أفلام عن هشاشة الافراد وآلام وويلات الحروب والثورات في ثامن أيام «مراكش»

المغربي بنسعيدي والفرنسي بونيلو يتحدثان عن تجربتيهما في الإخراج

من تقديم فيلم «عالمنا» للكوسوفية لوانا باجرامي (الجهة المنظمة)
من تقديم فيلم «عالمنا» للكوسوفية لوانا باجرامي (الجهة المنظمة)
TT

أفلام عن هشاشة الافراد وآلام وويلات الحروب والثورات في ثامن أيام «مراكش»

من تقديم فيلم «عالمنا» للكوسوفية لوانا باجرامي (الجهة المنظمة)
من تقديم فيلم «عالمنا» للكوسوفية لوانا باجرامي (الجهة المنظمة)

بعد تكريمه في سادس أيام «مهرجان مراكش»، اعترافاً بموهبته وتأكيداً لقيمته الفنية داخل المشهد السينمائي المغربي، حلّ المخرج وكاتب السيناريو والممثل فوزي بنسعيدي، أول من أمس الجمعة، ضيفاً على فقرة «حوار مع ...»، ضمن فعاليات اليوم الثامن من هذه التظاهرة الفنية التي تواصلت على مدى 9 أيام. كما كان الموعد، في فقرة حوارية ثانية، مع المخرج وكاتب السيناريو الفرنسي برتران بونيلو، الذي تحدث عن بداياته واختياراته الفنية وقناعاته، وكيف صار مخرجاً سينمائياً.

وعلى مستوى العروض السينمائية، تميزت فعاليات هذا اليوم بدخول فيلمين جديدين سباق الفوز بجوائز المهرجان هما «الهدير الصامت» (2023) للأسكوتلندي جوني بارينكتون، و«عالمنا» (2023) للكوسوفية لوانا باجرامي؛ فيما عُرض «مايكينغ أوف» (2023) للفرنسي سيدريك كان، في فقرة «العروض الاحتفالية». و«مروكية حارة» (2023) للمغربي هشام العسري، في فقرة «بانوراما السينما المغربية»، و«غير المرغوب فيهم» (2023) للفرنسي لادج لي، في فقرة «العروض الخاصة». وفي «القارة الحادية عشرة»، كان الموعد مع «فتاة صغيرة زرقاء» (2023) للفرنسية منى عشاش، و«العروس» (2023) للرواندية ميريام بيرارا، و«بين الثورات» (2023) للروماني فلاد بيتري، و«جبل رأس جوز الهند» (2023) للكونغولي آلان كاساندا.

المخرج المغربي فوزي بنسعيدي في فقرة حوارية بالمهرجان (الجهة المنظمة)

حواران مع بنسعيدي وبونيلو

شكل اللقاء الحواري مع بنسعيدي فرصة للوقف على قناعاته واختياراته، والاقتراب أكثر من طريقة تدبيره لتجربته السينمائية، وتأكيداً للمضمون الذي تتحرك من خلاله أعماله، قال بنسعيدي إن بإمكان الأعمال السينمائية تمرير رسائل قادرة على «قلب المعايير وتغيير العالم».

وجاء ربط المخرج المغربي بين السينما وأوضاع العالم، في سياق تفاعله مع مشهد من «يا له من عالم رائع»، ظهرت فيه بطلة الفيلم، في دور شرطية مرور، وهي تؤدي مهمتها في ضبط حركة المرور على مستوى إحدى المدارات الطرقية، قبل أن تتقاطع نظراتها مع شاب، فيتبادلان الإعجاب، قبل أن ينتقل إلى «مشهد راقص» لحافلات وسيارات ودراجات نارية، حول المدارة الطرقية، فيما يشبه سمفونية تضبط الشرطية إيقاعها بدقة عجيبة.

وتطرّق بنسعيدي، في معرض مروره الحواري، إلى الكيفية التي يختار بها الفضاءات التي يصور فيها أعماله، مشيرا إلى أنه يتعامل معها كتعامله مع عملية «الكاستينغ» التي تتم على مستوى اختيار الممثلين. وأضاف أنه يزور تلك الفضاءات بمفرده، قبل بدء التصوير، وخلال أوقات متفرقة من اليوم، لأجل تحديد الوقت الملائم للتصوير. كما تحدث عن التطور والتجديد الحاصلين على مستوى أعماله، وشدّد على أن المهم بالنسبة إليه يبقى الوفاء لشغف شخصي بالسينما.

