- نقص الوزن، (انخفاض الوزن بالنسبة للعمر). قد يُصاب الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن بالتقزم أو الهزال أو بكليهما.

* ثانياً: سوء التغذية المرتبط بالمغذيات الدقيقة. يشمل حالات النقص أو الزيادة المفرطة في المغذيات الدقيقة (الفيتامينات والمعادن). يمثل نقصها تهديداً كبيراً لصحة السكان ونمائهم في أنحاء العالم بأسره، وخصوصاً الأطفال والحوامل في البلدان المنخفضة الدخل.

وتمكّن المغذيات الدقيقة الجسم من إنتاج الإنزيمات والهرمونات والمواد الأخرى الضرورية للنمو والنماء بشكل سليم. ويعدّ فيتامين أ (A) واليود والحديد من أهم العناصر بالنسبة للصحة.

• ثالثاً: زيادة الوزن والسمنة. تعبر زيادة الوزن والسمنة عن وزن الشخص عندما يكون ثقيلاً جداً بالنسبة لطوله. ويمكن أن يؤثر تراكم الدهون بشكل غير طبيعي أو مفرط في جسم الفرد على صحته.

ولتصنيف معدلات زيادة الوزن والسمنة يُستعمل مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو وزن الشخص بالكيلوغرامات مقسوماً على مربع طوله بالأمتار (كلغم/م2). لدى البالغين. وتعني كتلة الجسم 25 أو أكثر زيادة الوزن، بينما تعني 30 أو أكثر السمنة. أمّا فيما يخص الأطفال والمراهقين، فتختلف عتبات مؤشر كتلة الجسم لحساب زيادة الوزن والسمنة باختلاف أعمارهم.

وتنجم زيادة الوزن والسمنة عن اختلال التوازن بين كمية الطاقة المُتناولة (كبيرة جداً) وكميتها المُستهلكة (قليلة جداً). وعلى الصعيد العالمي، يستهلك الناس أطعمة ومشروبات حاوية على كميات كبيرة من الطاقة (نسبة عالية من السكريات والدهون) وينخرطون في ممارسة النشاط البدني بمعدلات أقل.

• رابعاً: الأمراض غير السارية المرتبطة بالنظام الغذائي. من أهمها أمراض القلب والأوعية الدموية (مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية الناجمة غالباً عن ارتفاع ضغط الدم)، وبعض أنواع السرطان، وداء السكري. وتعد النظم الغذائية غير الصحية وحالات سوء التغذية من بين أهم عوامل خطر الإصابة بهذه الأمراض على صعيد العالم.

حليب الأم الغذاء المثالي للرضع ويقي من أمراض الطفولة الشائعة

توصيات عالمية

توصيات منظمة «الصحة العالمية» و«اليونيسيف»:

- التبكير بتوفير الرضاعة الطبيعية، أي في غضون الساعة الأولى بعد الميلاد.

- الاقتصار على الرضاعة الطبيعية طيلة الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل.

- الشروع، بدءاً من الشهر السادس، في إعطاء الطفل أغذية تكميلية مأمونة ومناسبة من الناحية التغذوية، مع الاستمرار في إرضاعه طبيعياً حتى بلوغه عامين من العمر أو أكثر من ذلك.

غير أنّ كثيراً من الرضّع والأطفال لا يتلقون التغذية المثلى؛ ومن الأمثلة على ذلك أنّ هناك، في المتوسط، نحو 36 في المائة من الرضّع من الفئة العمرية 0 - 6 أشهر ممّن لا يُغذون إلا عن طريق الرضاعة الطبيعية.

يمكن أن تكون الرضاعة الطبيعية بمثابة المساواة في كل المجتمعات، ويجب بذل الجهود لضمان حصول الجميع، خصوصاً المجموعة الضعيفة، على دعم وفرص الرضاعة الطبيعية. إن حماية وتعزيز ودعم الرضاعة الطبيعية يعالج أوجه عدم المساواة ويخفف من التفاوتات الاجتماعية التي تقف في طريق التنمية المستدامة.

• استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية»: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة

طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)
طفل مصاب بجدري القردة يتلقى الرعاية الصحية (أ.ب)

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم الجمعة، إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة.

وعقدت لجنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً في جنيف، اليوم الجمعة، لتقرير ما إذا كان فيروس جدري القردة «إمبوكس» لا يزال يمثل أزمة صحية عالمية.

وتجتمع اللجنة، التي تضم نحو 12 خبيراً مستقلاً، كل ثلاثة أشهر، بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية، في أغسطس (آب) الماضي، حالة طوارئ صحية بسبب انتشار فيروس جدري القردة في القارة الأفريقية.

وتبحث اللجنة حالياً في سبل مواجهة سلالة جديدة من الفيروس تسمى «كليد 1 بي»، انتشرت من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد تكون أكثر خطورة ومُعدية بشكل أكبر.

وقالت منظمة الصحة العالمية إنه جرى رصد أكثر من 50 ألف حالة مشتَبه بها من جدري القردة في البلدان الأفريقية، هذا العام، مع أكثر من 1800 حالة وفاة. ومن بين الإصابات جرى اكتشاف 12 ألف حالة في المختبرات.

وتعتزم منظمة الصحة العالمية تقديم تفاصيل حول نتائج مشاورات اللجنة، مساء اليوم الجمعة.