مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

النظر إلى وجوه الأحباب

جاء في كتاب (الوافي بالوفيات) للصفوي:
قال (سري السقطي)، وكان أوحد زمانه في الورع وعلوم التوحيد: منذ ثلاثين سنة، وأنا في الاستغفار من قولتي مرّة: (الحمد لله).
سألوه متعجبين: وكيف ذلك، وهل هناك عاقل أو مجنون يستغفر من رحمة ربه؟! قال: وقع في بغداد سنة من السنوات حريق هائل أكل الكثير من الدور والزروع والحوانيت والناس، وكنتُ وقتها على سفر.
وعندما عدتُ، استقبلني أحدهم يبشرني قائلاً: لقد نجا حانوتك، فقلت: الحمد لله. ومِن وقتها وأنا نادم، حيث أردت لنفسي خيرًا دون سائر الناس - انتهى.
يا خيبتك يا أبو المشاعل، إذن وين تودي وجهك، وأنت تردد دائمًا بمناسبة ودون مناسبة: (أنا ومن بعدي الطوفان)، أو (يا روحي ما بعدك روح)؟!
***
تنهد أحدهم وهو يقول لي: آخر ثلاث عمليات لـ(داعش) كانت في (مسجد وكنيسة وديسكو)، صار الواحد ما يعرف وين يروح!! قلت له: أنت ذكَّرتَني بأحد أقراني عندما كنا في فورة المراهقة، وأخذ هو يصدح بأعلى صوته مرددًا أغنية لأم كلثوم قائلاً: أروح لمين، أروح لمين؟!
ولم نتنبه لوالده (المطوع) الذي كان يسير خلفنا، وإذا به يجيبه قائلاً: روح المسجد يا كلب.
***
أغرب فتوى أو نصيحة شاهدتها في التلفزيون، عن شيخ يرد على متصل يقول له: إذا أردتَ أن تؤدب زوجتك، وخشيتَ على نفسك منها بسبب أنها متينة وضخمة وأقوى منك جسديًا، فلا بأس أن تبتعد عنها مسافة مأمونة، ثم تبدأ بقذفها بالطوب والحجارة.
***
كنا جالسين في إحدى الاستراحات، وطرح أحدنا سؤالاً لم أستسِغه لأنني أكره الخوض في وحول السياسة، وكان سؤاله هو: ما الفرق بين المسؤول الأفرنجي والمسؤول العربي؟!
وبالصدفة، كان من ضمن الحضور رجل مقاول له إلمام بالسباكة، فأجابه على الفور إجابة أعجبتني ولم أتوقعها، إذ قال:
المسؤول الأفرنجي مثل كرسي الحمام الأفرنجي، أعزكم الله، إذا كنت تريد تغييره، فما عليك إلا أن تفك المسامير، وكان الله يحب المحسنين.
أما المسؤول العربي، فهو أنك لو أردت أن تغير الكرسي، فلا بد أن تكسر الحمام كله علشان تغير الكرسي. ولم أتمالك نفسي حتى صفقت له قائلاً: خذوا الحكمة من أفواه السباكين.
***
سألني أحدهم قائلاً: ما هي الأربعة التي تزيد في نور العين؟! أجبته هي: الخضرة، والجدول الجاري، والشراب الصافي، والنظر إلى وجوه الأحباب.