طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

ترامب وإيران والمنطقة!

تباينت ردود الأفعال الدولية الرسمية حول فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، لكنها اتسمت بالإطار الدبلوماسي، باستثناء الموقف الإيراني المتوتر، والذي ناقض حتى المواقف الأولية لمجرم دمشق بشار الأسد حيث تعبر دوائره عن تفاؤل بفوز ترامب.
الصين، مثلا، والتي نالها الكثير من النقد في حملة ترامب الانتخابية كان موقفها متزنا، وحكيما، ودون أي رد فعل عاطفي، أو تصعيدي. الروس، وتحديدا الرئيس بوتين، سارعا بالترحيب، وأبدى بوتين استعداد بلاده لإعادة العلاقات بشكل كامل مع أميركا ترامب، ثم لاذت روسيا بالصمت، والانتظار، وربما السعي لفتح قنوات خلفية للتواصل مع دوائر ترامب، لكن دون تباهٍ، أو ضوضاء، ورغم كل ما قيل عن رغبة ترامب بالتعامل مع الروس. بينما كانت الحالة مختلفة تماما في طهران التي سارع رئيس هيئة الأركان فيها اللواء محمد حسين باقري للتهكم على الرئيس المنتخب ترامب، قائلا، أي باقري، إن ترامب تلفظ بكلام يفوق قدراته، وقدرات بلاده، عندما هدد إيران في حملته الانتخابية، محذرا ترامب بعدم اختبار قدرات إيران: «كي لا يندم». وقال باقري إن ترامب: «تلفظ بكلمات تفوق قدراته الذهنية، وقدرات بلاده العسكرية»! بينما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن نتيجة الانتخابات الأميركية لن تؤثر على سياسة إيران؛ على اعتبار أن مواقف واشنطن ضعفت دوليا بسبب «السياسات الخاطئة».
وأسباب هذا التصعيد الإيراني قول ترامب بحملته الانتخابية إنه سيعيد النظر في الاتفاق النووي الإيراني، ويبدو أن ما أثار إيران هو التصريحات الأخيرة للمتحدث باسم الخارجية الأميركية والتي قال فيها إن الاتفاق غير ملزم للرئيس الأميركي المنتخب، ويستطيع تجاوزه، وهو ما يثير الحيرة بالطبع من حماس إدارة أوباما لهذا الاتفاق، وتدليلها لإيران، وإطلاقها ليد طهران الإجرامية بالمنطقة، بينما يقول الآن المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر إن «أي طرف يمكنه الانسحاب» من الاتفاق النووي!
وعليه فنحن أمام تهنئة عربية منضبطة، رسميا، وهذا جيد، وأمام حذر أوروبي، وهذا متوقع، واتزان صيني، وهذه حكمتهم، وتوازن روسي، وهذه لعبتهم، فتاريخ البلدين، روسيا وأميركا، لا يسمح بمساحة كبيرة من حسن النوايا، كما أننا أمام تفاؤل المجرم الأسد، وهذا مستغرب، فإذا كانت إيران غير قادرة على إخفاء قلقها من انتخاب ترامب، وبدأت باستخدام اللغة المعروفة عنها، وهي التهديد، والبلطجة، فكيف يأنس الأسد لانتخاب ترامب؟ هل يعول الأسد على الروس؟ أعتقد أنها مغامرة مبكرة! وهنا قد يقول البعض إن إيران قد تفتح قنوات خلفية للتواصل مع دوائر الرئيس المنتخب ترامب، والحقيقة أنه يجب أن لا نغفل أن إيران مقبلة على انتخابات قد تزيل وجهها الناعم الدعائي روحاني، وربما تأتي بما هو أسوأ من نجاد. ولذلك يصعب تقييم فرص التهدئة والتعقل بين إيران، وأميركا ترامب.
حسنا، كيف يجب أن يكون موقفنا من هذا التصعيد الإيراني – الترامبي، نسبة لترامب؟ نواصل غدًا.