توماس فريدمان
TT

دونالد ترامب الغريب عن كل ما هو عظيم

يستغرق الأمر مني بعض الوقت لكي أقف على ما تريد الإعلانات السياسية أن تقوله تحديدًا عن دونالد ترامب، حيث تقترب حملته الرئاسية من الانتهاء. وأعتقد أنني خلصت أخيرًا إلى تفسير مريح: ترامب مهاجر شرعي.
هذا صحيح، فالرجل الذي أمضى العام الماضي محاولاً الهجوم المستمر على ما وصفهم بأنهم «المهاجرون غير الشرعيين» ومن المفترض أنهم يعيثون فسادًا في البلاد، قد أصبح هو نفسه مهاجرًا شرعيًا - إنه شخص مولود في الولايات المتحدة ولكن قيمه مختلفة كليًا عن أولئك الذين جعلوا من بلادنا أمة عظيمة.
إنه الرجل الذي تعرفون أنه أساء كثيرًا إلى المهاجرين، والمعاقين، والمسلمين، والمكسيكيين، وشن حملة احتيالية يقول فيها إن رئيسنا الحالي لم يولد في هذا البلد، وأهان عملية اختيار الهيئة الرئاسية من خلال السعي للمنصب الأول في الدولة من دون أن ينتهي من واجباته المنزلية أولاً، وتفاخر بتحرشاته الجنسية ضد النساء، وأشاد بالرئيس الروسي وشجعه على اختراق رسائل البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي، وتعهد بمقاضاة منافسته في الحملة الانتخابية إذا ما فاز في الانتخابات، وتعهد بالحد من حرية الصحافة، واقترح أن ينفذ المدافعون عن حقوق امتلاك السلاح القانون بأنفسهم إذا ما فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة، ووجهت إليه الاتهامات بالتحرش الجنسي من 11 امرأة أو غير ذلك من الأفعال، وسعى إلى تقويض النظام الانتخابي من خلال الزعم بأنه نظام مخترق وأنه لن يتنازل عن الترشح حتى إذا خسر في الانتخابات.
هذا المزيج من التصرفات والمواقف السامة تعتبر شديدة الغرابة على أي شخص ترشح في سباق الرئاسة من قبل - ولسبب جيد أيضًا. ولكن هكذا هو ترامب. والسؤال الكبير الآن، من هم البقية المتبقية منا؟
1 - الشعب الأميركي. فمن نحن؟ على أمل كبير أقول، إنهم الغالبية العظمى التي سوف تسحق ترامب في صناديق الاقتراع وتبعث برسالة شديدة مفادها أنه هو الذي يحتاج إلى الترحيل الأخلاقي، مع فرصة للعودة إلى المجتمع الأميركي إذا تعهد بتغيير سلوكياته وأساليبه.
2- إذا خسر ترامب الانتخابات وقرر افتتاح شركة إعلامية من أجل حقن سمومه التآمرية في عروق وشرايين السياسات الأميركية الداخلية والخارجية وترويع الجمهوريين المعتدلين، فسوف يدفع ثمن ذلك باهظا. ومن شأن مؤسسته الإعلامية الجديدة أن تلطخ سمعة مؤسساته التجارية الحالية.
هناك بالفعل تقارير لا تعد ولا تحصى من أناس يتجنبون النزول في فنادق ترامب واللعب في ملاعب الغولف التابعة له، بسبب سلوكياته السامة.
3- الحزب الجمهوري، أي الأحزاب هذا؟ لقد تخير معظم قادة الحزب الجمهوري الوقوف إلى جانب ترامب بسبب أنهم يحبون وظائفهم أكثر من حبهم لبلادهم. فإذا ما خسر ترامب، فهل ستحاول قيادة الحزب الجمهوري ملاحقة تلك الشريحة الكبيرة من القاعدة الانتخابية التي أيدت ترامب وناصرته ويتحول إلى حزب يميني بديل، أم سوف تختفي قيادة الحزب الجمهوري الحالية برفقة المحافظين المعتدلين ويحاولون تشكيل جبهة جديدة، من الحزب الجمهوري الصحي؟
4 - إن البلاد في حاجة ماسة إلى حزب من تيار يمين الوسط يعمل على احتضان الطيف الكامل من المجتمع الأميركي، ويعزز الحلول المستندة إلى السوق بالنسبة للتغيرات المناخية، ويهتم بتوزيع المخاطر على إعادة التوزيع.
5 - الحزب الديمقراطي. أي الأحزاب هذا؟ في حقيقة الأمر، سببت حركة بيرني ساندرز التمزق في صفوف الحزب الديمقراطي تمامًا كما فعل ترامب في الحزب الجمهوري، ولكن هذا الشق تم جبره بصورة مؤقتة بسبب الحاجة الماسة لهزيمة هيلاري كلينتون في الانتخابات.
إذا فازت كلينتون في الانتخابات المقبلة، فسوف يُعاد فتح هذا الشق بسرعة، وسوف تثار بعض الأسئلة الأساسية التي تبحث عن إجابة عاجلة: هل يدعم الديمقراطيون أي توسع تجاري في الأفق؟ هل يؤمن الديمقراطيون في الاستخدام الحكيم للقوة؟ هل يؤمنون أن رجال الأعمال الذين يخوضون في المخاطر ويخلقون فرص العمل هم المحركون الحقيقيون للأرباح في البلاد وأنه يجب إطلاق العنان لهم أو أنهم مجرد تهديد للبلاد يتعين فرض اللوائح والضرائب عليهم؟ هل يؤمنون بأننا في حاجة ماسة إلى توسيع شبكات السلامة الاجتماعية للتواصل مع من تركناهم في الخلف في هذا العصر ذي التغيرات السريعة، والتحكم كذلك في الاستحقاقات حتى تكون مستدامة؟
كيف يتعامل الحزب الديمقراطي مع حقيقة مفادها أنه في حين أن ترامب هو مهاجر شرعي، فإن أنصاره ليسوا كذلك. إنهم جيراننا. وهم في حاجة لأن نستمع إليهم، وحيثما كان ممكنًا، فإنهم في حاجة إلى المساعدة. كما أننا في حاجة إلى تحديهم لكي يتعلموا بوتيرة أسرع ويقوموا بالاختيارات الجيدة، نظرًا لأن العالم لن يتوقف وينتظرهم.
خلاصة القول: إننا في خضم التحول التكنولوجي الهائل. وهو التحول الذي يغير من كل وظيفة، ومكان للعمل، ومجتمع من المجتمعات. ويمكن للحكومة المساعدة، ولكن ليس هناك من إصلاح سريع، وكثير من الأمور سوف تعتمد على ما وصفه ريد هوفمان، المؤسس المشارك لموقع «لينكد - إن» بأنه: «شركتك الناشئة خاصتك». عليك التخطيط للنجاح بدءًا من اليوم.
ولمستوى أنه يمكن ليسار الوسط ويمين الوسط أن يجتمعا معًا على برامج مشتركة لمساعدة كل مواطن أميركي لتحقيق أقصى استفادة من هذا العالم وتخفيف أسوأ ما فيه، فسوف نكون جميعًا أفضل حالاً. ولكن كلما انقسمنا على أنفسنا، ازدادت غربة الحلم الأميركي بيننا وأصبح مفهومه غريبًا بالنسبة إلينا جميعًا.
* خدمة «نيويورك تايمز»