الرضاعة الطبيعية تحمي المواليد من «نقص الانتباه وفرط النشاط»

الرضاعة الطبيعية تحمي المواليد من «نقص الانتباه وفرط النشاط»
TT

الرضاعة الطبيعية تحمي المواليد من «نقص الانتباه وفرط النشاط»

الرضاعة الطبيعية تحمي المواليد من «نقص الانتباه وفرط النشاط»

على ما يبدو أن فوائد الرضاعة الطبيعية لا تنتهي ورغم وجود آلاف الدراسات التي تحبذ وتحث الأمهات على الرضاعة الطبيعية لما لها من فوائد للجنين والأم معاً، فإن هناك فوائد دائماً يتم اكتشافها مع كل دراسة جديدة تتناول هذا الموضوع.
آخر الدراسات دراسة نشرت في منتصف شهر يوليو (تموز) من العام الجاري في مجلة الرابطة الطبية الأميركية JAMA Network Open التي أشارت إلى احتمالية أن يكون الأطفال الخُدج الذين تمت ولادتهم قبل موعدهم (المبتسرين) ويتناولون لبن الأم عن طريق الرضاعة، أقل عرضة للإصابة بمرض نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، كما أنهم يتفوقون دراسياً.
أطفال خدج
ولكي نعرف أهمية الدراسة يجب في البداية ذكر أن الأطفال الخدج أكثر عرضة من أقرانهم للإصابة بمرض نقص الانتباه بنسبة تبلغ ثلاثة أضعاف، وكذلك عرضة للأداء الدراسي السيئ خصوصاً في مادة الرياضيات. ورغم أن الولادة المبكرة ليست سبباً رئيسياً لحدوث مرض نقص الانتباه فإنها من العوامل المهمة لحدوثه.
وعلى سبيل المثال هناك طفل من كل 20 طفلاً في أستراليا بما يعادل 5 في المائة من مجموع الولادات، يعاني من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وتزيد النسبة لتصل إلى 11 في المائة في الأطفال المولودين قبل موعدهم بشكل كبير جداً (أقل من 32 أسبوعاً).
> قام الباحثون بفحص بيانات 586 طفلاً خديجاً وجميعهم تمت ولادتهم قبل 33 أسبوعاً من الحمل وذلك من خمسة مستشفيات للولادة في أستراليا. وأيضاً قاموا بمعرفة مدة الرضاعة الطبيعية من عدمها وكمية لبن الثدي التي يحصل عليها كل طفل من خلال الرضاعة الطبيعية. وتم سؤال الأمهات عن المدة الزمنية التي استمرت فيها الأم في الرضاعة وإذا كانت تعتمد على الرضاعة فقط أم تلجأ إلى الرضاعة الصناعية وأيضاً إذا كانت هناك فترات انقطاع عن الرضاعة لسبب أو لآخر.
وكانت النتيجة بشكل عام تحسُّن جميع الأطفال الذين رضعوا بشكل طبيعي من لبن الأم. وأيضاً وجد الفريق البحثي أن تناول كميات أكبر من لبن الأم وفترات رضاعة وصلت إلى 18 شهراً كان مرتبطاً بشكل مباشر بارتفاع معدل الذكاء IQ عند هؤلاء الأطفال حينما وصلوا إلى المرحلة الدراسية وتميزوا في الأداء الدراسي وحصلوا على درجات جيدة في العلوم المختلفة وخصوصاً القراءة والتهجئة والرياضيات في عمر السابعة على وجه التقريب.
وذكرت الأمهات أيضاً أن الأطفال المصابين بنقص الانتباه الذين حصلوا على فترات أطول من الرضاعة تحسنت لديهم الأعراض جداً عن الآخرين بجانب عدد كبير ممن شملتهم الدراسة لم تحدث لهم أعراض المرض من الأساس. نصحت الدراسة الأمهات بالقيام بالرضاعة الطبيعية مهما كان عمر الرضيع صغيراً ما دام لم يكن محجوزاً في الحضانة أو في حالة أن يكون الطفل أو الأم أحدهما يعاني من مرض معين يمنع الرضاعة خاصة لأن الأطفال الخدج يكونون أكثر عرضة لحدوث أنواع مختلفة من العدوى لعدم نضج جهازهم المناعي بعد.
دفاعات مناعية
وكما هو معروف فإن لبن الأم يحتوي على دفاعات مناعية متعددة أشبه بالمضادات الحيوية الطبيعية التي تحافظ على الرضيع، بجانب احتواء لبن الأم على هرمونات ومواد مغذية تساعد في النمو الذي يحتاجه الرضيع الخديج بشكل خاص.
وأوضحت الدراسة أنه عندما يكون الرضيع مريضاً ولا يتمكن من الرضاعة من الثدي بشكل مباشر (حيث تمثل عملية الرضاعة عبئاً عليه) في البداية، ففي هذه الحالة يجب أن تقوم الأم بالبدء في إفراغ اللبن بانتظام عن طريق تدليك الثدي في أقرب وقت ممكن بعد الولادة وهو أمر ضروري يساعد في زيادة إدرار اللبن كما أنه يحمي الأم من حدوث خراج في الثدي نتيجة لتراكم اللبن في الغدد اللبنية الخاص. وعندما يتم شفاء الطفل أو يكتسب وزناً أكبر يجب البدء في الرضاعة الطبيعية بشكل فوري.
وذكرت الدراسة أن اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط يأتي نتيجة لحدوث خلل في المستقبلات العصبية التي تنتقل الأوامر والأحاسيس العصبية المختلفة في القشرة المخية prefrontal cortex وهي الجزء المسؤول عن التحكم في العواطف المختلفة مثل الاندفاع، وهو ما يجعل الأطفال المصابين دائمي الحركة ولا يستطيعون السيطرة على نشاطهم المفرط. ويحتوي لبن الثدي على أحماض دهنية fatty acids تحسن من وظائف الناقلات العصبية وتساعد على نمو وتطور المخ.
وبجانب ذلك يعتقد العلماء أن الرابط النفسي بين الأم والرضيع من خلال الرضاعة يساعد في النمو النفسي بشكل سليم ما يحد من عوامل حدوث المرض، وأكدت الدراسة أن الرضاعة لا تمنع حدوث المرض ولكن تسهم في تقليل احتمالية حدوثه لأن هناك العديد من العوامل الأخرى المؤدية إلى حدوثه ولا يمكن تفاديها مثل العوامل الوراثية والمستوى الاجتماعي والثقافي للأسرة والبيئة المحيطة ولذلك فإن حرص الأم على ممارسة الرضاعة يمثل نوعاً من الحماية المضافة للطفل.
في النهاية شددت الدراسة على ضرورة أن تقوم كل الأمهات بممارسة تقديم الرضاعة الطبيعية على الأقل لمدة 6 شهور حسب توصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، ويجب على المجتمع أن يساعد في تشجيع الأم العاملة على إرضاع طفلها بدون الخوف من فقدان وظيفتها وعمل التوازن اللازم بين العمل والحفاظ على صحة رضيعها وعدم الاعتماد على اللبن الصناعي إلا إذا كان الطفل في احتياج له لمرض وراثي معين.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
TT

