جستن فوكس
TT

الحجم الحقيقي لـ «كوفيد ـ 19» مدهش

كم شخصاً داخل الولايات المتحدة أصيب بفيروس «كورونا» المسبب لـ«كوفيد19»؟ تبعاً للأرقام شبه الرسمية لأعداد حالات الإصابة المؤكدة التي جرى تجميعها من حكومات الولايات من خلال «مشروع تعقب (كوفيد)»، فإن الأعداد تتجاوز 13 مليوناً بقليل.
في الوقت ذاته يدرك الجميع أن هذا التقدير أقل من العدد الحقيقي. وخلال مرحلة مبكرة من تفشي الوباء، أدت القدرة المحدودة على إجراء الاختبارات إلى تسجيل نسبة صغيرة فحسب من حالات الإصابة بـ«كوفيد19». ومنذ ذلك الحين، جعلت اختبارات الأجسام المضادة من الممكن تقدير عدد الحالات التي لم يجر تسجيلها. على سبيل المثال، في نيويورك جرى تسجيل 174.504 حالة إصابة خلال مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، وربما نحو مليوني حالة عدوى. ومنذ ذلك الحين، تحسنت بدرجة كبيرة القدرة المتاحة على إجراء الاختبارات، ومع هذا تظل غير ملائمة لرصد كل حالة إصابة.
ومع هذا، زادت سهولة وضع تخمينات معتبرة بخصوص المدى الحقيقي لانتشار «كوفيد19»، وذلك من خلال جمع المعلومات التي جرى الحصول عليها من اختبارات الأجسام المضادة مع الاعتماد على مقاييس؛ مثل حجم الاختبارات مقارنة بعدد السكان، ونسبة الاختبارات التي تنتهي إلى نتيجة إيجابية.
اليوم، هناك موقعان يجريان هذه التقديرات على نحو يومي: «كوفيدستيم دوت أورغ»، الذي يشكل إنتاجاً مشتركاً لباحثين من مدرستي «الصحة العامة» لدى جامعتي «هارفارد» و«ييل»، و«كوفيد19 بروجيكشنز دوت كوم»، الذي أطلقه عالم البيانات المقيم في نيويورك، يويانغ غو.
وقد قرر الأخير في سبتمبر (أيلول) الماضي أن توقعاته لأعداد حالات الإصابة بـ«كوفيد19»، التي لاقت إشادة واسعة، لم تعد هناك حاجة إليها في خضم وفرة من النماذج الجديدة لوضع التوقعات. ومع هذا، أقدم الشهر الماضي على إحياء وتحديث الأداة التي ابتكرها لتعقب أعداد الإصابات. وفيما يلي مقارنة بين هذين التقديرين للإصابات والإحصاء الخاص بالإصابات المؤكدة. وينشر موقع «كوفيد19 بروجيكشنز» تقديراته كل أسبوعين. ويقدم النموذجان تقديرات متشابهة على نحو لافت لمجمل أعداد الإصابات داخل الولايات المتحدة: 52.6 مليون نسمة تبعاً لموقع «كوفيد19 بروجيكشنز»، و52.2 مليون نسمة تبعاً لموقع «كوفيدستيم».
ويشكل كل من هذين التقديرين ما يقل قليلاً عن 16 في المائة من الشعب الأميركي. وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ارتفع تقدير «كوفيدستيم» للإصابات إلى نحو 18 في المائة من السكان. ومن المحتمل أن تأتي تقديرات «كوفيد19 بروجيكشنز» أعلى قليلاً من ذلك. ويعد هذا أقل بكثير من نسبة الـ70 في المائة اللازمة لتحقيق مناعة القطيع والتي ستؤدي إلى تلاشي الوباء من تلقاء نفسه. إلا إنه بالتزامن مع إجراءات التباعد الاجتماعي وارتداء أقنعة حماية الوجه والتغييرات السلوكية الأخرى، فإن باستطاعة مثل هذه الأرقام المعاونة في إبطاء وتيرة تفشي الوباء. وبالتزامن مع اللقاحات التي ينبغي أن تبدأ في الظهور على الساحة العامة في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن هذه الأرقام بإمكانها وضع نهاية قريبة للوباء.
وبذلك نجد أن هذه التقديرات تحوي معلومات مفيدة ينبغي أن تبرز على نحو أكبر في التغطيات الإعلامية والمناقشات السياسية حول الجائحة وكيفية وضع نهاية لها. وفي الوقت الذي يكشف فيه الرسم البياني المرتبط بالنموذجين السابقين عن أنهما أقل اتفاقاً بكثير حول المسار المحدد للوباء عما هي عليه الحال مع نتائجهما الإجمالية المرتبطة بالوباء - مثلما الحال مع توقعات «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» - فإنهما يطرحان تاريخاً بديلاً قد يكون أكثر استنارة للأشهر التسعة الماضية.
تضررت ولايتا داكوتا الشمالية والجنوبية بشدة من الجائحة بالفعل، لكن الفيروس لم يصل إلى وتيرة التفشي السريع التي كانت أشبه بالانفجار والتي وقعت داخل وحول مدينة نيويورك في مارس الماضي. وإذا كانت هذه التقديرات المتوسطة قريبة من الواقع - ولا تسبب التجمعات في عيد الشكر موجة جديدة قوية من تفشي الجائحة - فإن هذا يشير إلى أن الجائحة بلغت ذروتها في الولايتين عند مستويات أدنى بكثير من نيويورك. ويبدو هذا أمراً منطقياً، فرغم كل الحديث الذي دار حول تردد حاكمي داكوتا الشمالية والجنوبية إزاء فرض إجراءات قوية، فإن كثيراً من الناس في الولايتين عملوا من المنزل، والتزموا قواعد التباعد الاجتماعي على نحو ربما لم يفعله أي شخص داخل نيويورك في مطلع مارس الماضي.
على مدار العام، استحوذ تفشي جائحة فيروس «كورونا» في كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس على اهتمام بالغ، الأمر الذي يعود لأسباب؛ منها أن أرقام الإصابات المسجلة في هذه الولايات كانت ضخمة للغاية. ويتمثل سبب آخر في أن هذه الولايات جرى استغلالها في الترويج لخطابات سياسية متنوعة. اليوم، تتسم إلينوي وبنسلفانيا بمستويات أعلى لتفشي الوباء عمّا كانت عليه الحال في كل من فلوريدا وتكساس خلال الذروات السابقة، في الوقت الذي ظلت فيه كاليفورنيا في مكانة متميزة بفضل قدرتها على إبقاء فيروس «كوفيد19» تحت السيطرة؛ رغم أنها تواجه حالياً على ما يبدو أسوأ موجة تفش للجائحة على أراضيها.

* بالاتفاق مع «بلومبرغ»