مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

أميركا من الجحيم السوري

في مقابلة مثيرة مع صحيفة «الحياة» اللندنية، الأربعاء الماضي، مع السفير الأميركي في دمشق، والذي كان عاملا أثناء اندلاع الثورة السورية، 2011، عنيت السفير روبرت فورد، كشف الكثير من الصفحات المطوية، من قصة أميركا الأوبامية مع المعضلة السورية.
فورد ترك موقعه قبل سنتين، ومما لفتني في مقابلته إشارته، بعد مجازر حلب، إلى أن ما يجري في سوريا هو مسعى «للتغيير الإثني في البلاد»، على يد إيران وعصاباتها الشيعية من كل صقع، مع الطغيان الروسي العسكري.
تحدث عن تفوق النظام، حاليا، في معارك حلب ثم معركة إدلب المرتقبة، لقتل بقية السوريين اللاجئين في جارة حلب، لكنه أشار إلى أن هذا التفوق ليس نهاية المطاف، فهناك فاتورة خراب اقتصادي مرعب، يعجز النظام مع إيران مع روسيا عن دفع تكاليفها، ولن يساعد الغرب، أوروبا وأميركا في دفع الفاتورة مع هيمنة النظام الأسدي المدان.
غير أن الفقرة الأهم هي حديثه عن خطايا الإدارة الأوبامية في سوريا، وهو منها، ومن ذلك، دوما بحسب فورد، أن أوباما تجاه الحدث السوري من بدايته «لم يحاول التأثير بشكل مباشر».
يضيف: «قلنا لهم مثلاً تجنبوا تنظيم (القاعدة)، إنما لم نمنحهم بديلاً، عوضًا عن مساعدتهم بعدم التحوّل إلى (القاعدة)، لم نقدّم سوى الوعظ».
تحدث عن مقابلته لنوري المالكي، حين كان الأخير ما زال رئيسا لحكومة بغداد، وطائرات التسليح الإيرانية العراقية تمّول النظام الأسدي، يقول: «تجاهلنا الأمر وغضضنا النظر. أنا ذهبت وتحدثت للمالكي عام 2012، قلت له عليك وقف هذه الرحلات، فتجاهلني. رغم تحذيراتي بأن تسليح الأسد سيغذّي التطرف».
هذه لمحات قالها، رجل من مسيري السياسة الأميركية تجاه الأزمة السورية، وهي كافية في الإشارة لفداحة الجرم السياسي الذي ارتكبته إدارة أوباما الذي من نتائجه اليوم: بلطجة الروس، إجرام الخمينية، توحش بشار، تفشّي «داعش»، نفي المعارضة الوطنية المعتدلة وشطبها من المشهد.
على ذكر المعارضة، هل هي أيضا تتحمل جانبا من المسؤولية، بسبب كثرة خلافاتها، وارتهان بعضهم لأجندة دول خارجية، تخاذلهم عن العمل الميداني، وتغاضيهم عن تسلل التشكيلات المتطرفة لصفوف المعارضة، وصولا لتسلل «القاعدة»، ممثلة بجبهة النصرة للجسد المعارض؟
هذا حديث يجب قوله، وسيقال أكثر هنا، لاحقا، صحيح أن بشار وخامنئي وبوتين، منعوا قيام معارضة وطنية، وفضلوا أن يكون كل المعارضين عليهم ميسم «داعش» أو «القاعدة»، لأهداف واضحة، لكن ذلك لا يعفي المعارضات السورية من تحمل واجبها التاريخي الوطني.
يبقى، بتقديري، أن الخطيئة الكبرى تقع على عاتق الإدارة الأوبامية.
[email protected]