علي سالم
كاتب ومسرحي مصري. تشمل أعماله 15 كتابا و27 مسرحية أغلبيتها روايات ومسرحيات كوميدية وهجائية، كما نشر تعليقات وآراء سياسية خاصةً بشأن السياسة المصرية والعلاقات بين العالم العربي وإسرائيل
TT

الشعب المصري يدافع عن نفسه

نشرت جريدة «الوطن» المصرية (الخميس 5 فبراير/ شباط 2015) على صفحتها الأولى هذا الخبر تحت عنوان «(انتقام دمياط) تتبنى حرق سيارتين لـ(الإخوان) و(درع الفيوم) تتوعد باستهداف الجماعة». ويقول الخبر «أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم (كتائب الانتقام) لأرواح شهداء القوات المسلحة في دمياط في بيان صحافي عن تبنيها عملية حرق سيارتين مملوكتين لاثنين من الكوادر البارزة في جماعة الإخوان الإرهابية. ضمن ما قالت إنه سيكون أولى خطوات التصعيد للقصاص»، ثم مضى الخبر يتكلم عن جماعة مماثلة في محافظة الفيوم تمارس نفس النشاط الدفاعي في مواجهة الجماعة الإرهابية التي فقدت عقلها عندما شنت الحرب على الشعب المصري.
من المصطلحات الشعبية المعروفة في مصر جملة «إنت حا تعمل عقلك بعقله» وهي تقال لك عندما ترد على عدو سخيف بأعمال تماثل أعماله ضدك. لقد صبر الشعب المصري طويلا تاركا مهمة الدفاع عن حياته ووجوده للمؤسسة الأمنية المصرية والمؤسسة العسكرية. وهما مؤسستان تعملان بالطبع في إطار قانوني وملتزمتان بما تفرضه قواعد السياسة وشرف المهنة وشرف السلاح. ولكن الأمر زاد عن حده، في كل يوم يتم الكشف عن قنابل في كل مكان بعضها ينفجر محدثا خسائر كبيرة في أرواح الناس وممتلكاتهم.
لقد استطاعت جماعة الإخوان التي تتسم بأكبر قدر من الحماقة والعدوان، أن تملأ نفوس المصريين جميعا بالغضب والرغبة في الانتقام منهم. أي باختصار قرروا أن «يعملوا عقلهم بعقول الجماعة» أي أن يردوا عليها بنفس أفعالها.
عند هذا الحد من كلماتي لا بد أنه قد ساورك سؤال: هل يوافق الكاتب على ذلك؟
التاريخ يصنع نفسه بغير انتظار لموافقة سيادتك أو سيادتي. هناك لحظات تتخذ فيها الشعوب قرارات خارجة عن القوانين المكتوبة، يكتشف الباحثون فيما بعد أنها كانت ضرورية للحفاظ على وجودها.
ما حدث في بلدتي دمياط سيحدث في بلدان وجهات أخرى. كما أتوقع أن المدن التي ستتبنى هذا النوع من النشاط الدفاعي سيفاجأ سكانها باختفاء القنابل والعبوات الناسفة. أتوقع ذلك لأني على يقين بأن المتطرف لا يهاجمك في المكان أو الزمان الذي تكون مستعدا فيه لمواجهته، كما أنه لا يضربك عندما يعرف أنك سترد الضربة بشكل يوجعه.
من الملاحظ أن أعضاء الجماعة البارزين في هذه الجماعة المصرية التي شنت الحرب على المصريين، كلهم من الأثرياء أصحاب الثروات والممتلكات والسيارات الغالية. وهو ما يجعل منهم أهدافا سهلة في هذا الجو الذي شحنته جماعتهم بأكبر قدر من الوحشية والغباء والاستهتار بحياة المصريين. ولأن الأثرياء في أي مكان يمتلكون عقولا راجحة، لذلك أنا أعتقد أنهم - حرصا على الأقل على سياراتهم - سيتدخلون ويقنعون شياطينهم بالكف عن زرع القنابل والعبوات الناسفة.
مرة أخرى وليست أخيرة، ماذا تريدون يا سادة..؟ أن تحكموا مصر؟ هذا عشم إبليس في الجنة. ما رأيكم الآن بعد أن نجحتم في دفع جماعات من الشعب المصري لأن «تعمل عقلها بعقلكم»..؟
[email protected]