وعن أعماله، ومدى إمكانية مفاضلته بينها، قال إنه لا يميز بين عمل وآخر، مشدداً على أنه صنع كل فيلم من أفلامه بالحب والشغف والصدق نفسه. كما تحدث عن علاقة المسرح بالسينما، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة استفادت كثيراً من الممثلين القادمين من المسرح، لكنه رأى أن السينما تبقى أقرب إلى الموسيقى والهندسة المعمارية منها إلى المسرح.

المخرج الفرنسي برتران بونيلو في فقرة حوارية بالمهرجان (الجهة المنظمة)

من جهته، تحدث بونيلو، في فقرته الحوارية، عن انتقاله من الموسيقى إلى السينما، وهو الذي بدأ رحلته الفنية منشغلاً بالموسيقى الكلاسيكية، وكان يحلم في مرحلة المراهقة بأن يصبح قائد فرقة موسيقية، قبل أن يتحول إلى موسيقى الروك والبوب. وفي منتصف العشرينات من عمره، بدأ يهتم بالسينما، من خلال مشاهدة الأفلام، وأخذ فكرة عن أفكار وقناعات المتخصصين بها من خلال قراءة حواراتهم، ليبدأ، شيئاً فشيئاً، في اكتساب صرامة فنية، مكنته من سرد القصة وكتابة الفيلم بطريقة خاصة ومميزة.

ولتوضيح أفكاره أكثر، استعرض بونيلو أمام الحضور مقتطفات من عدد من أفلامه، كما تحدث عن عناصر تكوين المشروع السينمائي، متوقفاً عند تجربته في فيلم «سان لوان»، الذي يتناول السيرة الذاتية للمصمم الفرنسي الشهير إيف سان لوران. كما تحدث عن تفاصيل التصوير ورؤيته للعملية الإبداعية.

وعُرض لبونيليو أول فيلم طويل، «شيء عضوي» (1998)، في قسم البانوراما بمهرجان «برلين»، وشارك فيلمه «المصور الإباحي» (2001) في قسم أسبوع النقاد بمهرجان «كان»، حيث فاز بجائزة الاتحاد الدّولي للنقاد السينمائيين. كما اختيرت أفلامه المتوالية في مهرجان «كان»: «تيريزيا» (2003)، و«في الحرب» (2008)، و«التسامح: ذكريات من منزل الدعارة» (2011)، و«سان لوران» (2014). وبعد ذلك، أخرج «نوكتوراما» (2016)، واختير «طفلة زومبي» في قسم «أسبوعي المخرجين» (2019)، و«الغيبوبة» (2022) في المسابقة الرسمية لمهرجان «برلين»، حيث نال جائزة الاتحاد الدّولي للنقاد السينمائيين. فيما عُرض فيلمه الأخير «الوحش» (2023)، في مسابقة «مهرجان البندقية السينمائي الدّولي».

هدير صامت وثورات

جاءت أفلام اليوم الثامن في المهرجان متنوعة، في توجهاتها الفنية والمضامين التي تلامسها، تتراوح في ذلك بين رصد هشاشة الواقع اليومي وانكسارات الأفراد في مختلف تجلياتها ومستوياتها، علاوة على استحضار مظاهر البؤس والتوتر والألم التي تعاني منها شعوب وجماعات في عدد من مناطق العالم، وتوْقها إلى مستقبل أفضل.

وتدور أحداث «الهدير الصامت» في جزيرة لويس في أسكوتلندا، من خلال شخصية دوندو، راكب الأمواج الشاب، الذي لم يتقبل واقعة رحيل والده الصياد بعد فقدانه في البحر منذ ما يزيد على السنة. بطبعه الهادئ والحالم، بدأ يقترب من ساس، زميلته في الدراسة، وهي فتاة مفعمة بالذكاء لا تتردد في استفزاز الآخرين. ستنمو بين الشابين صداقة غير متوقعة ستساعدهما في شق طريقهما في مجتمع ريفي، بين الأمواج العاتية والمعتقدات ونيران الجحيم.