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)
صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن الأدوية قد تقلل من خطر تدهور الكلى وفشلها، بغض النظر عما إذا كان الشخص مصاباً بمرض السكري أم لا.

ووفقاً للبحث، كان الانخفاض الإجمالي في خطر الفشل الكلوي وتدهور وظائف الكلى والوفاة بسبب أمراض الكلى بنسبة 19 في المائة.

وتُعرف هذه الأدوية باسم «محفزات مستقبلات (جي إل بي - 1)»، وهي تحاكي عمل هرمون يسمى «الببتيد» الشبيه بـ«الجلوكاغون 1»، والذي يحفز إنتاج الإنسولين ويخفض مستويات السكر في الدم، وقد تم تطويرها في الأصل لعلاج مرض السكري.

ومؤخراً، ظهرت هذه الأدوية علاجات فعالة للسمنة، وإبطاء عملية الهضم، وزيادة الشعور بالشبع وتقليل الجوع.

وقال المؤلف الرئيس للدراسة البروفسور سونيل بادفي، زميل معهد جورج للصحة العالمية وجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، إن الدراسة وسعت المعرفة الحالية حول الأدوية في مجالات رئيسة، بما في ذلك الفوائد للأشخاص المصابين بأمراض الكلى المزمنة، والأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به.

وقال بادفي: «هذه هي أول دراسة تظهر فائدة واضحة لمستقبلات (جي إل بي - 1) في الفشل الكلوي أو مرض الكلى في المرحلة النهائية، مما يشير إلى أنها تلعب دوراً رئيساً في العلاج الوقائي للكلى والقلب للمرضى الذين يعانون من حالات طبية شائعة مثل مرض السكري من النوع الثاني، أو زيادة الوزن أو السمنة مع أمراض القلب والأوعية الدموية».

وتابع المؤلف الرئيس للدراسة: «هذه النتائج مهمة بشكل خاص للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة. إنه تقدم يؤدي في النهاية إلى الفشل الكلوي الذي يتطلب غسيل الكلى أو زرع الكلى، والمرتبط بالوفاة المبكرة، ومعظمها بسبب أمراض القلب. ولها تأثير كبير على نوعية حياة المرضى وتتسبب في تكاليف رعاية صحية كبيرة».

وفي الدراسة التي نشرت بمجلة «لانسيت»، أجرى الباحثون تحليلاً لـ11 تجربة سريرية واسعة النطاق لمستقبلات «جي إل بي - 1» شملت ما مجموعه 85373 شخصاً.

وتم التحقيق في 7 مستقبلات «جي إل بي - 1» مختلفة من بين التجارب، بما في ذلك «سيماغلوتيد» (semaglutide) بصفته دواءً لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، وجرى تسويقه لأول مرة باسم «أوزمبيك».

وأظهرت النتائج أنه مقارنة بالأدوية الوهمية، فإن مستقبلات «جي إلى بي - 1»، قللت من خطر الفشل الكلوي بنسبة 16 في المائة، وتدهور وظائف الكلى بنسبة 22 في المائة.

وأكد التحليل أيضاً النتائج السابقة التي تفيد بأن الأدوية تحمي صحة القلب، مع انخفاض بنسبة 14 في المائة بخطر الوفاة القلبية، والنوبات القلبية غير المميتة، والسكتة الدماغية غير المميتة، مقارنة بالدواء الوهمي. وكانت الوفاة لأي سبب أقل بنسبة 13 في المائة بين المرضى الذين عولجوا بمستقبلات «جي إل بي - 1».

وقال البروفسور فلادو بيركوفيتش، زميل الأستاذ في معهد جورج، وعميد جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني والمشارك في الدراسة: «يُظهر هذا البحث أن مستقبلات (جي إل بي - 1) يمكن أن تلعب دوراً مهماً في معالجة العبء العالمي للأمراض غير المعدية». وأردف: «سيكون لدراستنا تأثير كبير على المبادئ التوجيهية السريرية لإدارة أمراض الكلى المزمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بالسكري وغير المصابين به».

وتابع بيركوفيتش: «هناك حاجة الآن إلى مزيد من العمل لتطبيق نتائج هذه الدراسة في الممارسة السريرية وتحسين الوصول إلى مستقبلات (جي إل بي - 1) للأشخاص الذين سيستفيدون منها».