الرضع يفضلون «كلام الأطفال»

ينجذبون أكثر إلى الأصوات التي تحمل سمات الغناء المحببة

الرضع يفضلون «كلام الأطفال»
TT

الرضع يفضلون «كلام الأطفال»

الرضع يفضلون «كلام الأطفال»

ربما تكون الطريقة التي تتحدث بها الأمهات أو البالغين بشكل عام إلى الرضع والأطفال الصغار أقرب ما تكون إلى سلوك غريزي يتشارك فيه البشر على الرغم من اختلاف لغاتهم وطريقة تعبيرهم عن أنفسهم. ودائماً يتحدث الجميع إلى الرضع بطريقة خاصة، أقرب ما تكون إلى الغناء، مع تغيير مخارج الحروف واستعمال ألفاظ طفولية بحيث تشبه محاولات تعلم الحديث الأولى، فيما يمكن أن يطلق عليه حديث الأطفال «baby talk».
حديث الأطفال
أحدث دراسة في هذا الشأن تناولت الطريقة التي تنشأ بها اللغة وتعلم مهارات الكلام، وأشارت إلى احتمالية أن تكون هذه الطريقة مفضلة أيضاً لدى الأطفال عن طريقة الكلام المعتاد.
أجرى الدراسة فريق بحثي من المتخصصين في أبحاث اللغة في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة وجامعة كونكورديا بمونتريال وأيضاً عدد من الباحثين المهتمين بشؤون الرضع، ونشرت في نهاية شهر مارس (آذار) من العام الجاري في مجلة الطرق والممارسات الحديثة لعلم النفس Advances in Methods and Practices in Psychological Science. وشملت الدراسة 4 قارات وتم إجراء التجارب على الأطفال في 17 مختبراً مخصصاً لدراسة اللغات على 333 من الأطفال متحدثي اللغة الواحدة و384 من الأطفال متحدثي لغتين مختلفتين. وبالنسبة للعمر كانت هناك فئة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و9 أشهر وفئة أخرى تتراوح أعمارهم بين 12 و15 شهراً.
وتأتى أهمية هذه الدراسة من أنها تعتبر دراسة عالمية حيث تم إجراء التجارب على الأطفال في أستراليا والولايات المتحدة وسنغافورة وكندا، كما أنها تعتبر الأولى التي تقارن بين أطفال اللغة الواحدة وأطفال اللغتين. وكانت الأبحاث السابقة أوضحت أن الأطفال لأبوين يتحدثان لغة واحدة يفضلون طريقة الحديث الطفولية. وتمت التجارب في المختبر الخاص بجامعة كاليفورنيا حيث إنه المختبر الذي يحتوى على طرق لدراسة تأثير اللغتين الإنجليزية والإسبانية على أطفال العائلات التي تنحدر من أميركا اللاتينية (تعتبر الإسبانية اللغة الثانية في الولايات المتحدة). وقامت مشرفة الفريق بمتابعة الأطفال من الفئة العمرية (12 إلى 15 شهراً).
وفى التجربة جلس الأطفال مع أمهاتهم على أجهزة كومبيوتر وتم سماع صوت تسجيلات باللغة الإنجليزية من خلال سماعات مكبر صوت موضوعة في الجهة اليمنى والجهة اليسرى من أذن الطفل والصوت الخارج من كل اتجاه يحمل طريقة حديث معينة بحيث تمثل إحداهما الطريقة العادية في الحديث من شخص بالغ إلى طفل، والأخرى تماثل الطريقة الخاصة التي يتحدث بها البالغون للأطفال baby talk وتتم متابعة إلى أي مدى يطيل الطفل النظر إلى كل اتجاه من خلال قياسات معينة على الكومبيوتر.
انجذاب لغوي
وتبين من خلال التجربة أن الأطفال ينجذبون أكثر إلى الأصوات التي تحمل طريقة الكلام الطفولية. وكان هذا النموذج موجوداً في كل اللغات، وكان أكثر وضوحاً مع اللغة الإنجليزية. وأشار الباحثون أن طريقة كلام الأطفال على الرغم من أنهاً تحمل معدلا أكثر بطئاً في الحديث فإنها مبهجة وحيوية أكثر، حتى في حالة تطابق المعنى والألفاظ، وهو سر تعلق الأطفال بها وتفضيلهم لسماعها مقارنة بالحديث المتواتر العادي في الكلام.
وبالنسبة للأطفال لأبوين يتحدثان لغتين مختلفتين، أفاد الآباء أنهم يتحدثون بقدر متساوٍ من كل لغة أمام الأطفال في المنزل، وكلما ازداد تعرض هؤلاء الأطفال للغة الإنجليزية، كلما ازداد تعلقهم بالطريقة الطفولية بنفس اللغة.
وكان العامل الهام في انجذاب الأطفال هو طريقة الحديث أكثر من اللغة نفسها؛ حيث تبين أن بعض هؤلاء الأطفال (لأبوين مزدوجي اللغة) الذين لم يتعرضوا لأي قدر من اللغة الإنجليزية يفضلون الطريقة الطفولية أيضاً.
ولاحظ الباحثون أن الأطفال في الفئة العمرية من 6 إلى 9 أشهر لأمهات على قدر عالٍ من التعليم يفضلون اللغة الخاصة بالأطفال أكثر من اللغة المباشرة أكثر من أقرانهم لأمهات غير متعلمات أو أقل تعليماً، وهو ما يشير إلى الدور الذي يلعبه التعليم أو الثقافة العامة في تنمية مهارات الأم في التواصل مع طفلها، وأنه كلما زادت لغة حديث الأم مع طفلها كلما زاد ذلك من مهارات اكتساب اللغة عند الطفل والنمو الوجداني أيضاً حيث يأخذ كلام الأطفال شكلاً تمثيلياً أقرب لذهن الطفل ويجعل عملية استرجاع الكلمة أسهل مثلما يستطيع الإنسان العادي حفظ الأغاني أكثر من الحديث العادي.
وأوضحت الدراسة أنه لا داعي لقلق الآباء والأمهات مزدوجي اللغة بالنسبة لإمكانية أن يجيد أطفالهم اللغتين حيث إن تعلم اللغة في العمر المبكر يكاد يكون سلوكاً طبيعياً. وخلافاً لتصور الآباء، فإن هؤلاء الأطفال في الأغلب يكونون أكثر ذكاءً وقدرة على التعلم من الآخرين لتنوع المصادر التي يحصلون منها على المعرفة بجانب الخبرات اللغوية المختلفة حيث إن كلام الأطفال الذي يمكن أن يحمل معاني غير دقيقة لشيء معين لمجرد أن يكون سهلاً في النطق يسرع من عملية تعلم المفردات المختلفة. وعلى سبيل المثال، فإن إطلاق لفظ «كوكو» على الكلب يسهل من التعرف على الكلمة وارتباطها في ذهن الطفل بالشيء المراد تسميته. ومع النمو الإدراكي يستطيع الطفل بسهولة أن يعرف الاسم الصحيح.
وفى النهاية، نصحت الدراسة الأمهات بالحديث مع أطفالهن بالطريقة المحببة لهم حيث تعتبر التمهيد الذي يستمد منه الأطفال حصيلتهم اللغوية والنمو الإدراكي بشكل كامل مهما بدت هذه الكلمات بسيطة.
* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