أما «عالمنا»، فتدور أحداثه في كوسوفو في 2007، حين تغادر كل من زوي وفولتا قريتهما النائية من أجل الالتحاق بجامعة بريشتينا. وعشية الاستقلال، ومع تصاعد حدة التوتر السياسي والاجتماعي، تواجه الشابتان صخب بلد في بحث عن هويته، بلد ترك شبابه كل شيء خلفه.

من تقديم فيلم «مروكية حارة» (2023) للمغربي هشام العسري (الجهة المنظمة)

فيما تتمحور أحداث «مايكينغ أوف» حول سيمون، وهو مخرج فرنسي شهير، بدأ تصوير فيلم جديد عن العمال الذين يناضلون لمنع نقل مصنعهم. لا شيء يسير كما هو مخطط له. فمنتجته فيفيان ترغب في إعادة كتابة نهاية الفيلم وتهدد بخفض الميزانية، وفريقه مضرب عن العمل، وحياته الشخصية في حالة من الفوضى، ومما يزيد الطين بلّة أن الممثل الرئيسي آلان شخص غبي وأناني. يوافق جوزيف، الممثل الثانوي في الفيلم الذي يريد ولوج عالم السينما، على تصوير مرحلة تصنيع الفيلم. يأخذ جوزيف دوره الجديد على محمل الجد ويبدأ في متابعة طاقم التصوير والتقاط كل صور هذه الفوضى. ما يلي من أحداث يدل على أن «المايكينغ أوف» قد يكون في بعض الأحيان أفضل بكثير من الفيلم نفسه.

أما «مروكية حارة» (مغربية حارة) فيقدم تشخيصاً مصوراً للمجتمع من خلال امرأة مغربية ترفض الخضوع. وتدور أحداث الفيلم في مدينة الدار البيضاء المتوهجة، حيث تبدأ خديجة، الملقبة كاتي، يومها بمزاج سيئ. وفي لحظة من العزلة والصراحة، تكتشف أن الحياة لم تكن سهلة بالنسبة لها، لتدرك، عشية عيد ميلادها الثلاثين، أن عائلتها تستغلها، وخطيبها أيضاً.

في «غير المرغوب فيهم»، يتعلق الأمر بقصة هابي التي تولي اهتماماً بالغاً لكل ما يهم أمور بلديتها، فتكتشف التصميم الجديد لإعادة تهيئة الحي الذي تقطن فيه. بإيعاز من بيير فورجيس، طبيب الأطفال الشاب الذي أصبح عمدة للمدينة، يضع التصميم من بين مخططاته هدم المبنى الذي نشأت فيه هابي، فتخوض مع أقاربها نضالاً قوياً في مواجهة البلدية وطموحاتها الكبيرة لمنع هدم العمارة رقم 5.

من تقديم «فتاة صغيرة زرقاء» بحضور المخرجة منى عشاش والممثلة ماريون كوتيار (الجهة المنظمة)

أما «فتاة صغيرة زرقاء» فيحكي قصة منى عشاش، التي اكتشفت بعد وفاة والدتها، آلاف الصور والرسائل والتسجيلات، لكن هذه الأسرار الدفينة قاومت لغز اختفائها. وبقوة السينما وبفضل إمكانية التجسيد، تقرّر بعثها من جديد لتعيد إحياءها ولتستطيع فهمها.

ويعرض «العروس» قصة إيفا، وهي امرأة شابة تطمح في أن تصبح طبيبة. ستُختطف هذه الشابة، بعد مرور ثلاث سنوات على الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا. ووفقاً لتقاليد كوتيرورا، ينوي مختطفها الزواج بها رغماً عنها. وبعد شعورها بأن عائلتها تخلّت، ودفعت بها للخضوع والقبول بالأمر الواقع، تتقرب الشابة من ابنة عم خاطفها، لكنها، عندما تكتشف الماضي المأساوي لعائلتها الجديدة، ستصبح في حيرة من أمرها، بحيث لم تعد تعرف هل عليها الفرار أو البقاء.

وتدور أحداث «جبل رأس جوز الهند» في نيجيريا، حيث تنظم مجموعة من طلبة جامعة إيبادان، وهي أقدم جامعة في نيجيريا، كل خميس، نادياً سينمائياً يحوّل مدرجاً صغيراً إلى فضاء سياسي تُطوّر فيه وجهات النظر وتُصقل الكلمة النقدية. والفيلم هو تعبير ازدرائي يرمز للشباب السطحي الذي يفتقد القدرة على التفكير، وقد مُنح معنى جديدا بعدما تخلّص الطلبة من وصمة العار هذه التي أُلصقت بهم، ليطالبوا بحقهم في حرية الفكر.

أما «بين الثورات»، الذي أنجز بصور أرشيفية مقترنة بشريط صوتي مفعم بالألوان، فيستحضر بشكل حميمي، تتخلله لحظات حزن وفرح، نضالات الشعوب من أجل مستقبل أفضل، من خلال الصداقة المتينة التي تجمع بين امرأتين. وتدور أحداثه في رومانيا نهاية سبعينات القرن الماضي، حيث تربط بين زهرة وماريا علاقة صداقة قوية منذ فترة دراستهما في كلية الطب ببوخارست. لكن، ما إن شعرت زهرة بأن رياح التجديد بدأت تهب على بلدها إيران، حتى تركت الجامعة وعادت مسرعة إلى طهران مفعمة بتطلعات ثورية، في فترة تميزت بانعدام الاستقرار الذي يعرفه نظامان سياسيان على وشك الانهيار. لكن علاقتهما استمرت بتبادل رسائل تصفان فيها حياتهما اليومية.


مقالات ذات صلة

«الأقصر للسينما الأفريقية» يحمل اسم نور الشريف ويكرّم خالد النبوي

يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)

«الأقصر للسينما الأفريقية» يحمل اسم نور الشريف ويكرّم خالد النبوي

أعلنت إدارة مهرجان «الأقصر للسينما الأفريقية»، الجمعة، عن تفاصيل الدورة الرابعة عشرة من المهرجان، التي تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق المهرجان يجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها العلا (واس)

انطلاق «شتاء طنطورة» في العُلا بفعاليات ثقافية وتراثية

انطلقت فعاليات مهرجان «شتاء طنطورة» في نسخته الجديدة بمحافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، ليجمع بين الثقافة والتراث والفنون التي تتميز بها المنطقة.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق لعبت بطولة فيلم «ذنوب مخفية» للمخرج سيرج الهليّل (تمارا حاوي)

تمارا حاوي تشارك في «ذنوب مخفية» ضمن «مهرجان بيروت للأفلام القصيرة»

تجد تمارا الأفلام القصيرة ترجمة لصُنّاع السينما الجريئة. وتؤكد أن عرض فيلم «ذنوب مخفية» في بيروت، شكّل محطة مهمة، بعد تنقُّله في مهرجانات عالمية.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)

انتقاد محمد التاجي لفيلم يوسف شاهين يفجر جدلاً

لقطة شهيرة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة شهيرة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

انتقاد محمد التاجي لفيلم يوسف شاهين يفجر جدلاً

لقطة شهيرة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة شهيرة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

بالتزامن مع الذكرى الـ16 لرحيل المخرج المصري يوسف شاهين (1926 - 2008)، أثار تصريح الفنان المصري محمد التاجي جدلاً واسعاً في الوسط الفني بعدما وصف فيلم شاهين الشهير «الأرض» بأنه «أسوأ ما قُدّم في السينما المصرية»، رغم اختياره ضمن أفضل 100 فيلمٍ في تاريخها.

وكتب التاجي عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «أريد الحديث عن موضوع، وإن كنت سأضع يدي بسببه في عشّ دبابير، فأنا أرى أن فيلم (الأرض) الذي يُعدّ أيقونة السينما المصرية، هو أسوأ ما قُدم في السينما المصرية».

