شولي رين
بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
TT

النهج العالمي وقت رائع للاقتصاد الموجه

في أوقات الشدة، يمكن للنظام المالي المركزي أن يقطع شوطاً طويلاً، كما يمكن للمستثمرين العالميين الذين يعانون من تأثيرات الأسبوع السيئ على عمليات بيع الأصول أن يفكروا في شراء الأصول المتراجعة في الصين، وليس في أي مكان آخر.
في الماضي، إذا عطست الولايات المتحدة، فإن الأسواق الناشئة تدخل غرفة الطوارئ. لكن الوضع الآن اختلف، ففي حين يتجه مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى أسوأ أسبوع له منذ الأزمة المالية العالمية، كانت الصين تشبه نسبياً «حالة موشين» - التي يكون فيها الذهن متفتحاً لتلقي أي شيء - على الرغم من كونها مركزاً لتفشي فيروس كورونا. ولا يزال مؤشر «تشاي نيكست» على وجه الخصوص مرتفعاً بواقع 16 في المائة العام الجاري، حتى بعد عمليات البيع المكثفة الأسبوع الجاري.
عندما تصبح الأمور صعبة، تصبح أسعار الأسهم أشبه بعملية شد الحبل بين حالة السيولة والأساسيات. فالتوقعات بالنسبة للأرباح سيئة، لكن إذا خفض البنك المركزي أسعار الفائدة ووضع الشركات المسجلة على جهاز الإنعاش، فقد تنجو أسواق الأسهم من المصير الأسود.
هذا هو المكان الذي تقبع فيه الصين الآن. سيكون هناك حمام دم لأرباح الشركات بالنظر إلى أن أجزاء كبيرة من الصين لا تزال في طريق مسدود. فقد ورد في تقرير حكومي صدر الأربعاء أن ثلث الشركات الصغيرة والمتوسطة فقط هي التي أعادت عمالها إلى العمل؛ حيث لا يرى كبير خبراء الطب في الصين أن الفيروس سيتم احتواؤه قبل نهاية أبريل (نيسان) القادم.
وبالنسبة للاقتصاد الموجه، فإن أياً كانت الإصلاحات التي تعهدت بكين بسنها لإعطاء دور أكبر للأسواق، فإن النظام المالي الصيني لا يزال مركزياً إلى حد كبير وتحركه القيادة؛ حيث تضطر البنوك الآن إلى الاقتراض وشراء سندات الشركات بعوائد لا معنى لها للمستثمرين من القطاع الخاص. وبالنسبة لأصحاب الأسهم، فإن هذا يترجم إلى أقساط مخاطرة أقل.
وكذلك بالنسبة لسندات الشركات؛ فبينما تجمد السوق الأميركية عملياً الأسبوع الجاري، فإن بكين تشجع الشركات على إصدار ما يسمى «سندات مكافحة الفيروسات».
كما أن معايير الإصدار منخفضة، حيث تحتاج الشركات إلى تخصيص 10 في المائة فقط من العائدات لمكافحة الفيروسات، والباقي يمكن أن يكون كله لإعادة التمويل. أيضاً سعر الفائدة منخفض؛ حيث يبلغ متوسط الكوبون 3 في المائة فقط، أي أقل من معدل الإقراض المتوسط الأجل لمدة عام من بنك الشعب الصيني (البنك المركزي).
ليست مفاجأة أن سندات السيطرة على الفيروس قد تم تطهيرها من قبل البنوك، والتي غالباً ما تدعى لأداء خدمات وطنية. بالفعل ذهبت أكثر من 120 شركة إلى السوق وجمعت أكثر من 100 مليار يوان (14.3 مليار دولار) منذ بداية فبراير (شباط)، وهي أساساً إعانات مالية كبيرة قدمتها الدولة.
يمكن أيضاً النظر في القروض المصرفية. في الصين، فإن سعر القرض الأساسي أو ما تقدمه البنوك لأفضل عملاء الشركات، هو من الناحية النظرية رقم مُجمع عليه مستمد من سعر سياسة البنك المركزي وبدل المخاطر الذي يحدده المقرضون.
لكن العجيب أن سعر القرض الأساسي يتحرك على قدم وساق مع معدل السياسة منذ تفشي فيروس كورونا. بمعنى آخر، لا يرى المصرفيون ارتفاعاً في مخاطر الائتمان على الإطلاق، وهو ما يمثل صيحة توجيه للغرباء.
في الوقت نفسه، يتطلع المستثمرون إلى الرئيس شي جينبينغ لإعادة فتح بوابات السد، كما وعد في خطاباته. وتعهد الرئيس شي الشهر الجاري مراراً بتلبية أهداف النمو الاقتصادي للصين على الرغم من تفشى الفيروس. والطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي إغراق الاقتصاد بأموال مفاجئة كأنها هبطت بمروحيات. وعن غير قصد، أصبح الرئيس الصيني الآن على المحك لحشد الأسهم.
ما تحاول بكين فعله هو إبقاء شركاتها «الكبيرة»، التي غالباً ما يتم تداولها علناً، واقفة على قدميها حتى تتمكن من احتواء الفيروس. والسبب هو أن الطلب النهائي موجود، إذ سيظل المستهلكون الصينيون يرغبون في شراء السيارات والشقق وهواتف الجيل الخامس بمجرد أن يتجولوا بحرية في الشوارع مرة أخرى. وتحتاج الحكومة فقط إلى التأكد من أن الأمور لن تنقلب ضد شركة «تشاينا إنك» حتى ذلك الحين.
في الصين، لم تكن الأرباح مهمة على الإطلاق. فقط ألقِ نظرة على الأداء التاريخي لشركة «تشاي نيكست». فقد جاء الارتفاعان الأخيران عام 2015 نتيجة لانخفاض حاد في عائد السندات الحكومية لمدة 10 سنوات. وعاد العائد الرئيسي الآن إلى أدنى مستوى منذ عام 2016، فقد كانت السيولة دائما هي ما يهم. وما دامت بكين لا تطرف عينها للحظة وتحافظ على تدفق الأموال، فإن سوق الأوراق المالية في الصين سوف يكون ملاذاً آمناً نسبياً.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»