أقرت الاستخبارات المركزية الأميركية، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، أن قراصنة يعملون لصالح الحكومة الروسية تمكنوا من «إمالة» نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لصالح دونالد ترامب. وكان ذلك الأمر واضحًا منذ شهور، ولكن الوكالة كانت مترددة في الإفصاح عن هذه الاستنتاجات قبل الانتخابات خشية اعتبار أن الوكالة تتخذ دورًا سياسيًا للتأثير على مجريات الانتخابات.
وفي الوقت نفسه، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل 10 أيام من الانتخابات عبر خطاب، احتل عناوين الصحف الرئيسية والتغطيات التلفزيونية الإخبارية في جميع أنحاء البلاد، يلمح فيه بقوة إلى أن المكتب على وشك العثور على أدلة جديدة ودامغة ضد هيلاري كلينتون، عندما اتضح بعد ذلك، وعلى نحو حرفي، أن المكتب لم يعثر على شيء على الإطلاق.
فهل تسبب المزيج الغريب بين التدخل الروسي المزعوم وإعلان المباحث الفيدرالية العجيب إلى تأرجح نتائج الانتخابات؟ أجل. فقلد خسرت السيدة كلينتون ثلاث ولايات - ميشيغان، وويسكونسن، وبنسلفانيا - بأقل من نقطة مئوية واحدة، كما خسرت ولاية فلوريدا أيضًا بنسبة هي أقل من ذلك. وإذا كانت قد فازت في أي ولاية من هذه الولايات الثلاث، فلقد كانت فازت بلقب الرئيسة المنتخبة للولايات المتحدة.
ولم يكن ينظر إليه على أنه انتصار هامشي كذلك. وحتى لو كان الأمر على نحو ما كان، فلقد جمعت السيدة كلينتون ما يقرب من 3 ملايين صوت أكثر من منافسها، مما يمنحها هامشًا شعبيًا يقترب من الهامش الذي فاز به جورج بوش في عام 2004.
ولذلك، فتلك الانتخابات الأخيرة انتخابات ملوثة. وهي، بقدر ما يمكننا معرفته وقوله، مسروقة بمعنى أنه وقع خطأ ما في حساب الأصوات. ولكن النتيجة، رغم ذلك، تعتبر غير شرعية من نواح مهمة جدًا، فلقد رفض الشعب المرشح الفائز، ولكنه فاز في المجمع الانتخابي بفضل التدخل الأجنبي والسلوك المنحاز وغير الملائم.
والسؤال المطروح الآن: ما الذي ينبغي فعله مع هذه الحقيقة المروعة في الشهور والسنوات المقبلة؟
يمكن لأحدنا، كما أقترح، أن يرفع التماسًا إلى الرئيس المنتخب ليكون بمثابة المعالج، ويتصرف بطريقة تحترم الأغلبية من الأميركيين الذين صوتوا ضده.
أجل. حسنًا، إن ما نلقاه بالفعل هو مزاعم مشينة بأن ملايين المواطنين صوتوا بصورة غير قانونية، وصدور تأكيدات كاذبة بالأغلبية الساحقة، والحط من قدر وكالات الاستخبارات الوطنية.
وأحد مسارات العمل الأخرى، هو محاولة تطبيع الإدارة الجديدة، والتظاهر أساسًا بأن كل شيء على ما يرام. وربما يمكن تبرير ذلك إذا كان هناك أي احتمال للسلوكيات المسؤولة، والمتحلية بضبط النفس من جانب الرئيس المقبل. وفي واقع الأمر، رغم كل شيء، فمن الواضح أن السيد ترامب يعتزم الانتقال بالسياسة الأميركية بشكل جذري بعيدًا عما يفضله أغلب الأميركيين، بما في ذلك التحول الموالي لروسيا.
وبعبارة أخرى، ليس هناك شيء مما قد حدث في يوم الانتخابات طبيعي. فلقد شهدت الأعراف الديمقراطية انتهاكات صارخة ولا تزال، وكل إنسان يرفض الإقرار بهذه الحقيقة، هو، في واقع الأمر، متواطئ في مؤامرة تدهور وانهيار جمهوريتنا. سوف يمتلك الرئيس الجديد كثيرًا من الصلاحيات القانونية، التي لا بد أن تُحترم. ولكن لما وراء ذلك، لا شيء يمكن أن يُحترم.
وعندما، كما تعلمون أنه سوف يحدث، تبدأ الإدارة الجديدة في التعامل مع الانتقادات من زاوية أنها سلوكيات لا توحي بالوطنية، ينبغي للإجابة أن تكون: لا بد أنكم تمزحون. والسيد ترامب، كما تفيد المؤشرات كافة، كالمرشح السيبيري، الذي فاز بمساعدة من قوة أجنبية معادية. ثم تقولون إن منتقديه أناس يفتقرون للحس الوطني السليم!
* خدمة «نيويورك تايمز»
8:37 دقيقه
TT
الانتخابات الملوثة
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة