لا يعتبر رامي مخلوف رجلاً يعتاد المصاعب، ذلك أن رجل الأعمال السوري وابن خال رئيس النظام، بشار الأسد، نجح في بناء ثروة ضخمة داخل سوريا، وكان يملك حتى وقت قريب واحدة من شبكتي هاتف جوال في البلاد.
إلا أن هذا الوضع بأكمله بدأ في التغير هذا الربيع. في مايو (أيار)، ألقت السلطات القبض على بعض معاوني مخلوف وبدأوا في تحصيل ضرائب بأثر رجعي بقيمة تتجاوز 180 مليون دولار.
وخلال الشهر ذاته، خرج رامي مخلوف إلى شبكات التواصل الاجتماعي لطرح حجته فيما يخص راعيه السابق الذي تحول الآن إلى قاضيه. واتخذ مخلوف، الأحد الماضي، خطوة أبعد وذلك باعترافه عبر «فيسبوك» بسر معروف: أنه عاون في إنشاء شبكة من شركات الواجهة بهدف الالتفاف على العقوبات الغربية.
من ناحيته، وجه النظام السوري إلى رامي مخلوف اتهامات باختلاس أموال من شركة «الشام القابضة» التي أسسها منذ 15 عاماً للمعاونة في تمويل الأسد، وأنه يوجه الأموال باتجاه مجموعة جديدة من الشركات. من جهته، قال مخلوف إن تلك الاتهامات ظالمة، ودفع بأن دور «هذه الشركات» والهدف من ورائها يتمثل في تجنب العقوبات الغربية المفروضة على «الشام القابضة».
ولا يعد أي من ذلك مثيراً للدهشة أمام مسؤولي مكافحة الفساد الغربيين، خاصة أن مخلوف يخضع لعقوبات منذ عام 2008 من جانب وزارة الخزانة الأميركية، التي تصفه بأنه «رجل أعمال سوري قوي وأحد أفراد النظام ممن يستفيدون على نحو غير مناسب منه ويعاونون في انتشار الفساد العام». وأشارت الخزانة الأميركية كذلك إلى أن مخلوف يتحكم في قطاعات الاتصال عن بعد والتجارة والنفط والغاز الطبيعي والصرافة.
في عام 2016، كشفت ما أطلق عليها «أوراق بنما»، وثائق قانونية تخص مجموعة من حسابات وشركات أوفشور، جرى تسريبها للرأي العام، أن مخلوف وشقيقه يسيطران على العديد من شركات الواجهة التي التفت على العقوبات الغربية.
الأمر المثير للدهشة أن الأسد ينقلب على واحد من أقرب حلفائه وصديق طفولة. ويمكن النظر إلى إقدامه على هذا الأمر باعتباره مؤشراً على شعوره باليأس، حسبما يرى ديفيد أديسنيك، الزميل البارز لدى «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات».
ونظراً لهالة السرية التي تغلف التفاعلات الداخلية في نظامه، من الصعب معرفة السبب الفعلي وراء انقلاب الأسد على مخلوف. من بين النظريات المطروحة في هذا الصدد أن الراعي الأكبر لسوريا، روسيا، ترغب في استعادة بعض المال الذي استثمرته في معاونة الأسد في الفوز بدرجة كبيرة في الحرب الأهلية. وهذا الربيع، شرعت بعض وسائل الإعلام المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في نشر قصص تنتقد فساد نظام الأسد. ويبدو رامي مخلوف كبش فداء جذاباً أمام الأسد على هذا الصعيد.
وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية، تشكل المحنة التي يعايشها مخلوف اليوم فرصة عظيمة، ذلك أن ظهور عضو مطرود من داخل النظام يعتبر بمثابة منجم ذهب. وحال وجوده في يد خدمة استخبارات تتميز بالكفاءة، يمكن أن يقدم مخلوف خريطة طريق مفصلة حول كيف يحمي آل الأسد والنظام السوري ثروتهم من العقوبات الغربية.
وحتى إذا لم ينقلب مخلوف على أسرته وبلاده، فإن هذا الصدع المعلن بينه وبين الديكتاتور يبقى نصراً سياسياً كبيراً. ربما تكون الولايات المتحدة والغرب أخفقا في تدمير بلاده، لكن حتى في نصره، لا يستطيع حلفاء الأسد إيجاد الأمن.
- بالاتفاق مع «بلومبرغ»
8:2 دقيقه
TT
أحد أنصار الأسد يتبرأ منه
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة