أحمد شوبير
TT

هنا المونديال

«مونديال العرب»... الاسم الأعمق لبطولة كأس العالم النسخة القطرية العربية التي أتوقع أن تكون أفضل نسخة تاريخياً لأسباب كثيرة جداً... حجم إنفاق وتركيز وعمل على مدار أكثر من 10 سنوات. بنية تحتية. ملاعب بتصميمات مختلفة ومتنوعة. مناطق خاصة بفعاليات الجماهير. ترحيب بالجميع. ترتيب أوراق بشكل منظم ودقيق... يمنحك يقيناً بأن النسخة الحالية لكأس العالم ستكون مختلفة، بل مختلفة جداً.
حفل افتتاح يتم التجهيز له من أكثر من سنة كاملة... تدريب على كل كبيرة وصغيرة. تفاصيل دقيقة ومتناغمة تعكس حجم الجهد المبذول في رسم هذه اللوحة المونديالية الفريدة. فهنيئاً للعرب بـ«مونديال العرب».
ما أعجبني أكثر هو إصرار الإخوة القطريين على التمسك بفكرة تعزيز الثقافة العربية والكرم العربي في كل مكان يوجد فيه أي متابع للمونديال عربياً كان أو غير عربي... فعاليات وكتيبات ومناقشات ثقافية ولقاءات احتفالية؛ لمزج الجميع في قالب واحد تحت عنوان واحد: «الكرة تجمعنا... ونحن بكرة القدم عالم واحد». كذلك لم ينسَ «الفيفا» من جانبه التأكيد على أن كأس العالم فرصة لنشر السلام، ووقف كل ألوان العداء والاعتداء والتنمر والعنصرية... خلاصة النسخة الحالية للمونديال أنها نسخة فريدة ينطق بنجاح ترتيباتها العالم كله بكل اللغات، رغم محاولات التشويه التي لم تفلح بعدما تصدى لها الواقع بكل ما فيه من آليات النجاح ومعطيات الإبداع، تحت شعار المحبة والترحيب، وعلى نغمات أغنية المونديال «ارحبوا»، بما تحمله معانيها من فتح العربي - كل عربي - لذراعي السلام والأمن والأمان لكل زائر ومحب ومتابع.
نجح المشرفون على التنظيم كذلك في نقل فكرة المنافسة فوق المستطيل الأخضر إلى معنى التنافس الأشمل والأعم في تقديم كل ما هو جميل من كل صوب وحدب... فغنى اليمن وشدا الأردن وردد الكورال المصري النغمات، وأرسل العراق «باص» الخليج إلى الدوحة في تظاهرة محبة كبيرة؛ فكانت اللوحة العربية باهرة لفتت أنظار العالم أجمع نحو فكرة كروية عربية جديدة ستبقى محفورة للأبد في ذاكرة التاريخ.
لو أردنا رصد التفاصيل لاحتجنا إلى مجلدات، لكنها العناوين التي تعكس ما بين سطورها معاني عميقة لكل مناحي المحبة والإنسانية... فذوو الهمم لهم دور ومكان، وضعاف السمع والبصر لهم معلقوهم وواصفو المباريات لهم بصورة هي الأولى من نوعها عبر كل النسخ المونديالية تاريخياً... وهذا كله سترصده وتنقله شاشات وبرامج وإذاعات ومنصات سوشيال مختلفة ومتنوعة في كل بقاع العالم، عبر ما لا يقل عن 20 ألف إعلامي يتابعون وينقلون الحدث لحظة بلحظة، صوتاً وصورة، لتبقى في النهاية النسخة العربية للمونديال مختلفة، وذات نكهة خاصة جداً ستدفع العالم حتماً إلى تغيير النظرة النمطية الأزلية للمنطقة بأسرها إلى معنى جديد ومختلف.
ولا يبقى سوى سؤال أخير أهم، خاصة أنه على صعيد المنافسة الكروية والترشيحات حول احتمالات البطل، ما بين من يرشح البرازيل، ومن يختار الأرجنتين، ومن يعشق إسبانيا، ومن يراهن على صربيا حصاناً أسود... والمغرب وتونس وقطر والسعودية بشعار التحدي العربي... نبقى جميعاً أمام دعوة مفتوحة لوليمة كروية شهية بكل ما تشتهي الأنفس من ملذات الساحرة المستديرة.
هنيئاً للعرب بـ«مونديال العرب»، وأهلاً بالعالم في كأس العالم.