يملك مستشار رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون أفكاراً أخرى لإعادة المملكة المتحدة إلى مسارها الصحيح، حيث أصبحت المعاشات الآن مجالاً رئيسياً للخلاف.
ويميل رئيس الوزراء إلى شق طريقه للخروج من الأزمة الناجمة عن الجائحة، لكن وزير الخزانة ريشي سوناك يزداد حرصاً على فرض الوصاية المالية. ومن شأن كيفية حل هذا التوتر أن يحدد إرث جونسون بقدر تعلق «بريكست» بالأمر، وربما تحدد توقيت الانتخابات العامة المقبلة.
ومن بين المجالات الرئيسية التي تتداعى فيها المناقشة بشأن الإنفاق؛ مسألة معاشات التقاعد. وتتعرض الحكومة لضغوط من المحافظين الماليين لحملها على التخلي عما يسمى «القفل الثلاثي» على معاش التقاعد الأساسي للدولة. وتتعهد هذه السياسة، التي تُطبق منذ عام 2010، بزيادة المعاشات بما يتماشى مع مستويات التضخم، والارتفاع في متوسط الإيرادات أو نسبة 2.5 في المائة، أو أيهما أعلى.
ويقول النقاد إنه لا يمكن تحمل تكاليف «القفل الثلاثي»، وإنه يقيد أيدي الخزانة عندما تحتاج إلى تمويل أولويات أخرى، ويفاقم أوجه عدم المساواة بين الأجيال. بيد أن جونسون يريد التمسك بالتزام من واقع برنامجه الانتخابي بالحفاظ على هذا التعهد.
كانت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، قد تلاعبت بتخطي «القفل الثلاثي»، ثم أعلنت عن تغييرات تفرض مزيداً من الأعباء على أولئك الذين يمولون الرعاية الاجتماعية للمسنين. ولكن سرعان ما تراجعت عن خطتها في عام 2017 بعد ردود فعل عنيفة، ولكن سوء التقدير أسفر عن انقسام التصويت الأقدم، الأمر الذي أسهم في خسارتها للأغلبية البرلمانية. من جانبه، يتوخى جونسون، الذي نادراً ما تكون غرائزه السياسية خاطئة، الحذر من ارتكاب خطأ مماثل.
والمشكلة اليوم هي أن التعافي من الوباء كان يعني زيادة حادة في الأرباح، التي ارتفعت بنسبة 5.6 في المائة في الأشهر الثلاثة الماضية، ومن المتوقع أن ترتفع إلى مستويات أعلى، الأمر الذي قد يكلف وزارة الخزانة 4 مليارات جنيه إسترليني (5.5 مليار دولار) إضافية من مدفوعات التقاعد.
ومن الواضح أن هذه الزيادة هي حالة استثنائية - وذلك بسبب مزيج من التأثيرات الأساسية، لكنها ستضيف بشكل كبير إلى التكاليف الحكومية في وقت توجد فيه مطالب ملحة أخرى على الميزانية.
وعلى الرغم من أن المسنين عانوا بالتأكيد خلال الجائحة، فإنه من الصعب الدفاع عن هذه الزيادة الكبيرة لأولئك الذين كانوا الأكثر عرضة للاستفادة من ارتفاع أسعار العقارات والأسهم، والذين ارتفعت معاشاتهم قبل الأرباح بكثير.
ومع ذلك، فإن معاشات التقاعد في المملكة المتحدة ليست سخية وفقاً للمعايير الدولية. فاليوم قد يحصل المتقاعد (يبلغ سن التقاعد الحالي 66 عاماً، ولكنه من المقرر أن يرتفع) على ما يصل إلى 180 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع، مقارنة بما يعادل 212 جنيهاً إسترلينياً في آيرلندا، و254 جنيهاً إسترلينياً في هولندا، و366 جنيهاً إسترلينياً في الدنمارك، رغم أن العمال في هذه البلدان يحتاجون إلى قضاء سنوات أكثر للتأهل. وبالنسبة للمتوسط، فإن معدل الاستبدال الصافي في المملكة المتحدة (حصة الأرباح الأخيرة التي تغطيها المعاشات التقاعدية) لا يتجاوز 28.4 في المائة من المعاشات الإلزامية - وهو أقل بكثير من المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ 58.6 في المائة.
ومع ذلك، إذا كان هناك سبب لإعادة النظر في «القفل الثلاثي»، فقد حان وقته الآن. ليس فقط لأن التصميم معيب، ولكن تكاليفه غير مستدامة مع مرور الوقت. فمع تعداد سكان المملكة المتحدة الذي يتحرك إلى مستويات مرتفعة، مع نمو الإنتاجية المنخفض، ليس من المنطقي أن يكون هناك معاش تقاعدي حكومي يرتفع إلى مستويات أعلى، بغض النظر عما يحدث للاقتصاد أو للدخل الآخر. ومع استمرار كثير من الشركات في النضال بفعل بريكست، فإن وزارة الخزانة مضطرة إلى بذل مزيد من الجهد مع تقليص القاعدة الضريبية.
في عام 2015، اقترح معهد الدراسات المالية «تأمين الدخل السلس» الذي من شأنه أن يربط معاشات الدولة بنسبة ثابتة من متوسط الدخل، وهو ما يحدث في أستراليا. شيء من هذا القبيل - الذي من شأنه أن يحمي المعاشات من التآكل، ولكنه أيضاً يضمن أنها لا ترتفع باستمرار بالنسبة إلى الأرباح - يستحق إعادة النظر، كما حثت إحدى اللجان البرلمانية بالفعل.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
TT
الإنفاق وخطة الحكومة البريطانية
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة