هذا المونديال فيه الكثير من المتعة، والمفاجآت، والدراما. ومن ذلك فوز السعودية على الأرجنتين، ثم أداء الأخضر أمام بولندا ولكن النهاية كانت الخسارة بهدفين، بعدما أهدر الدوسري ضربة جزاء كانت بمثابة نقطة فارقة في اللقاء الذي شهد سيطرة سعودية لا سيما في الشوط الثاني، فالحماس كان شديدا، وهو ما صنع في كثير من الأحيان زحاما داخل صندوق بولندا دون انتشار وتركيز من جانب لاعبي الأخضر، والعجيب حقا أن الفريق مطالب بالسيطرة قليلا على الحماس الذي يتحول أحيانا إلى اندفاع.
ومن مذاق المتعة في البطولة عدة مباريات منها إسبانيا مع ألمانيا، وقد شهدت صراعا سريع الإيقاع، «حتى أخرج نيكلاس فولكروج اللاعب الدولي منذ 13 يوما فقط ألمانيا من حفرة عميقة بهدف قاتل في مرمى إسبانيا، كما قالت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية، وهو الهدف الذي كان طوق النجاة للألمان. ومن المباريات التي شهدت إثارة فائقة، لقاء الكاميرون مع صربيا، وغانا مع كوريا الجنوبية. والمغرب مع بلجيكا.
وكان انتصار أسود الأطلس على أحد أهم المنتخبات المصنفة، انتصاراً للكرة العربية التي أجادت في الجولتين الأولى والثانية، مما فتح باب الطموح والأمل على مصراعيه، فمن لا يأمل في فوز السعودية على المكسيك للمضي قدما إلى دور الستة عشر وهو الاختيار الذي يملكه الأخضر بأقدام لاعبيه دون الانتظار لنتيجة مباراة الأرجنتين وبولندا، وذلك بممارسة الضغط نفسه على لاعبي المكسيك، وخاصةً هيرفينج لوزانو، وفيجا، وثلاثي الوسط أندريس خواردادو، وهيكتور هيريرا، ولويس شافيز، وحتى لو اختلف تشكيل المكسيك وتبدلت أسماء، فإن هناك قواعد أساسية في اللعبة يجب ممارستها على هذا المستوى العالمي. فقد كان من أهم أسلحة الأخضر في مباراتيه السابقتين هذا الضغط وسرعة استخلاص الكرة، مما يحرم المنافس من بناء الهجمات. وربما يعاني المنتخب السعودي من غياب عبد الإله المالكي ومحمد البريك وهما من العناصر المهمة، لكن الفريق لديه قائمة غنية بالمهارات يمكنها تعويض هذا الغياب.
وستمضي الكرة العربية في مسيرتها، في هذا المونديال الذي يجب أن يكون فاصلا ونقطة انطلاق في مواجهة المنتخبات الأوروبية واللاتينية، فلم تعد تلك الفرق أشباحا تصعب هزيمتها. ولذلك نثق في أن الملايين من الجماهير في الوطن العربي، ينتظرون فوز السعودية على المكسيك، وتفوق المغرب على كندا فيما بعد، وأن يحقق نسور قرطاج مفاجأة المفاجآت بالفوز على فرنسا، وهو أمر، في الواقع، شديد الصعوبة لقوة الديك الفرنسي، لكن لا مستحيل في كرة القدم، فلم تعد هناك تلك الحيتان القادرة على اجتياح من يواجهها في بحر كأس العالم، وهو ما أشارت إليه مجموعة الدراسات الفنية في الفيفا التي تحلل مباريات البطولة، باعتبار أن التطور في اللعبة بات ملموسا في الكثير من البلدان والمنتخبات، خاصة بعد أن تنوعت المهارات المطلوبة في أساليب الكرة الحديثة. مثل السرعة والانضباط والدقة والالتزام والتحرك بالكرة وبدونها، والضغط على الخصم، وروح الفريق والمساندة، والدفاع الصارم، والهجوم الشرس. ففي أزمنة مضت كانت المهارات الفريدة والفردية للاعبي البرازيل كافية لحسم مباريات، إلا أن الكرة الآن أصبحت بين فريق يلعب كرة جماعية وبه مجموعة مواهب، وليست بين لاعبين يملكون موهبة فردية رائعة، لكنهم مجرد فريق لا يلعب كرة جماعية...
8:7 دقيقه
TT
مونديال المتعة والمفاجآت والدراما
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة