زاهي حواس
عالم آثار مصري وخبير متخصص بها، له اكتشافات أثرية كثيرة. شغل منصب وزير دولة لشؤون الآثار. متحصل على دبلوم في علم المصريات من جامعة القاهرة. نال درجة الماجستير في علم المصريات والآثار السورية الفلسطينية عام 1983، والدكتوراه في علم المصريات عام 1987. يكتب عموداً أسبوعياً في «الشرق الأوسط» حول الآثار في المنطقة.
TT

المومياء الطائرة

على مدى أربعين عامًا من العمل في الآثار رأيت وسمعت الكثير من القصص الحقيقية والأسطورية التي أثيرت حول الفراعنة وعالمهم المثير. وبالطبع كانت المومياوات الفرعونية هي المادة الخصبة للشائعات والقصص الأسطورية التي حيكت حولها. والناس في ذلك معذورون؛ فرغم تقدم علوم المصريات ما زلنا عاجزين عن فك طلاسم الحضارة المصرية القديمة؛ وأسرار المومياوات.
ومن أطرف القصص التي سمعتها عن المومياوات وعاصرتها ما نشرته الصحف منذ سنوات تحت عنوان «المومياء المعلقة»، نقلاً عن مجلة «ويكلي ويدلر نيوز» الأميركية. وكان الخبر المنشور يقول إن هناك مومياء مصرية بمنطقة سقارة يعود تاريخها إلى نحو ‏2500‏ عام - أي إنها ترجع إلى العصر المتأخر - وهذه المومياء ترتفع عن تابوتها وتتركه يوميًا! وبعد ذلك تحلق في الهواء على ارتفاع نحو متر وتظل المومياء سابحة في الهواء لمدة ثماني ساعات ثم تعود بعد ذلك إلى تابوتها وتظل راقدة فيه لمدة ست عشرة ساعة‏!
وأضاف الخبر أن العلماء يحاولون كشف لغز هذه المومياء وسبب تركها التابوت، وأن هناك فريقًا من العلماء الإيطاليين والفرنسيين والمصريين يبحثون هذا الموضوع، وعلى رأسهم العالم كارمين دبوشيلي، وأكدوا في تقرير لهم أن المومياء المصرية تحلق في الهواء، وبعدها تطوف ببطء وبشكل دائري حول التابوت، وعلق دبوشيلي قائلا‏ً:‏ إن الأمر يبدو مثل دورة الصحو والنوم عند الإنسان‏.‏
ويضيف الخبر أن العلماء لم يستطيعوا تفسير السبب العلمي لحالة المومياء، ولذلك فقد استعانوا بساحر بريطاني شهير كي يكشف وجود أي خدعة قام بعملها أحد العاملين في الآثار من عدمه؛ ولكي لا يثار الجدل والخوف من المومياء، لأن هذه تعتبر المرة الأولى التي وجدوا فيها مومياء تسبح في الهواء‏.
ليس هذا فقط، بل إن الخبر يستمر ويقول إن الساحر البريطاني بحث بجوار التابوت وفي كل مكان عن أسلاك ومغناطيس أو أي وسائل صناعية يمكن استخدامها لدفع المومياء في الهواء‏.‏ وأشار الساحر إلى عدم وجود أي خدعة، بل أكد أن هذه المومياء تسبح في الهواء دون أي عامل مساعد من أحد‏.‏ وبناء عليه أكد الباحثون أن هذه المومياء ربما تخص كاهنًا مصريًا من الذين يعرفون أسرار الفراعنة، وعلق أحد الباحثين قائلا‏ً:‏ إن الكا (النفس) عند المصريين القدماء هي جزء من روح الإنسان، وهم يعتقدون أنه إذا تمت عملية التحنيط بطريقة سليمة فإن الكا سترتفع إلى الحياة الأخرى؛‏ أما إذا تم التحنيط بطريقة غير سليمة فقد يدفع المومياء إلى أن تقوم بالتحليق في الهواء‏!‏
علمت أن أفراد هذا الفريق سوف يقومون بإخراج فيلم عن «المومياء الطائرة»، وما زلت في انتظار عرض هذا الفيلم كي أرى كيف تحلق المومياء في الهواء، وهذا يجعلنا نحرص ونحن نصرح للأجانب بالعمل في المومياوات الملكية بالذات، خاصة أن البعض قد يخون الأمانة ونكرر ما حدث من بعثة أميركية استطاعت الحصول منذ سنوات على عينات من المومياوات الملكية، وهذا الموضوع منشور في مقالات علمية وكتب نشرتها هذه الجامعة‏، وكتبت اسم الباحث المصري الذي ساعدهم على ذلك، ونحن لا نعرف هل حصلت هذه الجامعة على تصريح أم لا‏، ولو كانت قد حصلت على تصريح فهذه مصيبة‏! وإذا لم تكن حصلت على تصريح فتلك مصيبة أعظم، لأننا قد نسمع في يوم من الأيام أن فرعون مصر العظيم رمسيس الأول الشرقاوي - نسبة إلى محافظة الشرقية - ينسب إلى جنسية أخرى، ويومها لن ينفع الندم.