د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

ليبيا في عيون السعوديين

ليبيا في عيون السعوديين، لم تكن مجرد كلام خلال تعبيرات شعبية عفوية جاءت ضمن هاشتاغ انتشر مؤخراً (# ليبيا_في_ثلاث_كلمات) تفاعل معه مئات المغردين من العالم العربي، تصدرهم السعوديون بأبرز وأجمل التعليقات التي تركت أثراً رائعاً في نفوس الليبيين من ثناء أشقائهم السعوديين، معبرين عن حبهم للشعب الليبي، ودعواتهم بأن يعود الاستقرار إلى ليبيا، وأن تنتهي الأزمة الليبية قريباً.
كما عبّر كثير من المغردين عن درجة تقارب الشعبين ومحبتهم، وذلك بالثناء على عراقة الشعب الليبي وتمسكه بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة مع الشعب السعودي الأصيل المتمسك بعروبته وإسلامه، وهي نقاط تلاقٍ وتقارب بين البلدين من ضمن نقاط كثيرة.
الرسالة السعودية الحكومية والشعبية واضحة إلى الليبيين «نحن معكم»، فوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله جاء إلى مصر وأكد لنظيره المصري «دعم المملكة الكامل للموقف المصري بشأن إعادة استقرار ليبيا، وكذلك دعم إعلان القاهرة الداعي لوقف إطلاق النار في ليبيا»، فالسعودية بثقلها العربي والإسلامي تسعى لحلحلة الأزمة الليبية، من خلال وجود توافق وتنسيق تام بين القاهرة والرياض بشأن ضرورة إبعاد ليبيا عن التدخلات الخارجية، وأهمية الحل السياسي.
المملكة العربية السعودية عملت وتعمل على استقرار ليبيا عبر حزمة من التحركات الدبلوماسية في المحافل الدولية، ومنها مجلس الأمن ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، منذ اندلاع الأزمة الليبية، فقد سعت القيادة السعودية إلى استقرار ليبيا وتجنيبها الحروب حتى قبل فبراير (شباط) 2011؛ حيث كان لها الدور الفعال في حلحلة أزمة لوكربي.
المملكة العربية السعودية تبذل أقصى الجهود الدبلوماسية لمكافحة الفوضى في ليبيا، فمن شأن ذلك أن يسهم في عودة الاستقرار، ومساعدة ليبيا في القضاء على التنظيمات الإرهابية وتضييق الخناق عليها؛ حيث أكد وزير الخارجية السعودي أن بلاده لا تتسامح أبداً مع الإرهاب وتمويله، ومع دعم القلق الدولي من تنامي دور «الإخوان» والجماعات الإرهابية وتدفق السلاح والمال والمرتزقة إلى ليبيا.
فالسعودية كانت شريكاً جاداً وفاعلاً في السعي إلى إحداث حالة الاستقرار؛ خصوصاً في بلد مضطرب تنهشه الفوضى، والإرهاب، والتدخلات الضارة، وجعلت منه الظروف ضحية وفريسة للإرهاب، وهو ما دفع الدبلوماسية السعودية إلى تحقيق مثل هذا التعاون السعودي - العربي لعودة الاستقرار لهذا البلد العربي المسلم، فالحكمة والعقلانية في الدبلوماسية السعودية، هي امتداد لتاريخ طويل من الحكمة منذ زمن المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
ليبيا بعد المؤازرة السعودية الواضحة لدعم استقرار ليبيا بحكومة واحدة وإنهاء حالة الفوضى ستكون في مأمن من تغول من كان يظن ليبيا لقمة سائغة في غياب جوارها وأصلها العربي، فتبددت أحلام الغزاة في نهب ليبيا والسيطرة عليها.
تاريخ العلاقات الليبية - السعودية قديم متجدد منذ زمن المؤسس الراحل الملك عبد العزيز إلى الراحل الملك إدريس السنوسي مؤسس ليبيا الحديثة، الذي آثر أن يدفن في البقيع، مروراً ببعض النخب الليبية مثل بشير السعداوي ممن ساهموا بدور مهم في بناء الدولة السعودية الحديثة، وعلاقات متميزة مع المملكة الليبية في حينها قبل أن تسقطها جماهيرية العقيد، ليسقطها فيما بعد حلف الناتو لتصبح ضحية للجماعات الهاربة والشريدة كـ«داعش» و«القاعدة» و«الإخوان».
ففي المواقف الصعبة والمحن كالتي تمر بها ليبيا حالياً، تعرف الصديق من العدو والأخ من الغريب، ولا يعرف قدر الرجال إلا الرجال، فالسعودية يمكن التعبير عنها في 3 كلمات «همة رجال وطن».