د. عبد الله الردادي
يحمل الردادي شهادة الدكتوراه في الإدارة المالية من بريطانيا، كاتب أسبوعي في الصفحة الاقتصادية في صحيفة الشرق الأوسط منذ عام ٢٠١٧، عمل في القطاعين الحكومي والخاص، وحضر ضيفا في عدد من الندوات الثقافية والمقابلات التلفزيونية
TT

{أمازون برايم}

تبدأ اليوم الاثنين عروض تخفيضات موقع «أمازون» السنوية المعروفة بـ«يوم برايم»، الذي يشابه عروض «الجمعة السوداء» في الولايات المتحدة و«يوم الصناديق» في بريطانيا و«يوم العزاب» في الصين. وسخّرت «أمازون» جميع إمكانياتها للتسويق لهذا اليوم جالبة المشاهير في حفل الافتتاح مثل تايلور سويفت وليدي غاغا، هادفة من خلال هذه الحملة التسويقية إلى زيادة عدد مشتركي برنامج «برايم» الذي يعطي المشتركين خدمات إضافية مثل سرعة توصيل الطلبات.
وبرنامج «برايم» هو جوهرة «أمازون»، فقد بدأ البرنامج في عام 2005 كمجرد اشتراك بمبلغ 79 دولاراً يدفع سنويا، ليصل الآن إلى 119 دولاراً. ويحصل المشترك من خلال البرنامج على مشترياته بوقت قياسي وبتكلفة أقل مقارنة ببقية العملاء من غير المشتركين. ويبلغ عدد مشتركي برايم ما يقارب 100 مليون مشترك في 27 دولة، أكثر من نصفهم في الولايات المتحدة، وهؤلاء المشتركون هم أكثر استمرارية في الشراء من غيرهم. وبحسب التقييمات، فإن متوسط القيمة الاستثمارية لعميل «أمازون» «برايم» هي 3000 دولار، مما يجعل القيمة السوقية لمشتركي برايم تربو على 190 مليار دولار! ولذلك فإن «أمازون» تعطي أهمية عظمى لمشتركي «برايم».
وتبني «أمازون» نموذج أعمالها حول برنامج «برايم»، فالبرنامج الذي بدأ بهدف تقليل وقت التوصيل، أصبح يتضمن اشتراكا لمشاهدة الأفلام وسماع الموسيقى والحصول على الخدمات السحابية، وحتى التخفيضات في المواد الغذائية من خلال شركة «هول فودز» المملوكة لـ«أمازون». وبقاعدة عملاء ضخمة مثل هذه، فإن لدى «أمازون» القدرة على إنجاح برامجها الجديدة من خلال تسويقها لعملاء «برايم» الموالين لها. وتطلق «أمازون» خدمات كثيرة، بعضها كتب لها النجاح مثل الخدمات السحابية والأفلام والموسيقى، والبعض الآخر لم يكن كذلك مثل «أمازون ستوديو» و«أمازون فاشن». إلا أن وجود عملاء «برايم» يعطيها أفضلية لا يمكن إنكارها.
وإضافة إلى أهمية عملاء «برايم» كونهم يتسوقون من الموقع باستمرار، فإن «أمازون» تستفيد من هؤلاء العملاء بطرق أخرى، منها أن الكثير من المعلنين يستهدفون هؤلاء العملاء، فتتسابق شركات عدة إلى الإعلان في «أمازون» ولعملاء «برايم» تحديدا. كما أن «أمازون» من خلال وجود عملاء مستمرين لفترة طويلة، تمتلك بيانات ضخمة لسلوك هؤلاء العملاء وتفضيلاتهم أثناء التسوق، وتقوم باستخدام هذه البيانات في تحسين خدماتها.
وبلغ معدل النمو في مبيعات «أمازون» أكثر من 16 في المائة في الربع ثاني من 2019، وهو مع ذلك أقل معدل نمو خلال السنوات الأربع الأخيرة. فقد قفزت أرباح «أمازون» ما بين الربع الأول في عام 2018 إلى الربع نفسه في عام 2019، من 1.6 مليار دولار إلى 3.6 مليار دولار، أي الضعف تماماً. ولم تكن هذه الزيادة في الأرباح بسبب زيادة المبيعات بقدر ما هي بسبب المراقبة والتحكم بالمصروفات. وتشكل أرباح الخدمات السحابية لوحدها أكثر من نصف أرباح «أمازون» محققة عوائد زادت على 72 مليار دولار. وترفض «أمازون» الإفصاح عن مدى التأثير المالي لبرنامج «برايم» على أرباحها.
هذه الزيادات توضح مدى التوسع الذي تعيشه «أمازون»، كما تبين أهمية برنامج «برايم» لها، ولذلك فهي الآن تستعد لإنفاق 800 مليون دولار لتطوير سرعة التوصيل لهؤلاء المشتركين، وكأن «أمازون» أدركت أن الفارق بين التسوق الإلكتروني والتسوق التقليدي هو سرعة الحصول على المشتريات. وبمشروعها الجديد، تسعى «أمازون» إلى تقليل وقت التوصيل إلى يوم واحد فقط لمشتركي «برايم». وهو ما سيضع منافسيها في موقف صعب.
وأهمية «أمازون» للمتاجر الإلكترونية كأهمية شركة «آبل» لسوق الهواتف الذكية، والمتابع لـ«آبل» يرى أنها تعلن عن منتج معين، وتتبعها بقية الشركات بفترة بالإعلان عن المنتج ذاته. وكذلك هو الحال لـ«أمازون»، فهي المعيار في المتاجر الإلكترونية، والبعد عن هذا المعيار يعني الخروج من السوق، ولذلك فالمتوقع أن تتجه الكثير من الشركات إلى إطلاق مشاريع مشابهة.
والمقارِن بين «يوم برايم» لـ«أمازون» و«يوم العزاب» لـ«علي بابا»، يرى أن الأخير يركز على حجم المبيعات في هذا اليوم، بينما تركز «أمازون» على تسويق لبرنامج «برايم» في هذا اليوم وزيادة قاعدة عملائها. والفارق بينهما أن «علي بابا» يحقق أرباحا ضخمة في يوم واحد، أما «أمازون» فتكسب عملاء جدد في هذا اليوم ليصبحوا عملاء مستمرين على مدار العام.