مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

فرنسا والجزائر... لدغة الحية واهتزاز الحبل

من المثير رصد موقف الدولة الفرنسية من «ثورة» الشعب الجزائري. وتعبير «ثورة» هو مجاراة للقاموس اليساري والإخواني والخميني وبقية «الثورجية»!
السؤال؛ لماذا هذا «التفهّم» الفرنسي لسياسات السلطات الجزائرية، وهذا اللين في دعم «الربيع الجزائري»؟ ومرة أخرى نحن نحاكي لغة القوم.
في فرنسا ساركوزي، كان الدعم الفرنسي للثورة في تونس وليبيا، خاصة، وبقية الثورات الربيعية «الإخوانية» دعماً ساطعاً قاطعاً جامعاً مانعاً، فماذا جرى لأحفاد الثوار الفرنسيين القدامى وورثة النور الليبرالي الثوري؟
هنا السياسة والمصالح، تفرض نفسها، خاصة ونحن نتحدث عن أكبر بلد بشمال أفريقيا، بلد حساس الموقع والثروات والتاريخ، وجالياته تملأ البر والبحر الأوروبي.
وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قال أمام النواب: «يجب ترك العملية الانتخابية تأخذ مجراها في الجزائر، وهو بلد ذو سيادة»، مذكّراً بأن «ما يقرب من 4 ملايين شخص من أصول جزائرية يعيشون في فرنسا».
هذه التحفظات وتلك الاعتبارات كانت مهملة تماماً يوم امتشق نيكولا ساركوزي، صهوات الميراج في سماء ليبيا، وجال مندوبوه للتحريض والتبشير في تونس في موسم الدمار العربي «الربيع».
حسب الصحافي في شبكة «العربية»، المراسل النشط من فرنسا، حسين قنيبر، فقد باح مسؤول فرنسي، رفض الكشف عن اسمه، بما جمجم به لودريان أو ماكرون.
المسؤول الفرنسي كان واضحاً فقال: «إذا اشتعلت الجزائر يجب الخوف على الجميع، فهي أكبر بلد أفريقي، لا داعي للهلع، في الجزائر ليس هناك سيناريو تونس 2011 (...)، المظاهرات تحصل في كل بلدان العالم، تحصل في فرنسا كلّ سبت».
ودافع المسؤول الفرنسي عن الموقف الجزائري الرسمي، معتبراً أن «السلطات لا تصمّ آذانها عمّا يجري، بل لديها القدرة على سماع ما يقوله الشارع واستخلاص العبر»، مذكّراً بـ«حصيلة العشرية السوداء» (من 89 إلى 99 تقريباً) والذكريات السيئة التي تركتها في نفوس الجزائريين.
كما لم يتردّد المسؤول الفرنسي في التذكير «بجهود الرئيس بوتفليقة لإرساء المصالحة والخروج من الأزمة، مع أن بعض الملفات لم تجد حلاً لها كقضية الصحراء الغربية».
بكل حال، لا ندري كيف تنتهي أحداث الأزمة الجزائرية؟ وهل يفوت القطار هذه المخاوف الفرنسية، أم تجترح السلطات الجزائرية «الخفّية» حلّاً مرضياً للغاضبين في الشارع، من الإصرار على ترشيح الرئيس العاجز صحياً عبد العزيز بوتفليقة؟ وبصراحة، ليس هذا، ولا تشريح أهداف وفئات الثائرين، هو مناط حديثنا اليوم. مغزى الكلام هنا، هو ملاحظة هذا التحول الفرنسي الرسمي من 2011 إلى 2019 تجاه ثورات وهيجانات الشمال الأفريقي.
ثمة مثل بليغ يقول... من تلدغه الحيّة يخاف من الحبل!