شاشة الناقد: Les Misérables

تحرش واستجواب في «البائسون»
تحرش واستجواب في «البائسون»
TT

شاشة الناقد: Les Misérables

تحرش واستجواب في «البائسون»
تحرش واستجواب في «البائسون»

• الفيلم: Les Misérables
• إخراج: لادج لي
• تقييم الناقد: (جيد)
شرطي من مدينة شربورغ، اسمه ستيفن (داميان بونار) يتم نقله (بناء على طلبه) لضاحية مونفرماي قرب باريس. في ذلك اليوم الأول له في المدينة يصاحب ضابط شرطة اسمه كريس (أليكسيس مانيتي) ومعاونه غوادا (جبريل زونغا) يعملان في سرية من الشرطة، من مهامها التصدي للجريمة قبل وقوعها. سريعاً ما تلتقط عينا ستيفن تصرفات أليكسيس غير القانونية الكاشفة عن عدائية وعنصرية ضد المهاجرين من (أفريقيين وعرب ومسلمين). ليس أن المنطقة المنكوبة بالإهمال تستطيع توفير تواصل نموذجي بين القانون والخارجين عليه. لكن أليكسيس يتصرف بعنصرية بأن الغاية تبرر الوسيلة وأن التحرش والإهانة وحتى الضرب هما السبيل الوحيد لتحقيق النصر في حرب دائرة داخل تلك البيئات الاجتماعية المختلطة.
هناك صبي سرق أسداً من سيرك محلي يديره متطرفون بيض. يتم القبض على الصبي لكن احتجاجات سكان الحي يقذفون رجال البوليس بوابل من الحجارة. خلال التوتر يطلق غوادا رصاصة على الصبي. هنا ترتفع حدة المواجهة بين ستيفن وبين زميليه، إذ ينوي الأول نقل الصبي إلى المستشفى، بينما لا يود الآخران تعريض نفسيهما للمساءلة. ما يلي ذلك سلسلة متصاعدة من الأحداث تنتهي في مشهد ختامي رائع التكوين.
ما هو أكثر أهمية من الحكاية المكتوبة جيداً (والمنفذة جيداً كذلك) مرجعيتها في أيامنا هذه. لدينا الإسلام المتطرف والإسلاموفوبيا ولدينا اليمين المعتدل واليمين المتطرف. القلق على التجانس الاجتماعي بين المكوّنات البشرية التي يتشكل منها الشعب الفرنسي وبين الداعين لطرد الأفارقة والمسلمين من البلاد و«استعادة فرنسا للفرنسيين»، كما في خطب مارين لوبان.
الفيلم مبني على أحداث تقع في يوم واحد ليس فيه ما تردد صداه في عالم رواية فكتور أوغو أو أحداثها. وقدرة المخرج لادج لي في تحقيق هذا الفيلم بكل لهاثه المتواصل رائعة. لديه القدرة على تصميم الحدث كموقع وتصميم الكيفية التي سيصوّره بالتواصل مع ما سبق أو ما سيلحق. ليس لديه الوقت للهدوء لكنه لا يغض النظر عن ضرورة الإحاطة بالمكونات والنوازع الشخصية لكل من أبطاله الثلاثة. فقط في النهاية يختم المخرج بنص قصير من رواية «البؤساء» تبدو، ولو لحين، كما لو أنها السبب الذي من أجله تم تحقيق هذا الفيلم. الغائب حقيقة أن الرسالة المنضوية في كنف هذا العمل لا تشرئب برأسها على قدر كاف من الإدانة. بالنسبة لإبطال الفيلم ما مر هو تجربة لا تدين أحداً بما يكفي.
الطريقة التي يتعامل بها المخرج مع موضوعه والحيوية التي يوفرها لمشاهده تنساب إلى المُشاهد من دون كلل. لدى لادج الكثير من الثقة تمكنه من تجاوز حقيقة أن السيناريو يتكاسل في إيجاد لحمة أكثر واقعية لفيلم عليه أن يبقى في إطار الواقع إذا ما أراد إيصال رسالته عنه.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق فيلم «الحريفة 2» اعتمد على البطولة الشبابية (الشركة المنتجة)

«الحريفة 2» ينعش إيرادات السينما المصرية في موسم «رأس السنة»

شهدت دور العرض السينمائي في مصر انتعاشة ملحوظة عبر إيرادات فيلم «الحريفة 2... الريمونتادا»، الذي يعرض بالتزامن مع قرب موسم «رأس السنة».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.