وصل الفريق الوطني المغربي إلى محطة دور ربع نهاية «مونديال قطر»، محطة جِد متقدمة، وضعته ضمن الثمانية الكبار، على مستوى خريطة كرة القدم العالمية.
بهذا الدور، هناك مفترق طرق رئيسي واضح المعالم ومحدد الغايات؛ إما مواصلة مسار التألق والإبهار، وإضافة أسماء أخرى لقائمة الضحايا، وإما التوقف والمغادرة برأس مرفوعة، يكفيهم فخراً تقديم عروض، غطّى سحرها بكل الربوع والآفاق، وأصبحت حديث الساعة، مهما اختلف الفارق الزمني، فالكل خرج في توقيت واحد، في يوم واحد، وفي نفس اللحظة الفارقة، ينشد الفرحة ويرفع علامة النصر.
نضع في الحسبان في سياق هذا الموضوع التقديمي، فرضية المغادرة وتوقف المشوار، إلا أن مجرد التفكير فيه مسبقاً يجعلك تحس بحرقة من الداخل، فكلنا أمل في استمرار هذا الجيل بنفس الإبهار والتوهج، وهو يوزع بسخاء لحظات سعادة غير مسبوقة.
الأسود يؤدون الرسالة على أكمل وجه، كسبوا التقدير والإعجاب، نالوا شهادات الاستحقاق بكل لغات العالم، ويكفيهم فخراً تكسير أسطورة الكبار الذين لا يُقهرون، بدأها المنتخب السعودي بهزم أرجنتين ميسي، وعززها انتصار تونس على فرنسا بطلة العالم، وجاء المغاربة ليكملوا المهمة بكثير من الاقتدار.
بمحطة الانتظار، هناك منتخب برتغالي تعاظم طموحه، بعد فوز كاسح على حساب فريق سويسري، اختلّت فجأة دقة ساعته، تواضع أصدقاء شاكيري، بشكل لا يليق بمنتخب يمثل القارة الأوروبية.
طموح البرتغاليين يجسده شيخ تجدد شبابه، متكئ على نتائج نالت علامات الرضا عن النفس، ترجمها فرناندو سانتوس إلى مغامرة، بعدما أقنع نفسه بإمكانية اتخاذ قرار مثير للاستغراب، استغنى عن خدمات نجم كبير اسمه كريستيانو رونالدو، في خطوة لم تكن منتظرة بكل هذه القسوة، وسط أجواء مونديال لافت للأنظار... خطوة يمكن أن تكون لها تبِعات تربك تماسك «برازيل أوروبا».
وكالعادة، سيدخل الأسود المواجهة لمواصلة كتابة التاريخ وتسطير بنود ملحمة فجّرت لحظات سعادة عارمة ستظل راسخة في الأذهان، اعتزت بها الشعوب العربية، وكل مكونات الجبهة الأخرى عبر العالم، المعارضة لاستمرار النظرة الدونية، والطامحة إلى إلغاء نظريات الأحكام الجاهزة.
مواصلة ملحمة المونديال ممكنة التحقيق؛ شريطة التغلب على خصم حقيقي، يتمثل في العياء وكثرة الأعطاب، وتسرب الخوف من عدم تمكن ركائز خط الدفاع من المشاركة بمباراة السبت.
والأكيد أن الهاجس الأول الذي يشغل بال المدرب المغربي وليد الركراكي قبل إعداد استراتيحية اللعب، يتجلى في التفكير في إيجاد حلول بديلة، مع العلم بأن قِطع الغيار الجاهزة للاستعمال موجودة، إلا أن هناك إشكالاً يتمثل في تفاوت المستوى وقلة التنافسية.
سيشهد ملعب الثمامة عرضاً آخر لأسود الأطلس، سيحضر الجمهور كعادته بكثافة وقوة وإثارة وندّية، ستشد الأنظار من كل الأرجاء نحو قطر المضيافة، على أمل استمرار الحلم الذي لا نريد أن نستفيق منه، ونحن نردد بصوت واحد مقطعاً من الأوبريت «الحلم العربي»... العمل الغنائي المجسد فنياً لطموحنا المشترك:
«ده حلمنا طول عمرنا حضن يضمنا كلنا كلنا...».
TT
«الحلم العربي...»
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة