بعد زيارته الموفقة والشاملة للولايات المتحدة وصل الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي، إلى فرنسا مكملاً جولته الدولية. وتشاء الصدف أن تترافق الزيارة مع الخضة في القارة، والتي تجتاح دولها الآن إثر نتائج الاستفتاء الذي قام به الشعب البريطاني حول بقاء أو انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتي سوف يكون لها تأثير مباشر في سياسة الاتحاد الدولية وفي الشرق الأوسط ومنطقة الخليج خاصة.
الحديث عن العلاقات السعودية - الفرنسية يطول، والتفاهم والتعاون والإيجابية كانت عناوينه, منذ الخمسينات ولا سيما في عهدي الجنرال شارل ديغول والرئيس جاك شيراك.
ولقد تميزت سياسة فرنسا العربية عن سياسة غيرها من الدول الكبرى الأوروبية وغير الأوروبية بأنها كانت أقرب إلى تفهم الحقوق والأماني العربية، ولا سيما بالنسبة للقضية الفلسطينية.
كما أن المملكة العربية السعودية كانت تجد دائمًا في باريس آذانا صاغية وتقديرًا واحترامًا كبيرا. يخدم هذا أن العلاقات بين البلدين لم تكن عرضة للتوتر، فقد كانت مبنية على أسس الاحترام المتبادل.
واليوم، وقد بات من المنتظر أن تنتهج دول الاتحاد الأوروبي، وفرنسا في طليعتها، سياسة دولية متحررة - إذا جاز التعبير - من الارتهانات أو التوجهات الأنغلوساكسونية، فمن المنتظر انفتاحها أكثر فأكثر على دول البحر المتوسط، والشرق الأوسط، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية، التي باتت اليوم أكثر من أي وقت آخر، تقوم بدور بارز ومتقدم في العالمين العربي.
إن آفاق التعاون التي تتوجه نحوها المحادثات التي سوف يجريها ولي ولي العهد مع الرئيس الفرنسي وحكومته، ومع رجال الاقتصاد تبشر بقيام تعاون فرنسي - سعودي جديد مثمر ومتطور. وهو تعاون يحتاجه البلدان. ففرنسا دولة متقدمة في عدة مجالات صناعية وتكنولوجية، ومن اهتمامات المملكة العربية السعودية الاستفادة منها في إطار «رؤية 2030».
كما أن السوق السعودية في قطاعيها العام والخاص، تشكل فرصة منعشة لاقتصاد فرنسا.
إن التعاون والتفاهم بين فرنسا، والدول الأوروبية عموما، ليس بجديد. ولكن الجديد هو العالم الذي دخلنا فيه جميعا، وهو عالم التكنولوجيا الحديثة، التي تتطلب من الحكومات نظرة
جديدة إلى السياسة والعلاقات الدولية والتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص، وهذا ما يصبو إليه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فهو يطمح إلى أن تكون هذه التحولات مدفوعة بالثورة التكنولوجية التي اجتاحت العالم.
وهذه الجولة الدولية التي يقوم بها ولي ولي العهد السعودي وفي يده وثيقة «رؤية 2030»، إنما هي خطوة سياسية وطنية بل عربية ودولية، تؤكد تصميم المملكة على دخول القرن الحادي والعشرين من أوسع أبوابه. وعلى بناء اقتصاد جديد وعلاقات دولية جديدة تدفع إلى البناء والتنمية في جميع المجالات، لأخذ قصب السبق بين الدول.
وبديهي أن يتجاوب المسؤولون الفرنسيون والأوروبيون مع هذه الخطوة السعودية الواعدة، وأن تتطور العلاقات الأوروبية - العربية نحو مزيد من التعاون الذي ينشده ويحتاجه الطرفان من أجل حياة أكثر ازدهارا ورخاء.
8:7 دقيقه
TT
ولي ولي العهد السعودي في باريس
المزيد من مقالات الرأي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة