نوح سميث
كاتب في «بلومبيرغ»
TT

النمو الاقتصادي ليس كل شيء

عندما تقول إن أيام النمو الذهبية قد ولت، توقع أن تلفت الكثير من الاهتمام، وخصوصًا إذا كنت من خبراء الاقتصاد المرموقين. ولقد كان السيد روبرت غوردن، أستاذ الاقتصاد في جامعة نورث - ويسترن، يجول عبر السنوات الأخيرة مؤيدًا هذه القضية. ولقد صدر للخبير الاقتصادي مؤخرًا كتاب بعنوان «صعود وهبوط النمو الأميركي»، حيث يوجز فيه حجته تلك ولكن بكثير من التفاصيل المتزنة.
والفرضية الرئيسية للسيد غوردن تدور حول أن الثمرة «الدانية» للتكنولوجيا الحديثة قد اقتطفت، بالأساس، منذ زمن. ويقول في أطروحته إن حفنة صغيرة من الابتكارات العظيمة - مثل الكهرباء، ومحرك الاحتراق الداخلي، وغيرها من الاختراعات، تسببت في دفعة هائلة للنمو الاقتصادي بسرعة مذهلة من عام 1870 وحتى 1970. ولكن هناك كثير من الأفكار المهمة والكبيرة التي لم يتم اكتشافها بعد.
قد تكون هذه هي القضية مع التكنولوجيا، فلن تعرف مطلقا ما تخبئه لك الأيام حتى تكتشفه بنفسك. ربما سوف نقوم قريبا باختراع الذكاء الصناعي لتحسين الذات والذي من الممكن أن يكشف سريعا عن الحقائق العميقة، ويؤدي لابتكار التقنيات السحرية التي كنا في يوم من الأيام نحلم بها فقط. أو ربما أن حزب التكنولوجيا برمته يلملم آخر أوراقه المهمة ويؤذن بالرحيل. ولكن بصرف النظر عن صحة ذلك من عدمه، فأنا أعتقد أن فكرة السيد غوردن تتمتع بقدر من الجاذبية الشعبية أقل مما يجب، وذلك لسببين مهمين.
السبب الأول، أننا حريصون للغاية على تصديق فرضيات السيد غوردن بالنظر في التأثير الحقيقي للتكنولوجيا في حياتنا.
غيرت الاختراعات الكبرى في القرنين التاسع عشر والعشرين من وجه حياة الإنسان في الدول الغنية. حيث تم التغلب على ندرة المواد. وتم القضاء على الجوع هناك، ولكن النمو ليس هو نفس الشيء مثل الرضا عن الحياة. ويعتقد خبراء الاقتصاد في العموم أن المنفعة الحدية للثروة لدى البشر تتناقص، مما يعني أن كل زيادة متتالية في الوفرة المادية تعني القليل من سابقتها بالنسبة للبشر. بمعنى أن شراءك لسيارتك الأولى له معنى حياتي لديك أكثر بكثير من شرائك لسيارتك العاشرة، على الرغم من أن كلتا السيارتين تضيفان نفس المبلغ في الناتج المحلي الإجمالي.
والسبب الثاني كما أرى، هو أننا نميل لتصديق السيد غوردن، أن التكنولوجيا ليست هي الشيء الوحيد الذي يجعل من المجتمع مكانًا أفضل. حيث إن نوعية الحكومة مهمة هي الأخرى. فهناك بعض الحكومات تسرق من مواطنيها.
وعلى العكس من العلوم والتكنولوجيا، فإن الحكومة على الأرجح تملك الحد الأقصى من الفعالية. يمكنك فقط الانتقال من كونك كوريا الشمالية لتصبح كوريا الجنوبية لمرة واحدة فقط. ويعني ذلك أن بعض التباطؤ الذي تشهده الإنتاجية، الذي لاحظناه جميعنا قد يكون بسبب نجاحنا في تحسين الكيفية التي نحكم بها أنفسنا.
ولذا، عند تقييم أطروحة السيد غوردن حول التباطؤ التكنولوجي - والتي قد لا تُثبت صحتها بعد - ينبغي علينا توخي الحذر من الوقوع في هذين الخطأين. علينا أن نتذكر أن النمو ليس هو نفس الشيء مثل التحسين في الرضا عن حياة الفرد، حيث إن تحقيق النمو هو أسهل بكثير من تحقيق الرضا عن حياة الفرد. كما ينبغي علينا النظر في إمكانية أن نوعية الحكومة، مثالا بالتكنولوجيا، هي التي توقفت عملية تحسينها. يجدر بكل هذه المحاذير أن تجعلنا متشائمين قليلا. فالحكومة الجيدة ونهاية العمل اليدوي القاسي والقضاء على الجوع هي من الأشياء الجيدة بحق التي ينبغي أن نأخذها دائما بعين الاعتبار.
* بالاتفاق مع {بلومبيرغ}