طارق الحميد
صحافي سعودي، عمل مراسلاً في واشنطن. تدرَّج في مناصب الصحيفة إلى أن أصبحَ رئيس تحرير «الشرق الأوسط» من 2004-2013، ورئيس تحرير مجلة «الرجل» سابقاً. محاضر دورات تدريبية في الإعلام، ومقدم برنامج تلفزيوني حواري، وكاتب سياسي في الصحيفة.
TT

كيف نتعامل مع ترامب؟

يحق للجميع انتقاد دونالد ترامب، والمبررات كثيرة، لكنه الآن الرئيس الأميركي المنتخب، والقصة ليست في انتقاده، أو معرفة من هو، وماذا نتوقع منه، بل إن السؤال الذي يجب طرحه، وتحديدًا على السعودية، وحلفائها، هو: كيف نتعامل مع ترامب؟
اليوم نحن أمام رئيس منتخب يصل إلى البيت الأبيض في واشنطن في الحادي والعشرين من يناير (كانون الثاني) المقبل، وهي تحت سيطرة حزبه الجمهوري في الكونغرس، ومهما كانت العراقيل المتوقعة أمامه، وأبرزها ربما هي كيفية إدارته، وأولا اختياراته للإدارة الجديدة، فإنها تظل قضية أميركية داخلية، وليست قضية منطقتنا التي عليها التعامل مع إدارة الرئيس ترامب، ومن أول يوم. في الأخير سنتعامل مع الرئيس الأميركي ولو كان غارقًا بالصراعات السياسية الداخلية، وكما تعاملت منطقتنا، مثلا، مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إبان أزمة فضيحة مونيكا لوينسكي.
حسنًا، كيف نتعامل مع ترامب؟ علينا التنبه إلى أن ترامب ليس مثقفًا ذا مواقف مسبقة مثل الرئيس أوباما، وغير معني بالبعد الفلسفي والاجتماعي مثل أوباما. صحيح أن ترامب ليس سياسيًا، لكنه مباشر، تؤثر فيه العلاقات الشخصية، ومهما تحدثنا عن المصالح الأميركية فإن قوة الرئيس الأميركي وصلاحياته لا يستهان بهما، خصوصًا في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس. ترامب ليس مثقفًا يعيش في كتب التاريخ، بل رجل مغامر حاول فعل كل شيء، وانتهى رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية! ومن هنا فإن واجبنا الآن، وتحديدًا السعودية، وحلفاءها، الشروع في التفكير العملي والجدي لكيفية التعامل مع ترامب، ومرحلته، وإدارته، والتفكير يبدأ بإعادة النظر في كل شيء، وبدءًا حتى بما هو دور سفاراتنا، وحجمها، بواشنطن.
في مقابلة صحافية عميقة، ومهمة، تحدث وزير الخارجية الأميركي الأسبق، والأشهر، هنري كيسنجر مع مجلة «ذي أتلانتك»، حول التغير الحالي بأميركا، وما يعنيه ترشح ترامب، وما سيترتب عليه فوزه من عدمه. يقول كيسنجر إنه كان في الصين عندما اتضحت فكرة ترشح ترامب للانتخابات، وعلى أثرها باشر الصينيون في نقاش حول: «ما الذي يحدث فعلا؟»، و«ما الذي يحاول ترامب فعله؟»، و«كيف يجب أن يكون رد فعلهم؟»، وكيف عليهم التصرف حيال إعلان ترامب أنه رجل مفاوض، وربما يكون وصوله مفاجئًا إلى درجة تخلق مفاوضات جادة، وحقيقية!
وطالما أن الصين، وهي قوة حقيقية، فعلت وتفعل ذلك، فمن باب أولى أن تشرع السعودية، وحلفاؤها، اليوم، في التفكير جديا في كيفية تدشين العلاقة مع أميركا ترامب، أما صدمة وصوله فيجب أن تترك للأميركيين، والمثقفين، والصحافيين. والنقاش الجاد يكون عبر متخصصين، ومطلعين. نقاش مفتوح يقال فيه ما يجب أن يقال وما لا يجب أن يقال، حتى نصل إلى تصور. وكما أن ترامب يسابق الوقت الآن لتشكيل إدارته فإن علينا أن نسابق الوقت للوصول إلى تصور عملي للتعامل مع ترامب، وقبل أن يؤدي القسم الرئاسي.