سوسن الشاعر
إعلامية بحرينية تكتب في بعض الصحف البحرينية منها «الوطن» و«بوابة العين الإخبارية». عضو في مجلس أمناء «جائزة الصحافة العربية». كانت مقدمة لبعض البرامج التليفزيونية. خريجة جامعة بيروت العربية.
TT

من يوقف إيران عند حدودها؟

ملف التدخل الإيراني في العراق وتهيئته لأذرعها الإيرانية وتدريبها، وإعادة تصديرها إلى دول مجلس التعاون، بدلاً من أن تأتينا من إيران مباشرة، يجب أن يعالج في اجتماع الرياض مع الرئيس ترمب بحضور العبادي، وتلك مهمة إن نجحت دول الخليج فيها تكون قد قطعت شوطاً كبيراً في معالجة المشكلة الأمنية التي تتعرض لها الدول الخليجية.
يجد العبادي نفسه بين نارين، نار الهيمنة الإيرانية، ونار تبدل السياسة الأميركية تجاه إيران من جهة أخرى؛ ولأن العراق ما زال في حاجة إلى الدعم الأميركي للتخلص من «داعش» وإلى بسط السيطرة على المناطق السنية المتمردة، وفي حاجة إلى المملكة العربية السعودية لمساعدته في تهدئة تلك المناطق، فإنه بين نارين، هل يستجيب للضغط الأميركي - السعودي؟ أم للضغط الإيراني؟
أكبر التحديات التي يواجهها العبادي النفوذ الإيراني متمثلاً في خروج أكبر الفصائل المسلحة في الحشد الشعبي عن سيطرة الحكومة العراقية، والخبر الذي سرّبته حكومة العبادي الاثنين لوكالات الأنباء كان رسالة مقصودة تسبق به اجتماع الرياض، حيث كشفت مصادر سياسية عراقية لوكالات الأنباء، وأخرى حكومية في بغداد، يوم الاثنين، عن خلافات سياسية وصفتها بـ«الحادة» بين رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وفصائل محددة داخل ميليشيات «الحشد الشعبي»، بسبب استمرار احتضان تلك الفصائل لعناصر بحرينية مطلوبة في مملكة البحرين بتهم الإرهاب، وتدريبها في معسكر جنوب العراق، فضلاً عن رعاية تلك الميليشيات لمواقع وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي معادية للمنامة.
تسريب مثل هذا الخبر من قبل مسؤولين حكوميين عراقيين يأتي استجابة لتلك الضغوط الأميركية السعودية، وتبرئة ذمة من قبل العبادي بأنه (يحاول) فرض السلطة المركزية على فصائل مسلحة تأتمر بأمر الحرس الثوري الإيراني، ولا تأخذ صلاحياتها من الحكومة العراقية، إنما وصف تلك الخلافات «بالحادة» تشي بصعوبة السيطرة على تلك الميليشيات، وعدم قدرة العبادي على فرضها.
الكاتب اللبناني خير الله خير الله، قال في تصريح له لجريدة «العرب» اللندنية قبيل زيارة العبادي للولايات المتحدة إن «هناك سؤالاً تطرحه زيارة العبادي لواشنطن للقاء ترمب، هل يمكن الرهان على هذا الرجل في انتزاع العراق من إيران؟ الرهان على ذلك، يبدو رهاناً أميركياً ـ سعودياً، وهو مجازفة كبيرة، هذا ليس عائداً إلى أن العبادي عضو في حزب الدعوة الإسلامي ذي العلاقة العضوية مع النظام الإيراني فحسب، بل إلى عمق الوجود الإيراني في العراق الذي تجسّده حال ميليشيوية ممثلة بالحشد الشعبي».
وأضاف أنه «لم يكن هناك مفرّ من الرهان على إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي بعيداً عن إيران مجدداً، لا لشيء سوى لأنه لم يكن لدى إيران ما تقدمه للعراق والعراقيين باستثناء الفقر وإنعاش الغرائز المذهبية». (انتهى)
إنما ليس الحشد الشعبي فقط هو ما أحكمت به إيران الخناق على العراق، بل إن الخناق على تلك الدولة العربية بدأ من خلال تدخل المؤسسة الدينية الإيرانية في «العتبات المقدسة» والحوزات، فتدخلت إيران بذلك في القرار السياسي بذلك، فلا مرجعية تصل إلى درجة علمية تتيح لها الوصول لدرجة التقليد إلا بموافقة إيرانية، وما ينتج عن ذلك من تداعيات، أما السيطرة الأخيرة والتي لا تقل عنها خطورة هي السيطرة العسكرية بفصائل الحشد الشعبي التي تأتمر بأوامر قاسم سليماني لا بأوامر رئيس الحكومة العراقية. وبذلك فإن الاعتماد على العبادي كما يقول خير الله مجازفة فعلاً، إنما العمل على تخليص العراق من النفوذ الإيراني مهمة لا بد أن تكون على رأس أولويات أجندة الاجتماع الأميركي مع دول مجلس التعاون إن كانت مواجهتنا مع الأذرع الإيرانية في المنطقة حتمية، فلا خيار لنا غير ذلك؛ إذ قال مسؤول عراقي في أمانة مجلس الوزراء، في المنطقة الخضراء ببغداد لوكالات الأنباء بورود معلومات عن وجود نحو 50 بحرينياً قدِموا للعراق خلال الأشهر الماضية، بحجة زيارة «العتبات المقدسة»، وتلقوا تدريبات قصيرة في موقع تدريب تابع لميليشيا «حزب الله» العراقية، قرب بادية النجف، على الطريق المؤدي إلى كربلاء.
وبيّن، أن «المعلومات تشير إلى وجود نشاط غير محلي للميليشيات، وتدخل بشؤون دولة أخرى»، مؤكداً أن «حزب الله» العراقي، و«عصائب أهل الحق»، وميليشيا «الخراساني» وميليشيا «الإمام علي» تقوم بتنظيم دورات حول إعداد العبوات الناسفة، والقنابل اليدوية، واستخدام السلاح، لمواطنين من البحرين بلغ عددهم، منذ مطلع هذا العام نحو 50 شخصاً، عدا عن الذين يقيمون في العراق منذ نحو أربع سنوات، بسبب إصدار القضاء البحريني مذكرات قبض في حقهم بتهم الإرهاب. وبيّن، أن رئيس الوزراء تلقى معلومات من دولة عربية، غير خليجية، حول الموضوع، ووعد بإغلاق كل الأنشطة التي من شأنها تعكير أمن الدول الأخرى، إلا أن الميليشيات ما زالت في عنادها.
لم نكن لندعو للتدخل في الشأن العراقي، لولا تدخل الشأن العراقي بشؤوننا.