ولفت التاجي إلى أن سبب هذا الرأي هو المشهد الذي يوحي بقيام «وصيفة» بطلة الفيلم (أدت دورها الفنانة نجوى إبراهيم) بالتحرش بطفل صغير، مستطرداً: «كيف سمح التلفزيون بهذا المشهد، أم لأن الفيلم من إخراج من يدّعي أنه إله السينما العربية، مع أننا كان لدينا في ذلك الوقت مخرجون أعظم منه بكثير أمثال صلاح أبو سيف، وكمال الشيخ، وحسن الإمام وغيرهم».

الفنان المصري محمد التاجي (حسابه على فيسبوك)

وأثار منشور التاجي جدلاً، فبينما رأى من يؤيده في الرأي من متابعيه أنه على حق خصوصاً في مشهد (وصيفة)، فإن آخرين قالوا إن «حكمه أخلاقي لا يستقيم مع نجاح الفيلم».

وقد عُدّ فيلم «الأرض»، إنتاج سنة 1970، والمأخوذ عن رواية الكاتب المصري الراحل عبد الرحمن الشرقاوي، أحد أهم أفلام السينما المصرية، واختير في احتفالية مئوية السينما المصرية ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية باستفتاء النقاد.

ويرى الدكتور وليد سيف، أستاذ النقد السينمائي في معهد النقد الفني بأكاديمية الفنون في مصر، أنه لا يزال هناك خلط كبير لدى الناس بين الرأي والنقد حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»: ويضيف: «ما ورد من الفنان محمد التاجي هو في النهاية رأي، ومع ذلك فهو رأي به مبالغة شديدة، وقسوة مفرطة تجاه فيلم له قيمته الكبيرة في السينما المصرية». موضحاً أن المشهد الذي يتحدث عنه التاجي، هو من الناحية الأخلاقية مشهد ورد في رواية عبد الرحمن الشرقاوي المأخوذ منها الفيلم، ولكن في الرواية تأتي الحكاية على لسان الطفل ورؤيته، وهو ما لم يحدث في الفيلم، لذلك خرج المشهد كأنه دون سياق، ودون تتّبع للطفل فيما بعد، لذلك من وجهة نظر فنية بدا هذا المشهد مُقحماً على الفيلم، لكنه في الوقت نفسه تفصيلة لا تهدم فيلماً بأكمله، ولا تقلّل من قيمته الكبيرة.

يوسف شاهين (أرشيفية)

وإلى جانب الاحتفاء النقدي بفيلم «الأرض»، فهو يُعدّ أحد أكثر أفلام الراحل يوسف شاهين جماهيرية، حتى أن كادراته ومشاهده لا تزال مادة فنية أيقونية يجري تداولها عبر مواقع التواصل إلى اليوم، لا سيما مشهد الضحكة الساخرة الشهيرة التي تجمع بين أبطال الفيلم محمود المليجي، ويحيى شاهين، وعزت العلايلي، وحمدي أحمد، وعلي الشريف، علاوة على تداول عبارات الفيلم الشهيرة وأبرزها «كنا رجالة وهنفضل طول عمرنا رجالة»، وأغنيته الشجيّة «الأرض لو عطشانة».

وتبدو تلك الخلفية التاريخية الطويلة لنجاح الفيلم نقدياً وجماهيرياً، هو ما صعّد من استغراب تصريح الفنان المصري محمد التاجي، وهو حفيد الفنان المصري الراحل عبد الوارث عسر الذي قام بدور العمدة في فيلم «الأرض».

لقطة شهيرة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

ودفعت تعليقات كثيرة لاعتبار كلامه محاولة للوصول لسباق الـ«تريند»، وحسب محمد عبد الرحمن، الكاتب والناقد الفني المصري، فإنه «تصريح غير مفهوم من نجم هو ابن السينما المصرية في أوج مجدها، وفكرة الحكم الأخلاقي على فيلم بعد سنوات طويلة من عرضه أمر غير مُبرر، فكل فيلم هو ابن زمنه وابن ظروفه، وإذا كان هناك اعتراض على فيلم يكون في وقتها وليس بعده بسنوات، فهذه تصريحات تُستخدم لإثارة الجدل والتشكيك في تراث السينما».