قال كارلو شاتريان، المدير الفني لمهرجان برلين، إن وجود دعم من «صندوق البحر الأحمر» لصناع الأفلام بجانب صناديق الدّعم الأخرى من الخليج، أمرٌ يمثّل فرصة جيدة لصناع السينما، ليس فقط العربية، لكن أيضاً لصناع السينما العالمية الذين يقدّمون أعمالهم في المنطقة.
وأضاف شاتريان، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أنه لم يكن من الممكن خروج الفيلم اللبناني «متل قصص الحب» إلى النور، في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمرّ بها البلد، من دون دعمٍ كبيرٍ، وبالتالي فإن وجود دعمٍ من الصندوق مع الجهات الأخرى ساعد مخرجته على إنجاز الفيلم.
ولفت إلى أن «البحر الأحمر» دعم أفلاماً مهمة، من بينها الفيلم التونسي «ماء العين»، الذي يُعدّ أحد الأفلام المتميزة فنياً، والموجودة في المسابقة الرسمية للمهرجان، معتبراً وجود اثنين من الأفلام التي حصلت على دعم «البحر الأحمر» بالمسابقة الرسمية نتيجة لعمل مستمر من القائمين عليه.
ويدعم «مهرجان البحر الأحمر» أربعة أفلام تُعرض في الدورة 74 من مهرجان برلين، هما «ماء العين» للمخرجة مريم جوبار، و«الشاي الأسود» للمخرج الموريتاني عبد الرحمن سيساكو، المعروضان في المسابقة الرسمية، بالإضافة إلى فيلمي «متل قصص الحب» للمخرجة ميريام الحاج، و«الناجون من العتمة» للمخرج نيلسون ماكينجو المشاركين في عروض أفلام البانوراما.
وأكد المدير الفني لمهرجان برلين أن العقد الأخير شهد تقديم عدد من الأفلام العربية، من بينها السعودية، مشدداً على أن تطور صناعة السينما سيحدث بشكل تلقائي مع مرور الوقت والاطّلاع والاختلاط بين صناع الأفلام في المنطقة العربية والعالم.
وشارك العام الماضي الفيلم اليمني «المرهقون» الذي حصل على «جائزة منظمة العفو الدّولية»، ونال استحسان عدد كبير من النقاد وعرض ضمن «برنامج بانوراما»، وهو الفيلم المدعوم من «صندوق البحر الأحمر».
يشير كارلو شاتريان إلى أهمية دعم صناعة السينما من جهات ودول لديها اهتمام بصناعة السينما ونشر ثقافتها، مستذكراً طفولته التي عاشها في بلدة صغيرة كانت السينما فيها طريقته لمعرفة ما يحدث في العالم حوله، وكيفية التواصل مع الآخرين.
وبينما شهدت الدورة الأخيرة من مهرجان برلين تجاذبات بشأن حرب غزة والموقف منها، كان لافتاً تراجع الدعم الكبير الذي حظيت به أوكرانيا مقارنة بالدورة السابقة من المهرجان وعدم تنظيم فعاليات داعمة لكييف، بعدما تحدّث رئيسها في كلمة مصورة عرضت خلال افتتاح الدورة الماضية.
وعن ذلك يقول المدير الفني لمهرجان برلين إن «الأفلام دائماً ما تكون مرآة لما يحدث في العالم، فصناع الأفلام ليسوا مراسلين أو صحافيين»، مشيراً إلى أن «الأفلام يمكنها أن تغيّر الطريقة التي ينظر بها الناس إلى العالم، وهو الهدف الذي يسعون لتحقيقه».
وأضاف أن مهرجان برلين يشجّع على الحوار، «صحيح أن الأطراف المتناقضة لن تجلس على طاولة الحوار نفسها، لكنهم سيذهبون للسينما معاً»، مشيراً إلى أن «مشاهدة الأفلام يأتي الخروج بعدها لبدء الحوار أملاً في التوصل لنقاط التقاء».
وتُعدّ الدورة 74 من المهرجان آخر دورة للمدير الفني الإيطالي الذي أعلن قرار مغادرته في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد 5 سنوات قضاها في منصبه، وفي إطار تطبيق خطة لإعادة هيكلة المهرجان من خلال نظامٍ جديدٍ يشبه المدير الفني في المسارح والمؤسسات الإعلامية، وهي الخطة التي أعلنتها وزارة الدولة الألمانية للثقافة الخريف الماضي.
وقال شاتريان إن قرار مغادرته المهرجان يأتي بعد شعوره بأن لا إمكانية لديه للاستمرار مع الشكل الجديد الذي ستكون عليه الإدارة من العام المقبل، مع عدم وجود منصبه مديراً فنياً للمهرجان، وهو الدور الذي لعبه خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكداً أنه لم يحسم خطوته المقبلة بعد، ولكنه سيكون داعماً لصناع الأفلام حول العالم.