طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

ترامب و«الإسلاميون»!

أثناء المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في أميركا قال رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق، والحليف البارز لترامب: «يجب علينا ألا نخشى تعريف من هو عدونا»، موضحا: «إنهم الإسلاميون. المتطرفون. الإرهابيون.. يعرفون أنفسهم، ونحن قادمون للنيل منهم».
والآن، وبعد انتخاب ترامب رئيسًا، وإعلانه اختيار بعض مرشحيه للمناصب المهمة بإدارته، عاد الحديث مجددًا عن رؤية ترامب لـ«الإسلاميين»، وخصوصًا مع تكرار الحديث عن التعاون المحتمل بين ترامب والرئيس الروسي للتحالف ضد «داعش» في سوريا، فهل هذا أمر مثير للقلق؟ للإجابة علينا أولاً أن نميز بين المسلمين، و«الإسلاميين»، كما أن ليس كل «الإسلاميين» إرهابيين، وهذه ليست القصة. فما يجب أن نتنبه له هو أنه منذ الثورة السورية، والنظام الأسدي، ومعه إيران، والروس، يحاولون تصوير كل معارض للأسد على أنه إسلامي، إرهابي، سني. ونجحت هذه الدعاية في الإعلام الغربي، وخصوصًا بعد ظهور «داعش»، ووسط غياب مذهل عن الحديث عن دور «الإسلاميين» الإرهابيين الآخرين من الشيعة. وصدرت قرارات غربية كثيرة لمحاربة «داعش»، وإدانتها، بينما يتم الحديث عن الجماعات الشيعية المتورطة في العراق، وسوريا، على استحياء. صحيح أن «داعش» استهدفت الغربيين، لكنها استهدفت أيضًا المسلمين، سنة وشيعة، كما أن الجماعات الشيعية المسلحة استهدفت الأبرياء دفاعًا عن جرائم الأسد!
ولذا؛ فيجب ألا يشغلنا حديث الإدارة الأميركية الجديدة عن محاربة، أو مكافحة «الإسلاميين. المتطرفين. الإرهابيين»، كما يقول جولياني، وإنما ما يجب أن يشغلنا الآن هو ضرورة إقناع ترامب، وإدارته، للتحرك ضد كل الإرهابيين، سنة وشيعة؛ وذلك لضمان نجاح الحرب على الإرهاب، الذي يضعه ترامب على رأس أولوياته. من المهم أن يشرح لترامب، وإدارته، أن متطرفي السنة والشيعة كليهما وجهان لعملة واحدة، ولا فرق بين ما تفعله «داعش» والميليشيات الشيعية المحسوبة على إيران، فكلاهما ينكلان بالأبرياء، ولو اختلفت الدوافع. يجب أن يشرح لإدارة ترامب بأنه لا يمكن القول بأن «جبهة النصرة» إرهابية بينما «حزب الله» مجرد جماعة مسلحة تدعو إلى التحرير، وكذلك الحوثيون، فمبررات «النصرة» هي نفسها مبررات «حزب الله»، وكذلك الحوثيون، وجميعهم يتحركون وفق منهج متطرف، ولا يؤمنون بمفهوم الدولة، ولا حق العيش المشترك، وجميعهم يخوضون حرب الشيطان، ويتسببون في تأجيج العنف، والتطرف، والطائفية، ويهددون السلم، مثلهم مثل الأسد الذي تسبب بمقتل لا يقل عن ربع مليون سوري، وتشريد الملايين.
ولذا؛ فمن الضروري أن يشرع العقلاء الآن في إقناع ترامب وإدارته بأن الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تتجزأ، ومثل ما يجب محاربة التطرف السني، وجماعاته، فيجب محاربة التطرف الشيعي، وجماعاته، أيًا كانت مسميات تلك الجماعات في سوريا، أو العراق، واليمن.

[email protected]