صحتك بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية

7 نصائح للرجال للياقة بدنية تتجاوز العمر

القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية ليتمتعوا بصحة أفضل يوماً بعد يوم وفي أي عمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الرمان يزود الجسم بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام (غيتي)

تحسين الكولسترول والوقاية من السرطان... فوائد هائلة لتناول الرمان يومياً

بتناول حبات الرمان يومياً تضمن أن تزود جسمك بمضادات الأكسدة ومضادات الفيروسات ومضادات الأورام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك مريضة بسرطان الثدي (رويترز)

تقرير: النساء الشابات أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من الرجال

تمثل حالة الأختين رورك ظاهرة منتشرة في الولايات المتحدة، وهي تشخيص المزيد من النساء الشابات بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك 8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

8 مؤشرات تهمك حول الطقس للعناية بصحتك

ربما تكون مثل كثير من الناس الذين من أوائل الأشياء التي يقومون بها كل صباح هو النظر من النافذة لمعرفة حالة الطقس

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
TT

التعرُّف على اضطرابات الدماغ من شبكية العين

العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)
العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً (ماكس بلانك)

أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون من معهد ماكس بلانك للطب النفسي بألمانيا، أنّ الشبكية بمنزلة امتداد خارجي للدماغ وتشترك في الجينات عينها، ما يجعلها طريقة سهلة للعلماء للوصول إلى دراسة اضطرابات الدماغ بمستويات أعلى من الدقة.

