كليف كروك
TT

محكمة الاستئناف والبيت الأبيض

حافظت محكمة الاستئناف الأميركية من الدائرة التاسعة على تجميد الأمر التنفيذي الرئاسي. وجاء تعليل المحكمة لقرارها موجزًا وبسيطًا، ويستحق قراءة مسهبة. فلم يكسر حكم المحكمة أية أسس دستورية، وهو لم يأتِ على توضيح أي شيء لم يكن واضحًا من قبل. كما أن الحكم لم يذكر أن الحكومة لا يمكنها التسيد في أمر كهذا: يلزم البيت الأبيض إعلان إذعانه القضائي الكبير حيال قضايا الهجرة والأمن القومي، كما أكدت المحكمة. الذي أفاد به حكم المحكمة، في واقع الأمر، هو أن الحكومة رفعت دعوى قضائية كانت غير كفؤة بشكل كبير على المحكمة لقبولها والنظر فيها.
وكانت المزاعم الرئيسية المطروحة من قبل الحكومة أن سياساتها غير قابلة للمراجعة والاستعراض من الناحية الحرفية. ووفقًا لذلك، قدمت القليل، أو هي لم تقدم ما يكفي لتبرير سياساتها في هذا الصدد (والأضرار التي ألحقتها بمواطني الولايات المتحدة). فما الذي كان يفكر فيه فريق السيد ترمب الرئاسي؟ لم يكن هذا الموقف موضعًا للشك، بل كان منافيًا تمامًا للمعقول. ولقد رفضت المحكمة النظر فيه أول الأمر.
على الرغم من أن الفقه القضائي الأميركي يكن احترامًا كبيرًا ومنذ فترة ليست بالقصيرة لمختلف الأفرع السياسية فيما يتعلق بالقضايا الخاصة بالهجرة والأمن القومي، لم تقضِ المحكمة العليا ولا المحكمة الفيدرالية قط بأن المحاكم تنقصها الصلاحيات القضائية اللازمة للنظر في الأوامر الرئاسية التنفيذية الخاصة بمثل تلك القضايا والمجالات والوقوف على مدى امتثالها للدستور الأميركي من عدمه. بل على النقيض من ذلك، فلقد رفضت المحكمة العليا الأميركية مرارًا وتكرارًا وفي علانية وصراحة فكرة أن تضطلع الأفرع السياسية بسلطات وصلاحيات غير قابلة للمراجعة والتدقيق حول قضايا الهجرة، أو أنها غير خاضعة للدستور الأميركي عندما يكون صنع القرار السياسي قيد السياق.
هل كان محامو الحكومة غير مدركين للأمر؟ وهل تفهموا مجرد أنهم يحملون أعباء تقديم الدليل في هذه الدعاوى الأخيرة؟ لقد كانت مهمتهم الأولى هي التأكيد على أرجحية أن يسود أمر الحكومة في الوقت المناسب بشأن مثل تلك القضايا الأساسية. ويمكن لها أن تسود فعلا - ولكنهم لم يقدموا ما يكفي لتأييد موقفهم هذا. إن كانت الحكومة قد حاولت تبرير سياستها، أو أي تحليل من جانبها، حتى وإن كان أقل من المقبول به قناعة وعقلانية، لكان لها حق المطالبة باحترام التكاليف والصلاحيات الممنوحة للحكومة. ولكن عندما لم تتقدم الحكومة بما يكفي من الحجج على الإطلاق في موضوع الدعوى، فما الذي يمكن للمحكمة فعله؟ إن الإذعان في ظل هذه الظروف سوف يكون من قبيل الاستسلام التام.
خصوصًا عند القول بأن تعليقات المحكمة على طلب الحكومة بتضييق نطاق الأمر الرئاسي بدلاً من إلغائه بالكامل. وتقول الحكومة في الوقت الراهن إن الأمر الرئاسي لا ينسحب على حاملي بطاقات الإقامة الدائمة الخضراء، ولقد أصدر مستشار البيت الأبيض إخطارًا بهذا الصدد. ولقد أجري التعديل على الأمر الرئاسي كذلك، أو تم توضيحه، للإشارة إلى، ربما، أنه لن ينطبق على الأجانب المسموح لهم في السابق بدخول البلاد، والذين يوجدون خارج الولايات المتحدة الآن لفترات مؤقتة. وتقول المحكمة في قرارها:
عند هذه النقطة، رغم كل شيء، لا يمكننا الاعتماد على ادعاءات الحكومة بأن الأمر التنفيذي لم يعد ساري المفعول على الرعايا المقيمين بصورة قانونية. وعلاوة على ذلك، وفي ضوء التفسيرات المتغيرة من جانب الحكومة حيال الأمر التنفيذي، لا يمكننا القول إن التفسير الحالي المقدم من قبل مستشار البيت الأبيض، حتى وإن كان موثوقًا وملزمًا، سوف يستمر لما بعد تجاوز مرحلة هذه الإجراءات القضائية.
وبعبارة أخرى، لا تبدو الحكومة أنها تعلم ما الذي يعنيه الأمر التنفيذي الصادر عنها على وجه التحديد.
في المقام الأول، بعد ذلك، لا يتعلق الأمر بما هو من قبيل السياسات الجيدة أو السيئة على أية حال. ولا يتعلق الأمر كذلك بمقدار الإذعان من جانب المحاكم الذي يحق للحكومة بموجب الدستور - وهي القضية الكبرى التي لا يزال يتعين معالجتها في هذه القضية. بل إنها مسألة الإدارة الأميركية التي تلازمها عدم المعرفة الواضحة عندما يتعلق الأمر بإعداد، وتنفيذ، والدفاع القضائي الواجب عن سياساتها.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»