بالتزامن مع الذكرى الـ16 لرحيل المخرج المصري يوسف شاهين (1926 - 2008)، أثار تصريح الفنان المصري محمد التاجي جدلاً واسعاً في الوسط الفني بعدما وصف فيلم شاهين الشهير «الأرض» بأنه «أسوأ ما قُدّم في السينما المصرية»، رغم اختياره ضمن أفضل 100 فيلمٍ في تاريخها.
وكتب التاجي عبر صفحته الشخصية على «فيسبوك»: «أريد الحديث عن موضوع، وإن كنت سأضع يدي بسببه في عشّ دبابير، فأنا أرى أن فيلم (الأرض) الذي يُعدّ أيقونة السينما المصرية، هو أسوأ ما قُدم في السينما المصرية».
ولفت التاجي إلى أن سبب هذا الرأي هو المشهد الذي يوحي بقيام «وصيفة» بطلة الفيلم (أدت دورها الفنانة نجوى إبراهيم) بالتحرش بطفل صغير، مستطرداً: «كيف سمح التلفزيون بهذا المشهد، أم لأن الفيلم من إخراج من يدّعي أنه إله السينما العربية، مع أننا كان لدينا في ذلك الوقت مخرجون أعظم منه بكثير أمثال صلاح أبو سيف، وكمال الشيخ، وحسن الإمام وغيرهم».
وأثار منشور التاجي جدلاً، فبينما رأى من يؤيده في الرأي من متابعيه أنه على حق خصوصاً في مشهد (وصيفة)، فإن آخرين قالوا إن «حكمه أخلاقي لا يستقيم مع نجاح الفيلم».
وقد عُدّ فيلم «الأرض»، إنتاج سنة 1970، والمأخوذ عن رواية الكاتب المصري الراحل عبد الرحمن الشرقاوي، أحد أهم أفلام السينما المصرية، واختير في احتفالية مئوية السينما المصرية ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية باستفتاء النقاد.
ويرى الدكتور وليد سيف، أستاذ النقد السينمائي في معهد النقد الفني بأكاديمية الفنون في مصر، أنه لا يزال هناك خلط كبير لدى الناس بين الرأي والنقد حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»: ويضيف: «ما ورد من الفنان محمد التاجي هو في النهاية رأي، ومع ذلك فهو رأي به مبالغة شديدة، وقسوة مفرطة تجاه فيلم له قيمته الكبيرة في السينما المصرية». موضحاً أن المشهد الذي يتحدث عنه التاجي، هو من الناحية الأخلاقية مشهد ورد في رواية عبد الرحمن الشرقاوي المأخوذ منها الفيلم، ولكن في الرواية تأتي الحكاية على لسان الطفل ورؤيته، وهو ما لم يحدث في الفيلم، لذلك خرج المشهد كأنه دون سياق، ودون تتّبع للطفل فيما بعد، لذلك من وجهة نظر فنية بدا هذا المشهد مُقحماً على الفيلم، لكنه في الوقت نفسه تفصيلة لا تهدم فيلماً بأكمله، ولا تقلّل من قيمته الكبيرة.
وإلى جانب الاحتفاء النقدي بفيلم «الأرض»، فهو يُعدّ أحد أكثر أفلام الراحل يوسف شاهين جماهيرية، حتى أن كادراته ومشاهده لا تزال مادة فنية أيقونية يجري تداولها عبر مواقع التواصل إلى اليوم، لا سيما مشهد الضحكة الساخرة الشهيرة التي تجمع بين أبطال الفيلم محمود المليجي، ويحيى شاهين، وعزت العلايلي، وحمدي أحمد، وعلي الشريف، علاوة على تداول عبارات الفيلم الشهيرة وأبرزها «كنا رجالة وهنفضل طول عمرنا رجالة»، وأغنيته الشجيّة «الأرض لو عطشانة».
وتبدو تلك الخلفية التاريخية الطويلة لنجاح الفيلم نقدياً وجماهيرياً، هو ما صعّد من استغراب تصريح الفنان المصري محمد التاجي، وهو حفيد الفنان المصري الراحل عبد الوارث عسر الذي قام بدور العمدة في فيلم «الأرض».
ودفعت تعليقات كثيرة لاعتبار كلامه محاولة للوصول لسباق الـ«تريند»، وحسب محمد عبد الرحمن، الكاتب والناقد الفني المصري، فإنه «تصريح غير مفهوم من نجم هو ابن السينما المصرية في أوج مجدها، وفكرة الحكم الأخلاقي على فيلم بعد سنوات طويلة من عرضه أمر غير مُبرر، فكل فيلم هو ابن زمنه وابن ظروفه، وإذا كان هناك اعتراض على فيلم يكون في وقتها وليس بعده بسنوات، فهذه تصريحات تُستخدم لإثارة الجدل والتشكيك في تراث السينما».