وأفادت النتائج بأنّ العمليات الحيوية في شبكية العين والدماغ متشابهة جداً، وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية وبطريقة فائقة السهولة؛ «لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ»، وفق الباحثين. وهم أكدوا على أن فهم الآليات البيولوجية حول هذا الأمر من شأنه مساعدتهم على تطوير خيارات علاجية أكثر فاعلية وأكثر شخصية.

وحلَّل باحثو الدراسة المنشورة في دورية «جاما سيكاتري»، الارتباط الجيني بين خلايا الشبكية وعدد من الاضطرابات العصبية النفسية. ومن خلال الجمع بين البيانات المختلفة، وجدوا أنّ جينات خطر الفصام كانت مرتبطة بخلايا عصبية محدّدة في شبكية العين.

وتشير جينات الخطر المعنيّة هذه إلى ضعف بيولوجيا المشابك العصبية، وبالتالي ضعف قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض. ويرجح الباحثون أن يكون هذا الضعف موجوداً أيضاً في أدمغة مرضى الفصام.

وبناءً على تلك الفرضية، أظهر الباحثون أنّ الاتصال العصبي يبدو معوقاً في شبكية العين لدى مرضى الفصام بالفعل.

وأوضحوا، في بيان، الجمعة أنّ «العثور على هذا الخلل في العين يشير إلى أنّ العمليات في الشبكية والدماغ متشابهة جداً؛ وهذا من شأنه جعل الشبكية بديلاً رائعاً لدراسة الاضطرابات العصبية، لأننا نستطيع فحص شبكية العين لدى المرضى بدقة أعلى بكثير من الدماغ».

في دراستهم السابقة، وجد باحثو معهد ماكس بلانك للطب النفسي، برئاسة فلوريان رابي، تغيّرات في شبكية العين لدى مرضى الفصام أصبحت أكثر حدّة مع زيادة المخاطر الجينية. وبناءً على ذلك، اشتبهوا في أنّ التغيرات الشبكية ليست نتيجة لأمراض مصاحبة شائعة مثل السمنة أو مرض السكري فحسب، وإنما قد تكون ناجمة عن آليات أمراض مدفوعة بالفصام بشكل مباشر.

إذا كانت هذه هي الحال، فإنّ معرفة مزيد عن هذه التغيّرات قد تساعد الباحثين على فهم الآليات البيولوجية وراء الاضطراب. وبالإضافة إلى الفصام، لوحظت تغيرات في الشبكية لدى مرضى الاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب والتصلّب المتعدّد ومرض ألزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.

باستخدام بيانات من دراسات كبيرة سابقة، دمج رابي والمؤلّف الأول إيمانويل بودريوت من معهد ماكس بلانك للطب النفسي وجامعة لودفيغ ماكسيميليان ميونيخ في ألمانيا، بيانات المخاطر الجينية من الاضطرابات العصبية النفسية مع بيانات تسلسل الحمض النووي الريبي للشبكية.

أظهرت النتائج أنّ جينات المخاطر كانت مرتبطة بخلايا شبكية مختلفة في الاضطرابات المذكورة أعلاه.

كما ارتبط الخطر الجيني للإصابة بالتصلّب المتعدّد بخلايا المناعة في الشبكية، بما يتماشى مع الطبيعة المناعية الذاتية للاضطراب. وكذلك ارتبطت جينات الخطر للإصابة بالفصام بفئة محددة من الخلايا العصبية الشبكية تشارك في الوظيفة المشبكية، وتحدّد قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع بعضها البعض.