يوجين روبنسون
كاتب اميركي
TT

لا أعذار أخرى بشأن التغير المناخي

بوسع المتشككين والمنكرين التذمر كما يحلو لهم، ولكن هناك تقريرا جديدا بارزا لا لبس فيه، مفاده أن هناك احتمالا نسبته 95% أن تغير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيرها من غازات الصوبة الزجاجية الأخرى المناخ بصور تحدث كارثة.
ذلك هو نتاج عمل اللجنة الدولية للتغير المناخي، التي أصدرت يوم الاثنين آخر تقييماتها الشاملة التي تصدر كل ست سنوات عن الإجماع العلمي حول التغير المناخي. وبحسب اللجنة، هناك احتمال لا تتعدى نسبته 1 إلى 20 ألا يكون النشاط البشري عاملا مسببا لاحتباس حراري خطير.
قد يروق لك الرهان على الاحتمالات. في تلك الحالة، لنذهب معا إلى لعبة بوكر ودودة، ولا تنس أن تأتي بالمال معك.
لقد انصب حديث الأشخاص الرافضين أخيرا على «توقف مؤقت» مفترض في الاحتباس الحراري العالمي. ويقولون إنه لم يكن هناك احتباس ملموس خلال فترة الخمسة عشر عاما الماضية، كما يزعمون أن أي ارتفاع في درجات الحرارة ينسبه العلماء إلى النشاط البشري يعد جزءا بالفعل من دورة طبيعية كبرى - ربما شيء لا يجب الشعور بالقلق إزاءه، وعلى أي حال، شيء لا يمكننا التحكم فيه.
تشير نظرة على البيانات إلى أن رؤية المتشككين بمثابة فكرة مثالية في أفضل الأحوال. حقيقة، إذا نظرت للفترة من 1998 إلى 2013 لوجدت قدرا ضئيلا جدا من الاحتباس الحراري. لكن ذلك يرجع إلى أن عام 1998 كان بمثابة انحراف شديد عن المعتاد – ارتفاع حاد على الرسم البياني. لقد شهد ذلك العام ارتفاع نسبة الاحتباس عن الأعوام القليلة السابقة أو اللاحقة.
إذا خططت رسما بيانيا لدرجات الحرارة العالمية خلال فترة زمنية أطول، تغطي 50 أو 100 عام، لوجدت خطا يتذبذب ما بين الارتفاع والانخفاض، ولكنه يتجه بشكل عام للارتفاع بمنحدر مقلق. انظر من كثب، وسوف تلاحظ أن عامي 2005 و2010 قد شهدا ارتفاعا نسبيا في نسبة الاحتباس الحراري عن عام 1998.
لماذا يحدث هذا؟ لأن «نسبة تركيز ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز قد ارتفعت لمستويات غير مسبوقة خلال فترة الثمانمائة ألف سنة الماضية على الأقل»، بحسب الملخص التنفيذي لتقرير اللجنة الدولية للتغير المناخي الذي يزيد على ألفي صفحة.
ومن خلال عمليات معروفة جدا للعلم وقابلة للإنتاج من جديد في المختبر، تختزن هذه الغازات الحرارة الشمسية. منذ الثورة الصناعية، حينما بدأ البشر يحرقون الوقود الحفري على نطاق واسع، زاد تركيز ثاني أكسيد الكربون في الجو بنسبة 40% على نحو مذهل. وما لم تكن كل كتب الفيزياء خاطئة، فإن هذا يؤدي للاحتباس الحراري.
علوم الغلاف الجوي تتسم بالصعوبة نظرا لأن هناك عددا هائلا من العوامل المتغيرة ذات الصلة. يمكن اختزان الحرارة في أعماق المحيطات، ومن ثم الحد من تأثيرها على درجات حرارة السطح لفترة. تطلق الانفجارات البركانية جزيئات في الجو تحتجز جزءا من أشعة الشمس. ترتبط تغيرات النينيو والنينيا في تيارات المحيط الهادي بتقلبات درجات الحرارة الموسمية أو السنوية.
ورغم ذلك، فإن رسم «عصا الهوكي» المشين الذي يظهر ارتفاع درجات الحرارة العالمية على مر الزمن، ببطء في البداية، ثم بشكل حاد، يبقى ساريا.
«سوف تؤدي الانبعاثات المستمرة لغازات الصوبة الزجاجية إلى مزيد من الاحتباس الحراري وتغيرات في كل أجزاء نظام المناخ»، حسبما يفيد ملخص اللجنة الدولية للتغير المناخي. «يتطلب تقييد التغير المناخي تقليلات ضخمة ومستمرة في انبعاثات غاز الصوبة الزجاجية». وتعتبر احتمالات تلك التقليلات مثار تساؤل. وقد ساعد ركود الاقتصاد وارتفاع معايير اقتصاد وقود المحركات والاستعاضة عن الفحم بالغاز الطبيعي في الكثير من محطات الطاقة في إبقاء الانبعاثات بالولايات المتحدة تحت السيطرة.
لكن الصين تعتبر إلى حد بعيد أكبر مصدر للانبعاثات، وبينما توجد إشارات دالة على أن القادة الصينيين يعتبرون التغير المناخي مهما الآن، فإنه ليس من الواضح كيف يمكن أن يواصل اقتصاد الدولة نموه السريع من دون الاعتماد على الفحم.
ويشير تقرير اللجنة الدولية للتغير المناخي إلى أنه «من المرجح بدرجة كبيرة» أن تصبح موجات الحرارة أكثر تكرارا وحدة. علاوة على ذلك، فإنه من «المحتمل بدرجة كبيرة» أن تصبح أحداث سقوط الأمطار الغزيرة، مثل الفيضان الذي حدث في كولورادو الشهر الماضي، أكثر شيوعا؛ وأن «يستمر غطاء الثلج في بحر القطب الشمالي في التقلص» خلال العقود المقبلة؛ وأن «يقل غطاء الثلج الربيعي في نصف الكرة الشمالي» وأن «يقل حجم كتلة الجليد العالمية بصورة أكبر».
سوف تستمر مستويات البحر في الارتفاع بسبب الاحتباس الحراري – تمتد المياه مع ارتفاع الحرارة – وبسبب ذوبان الجليد. ولهذا مدلولات بالنسبة لسكان السواحل، ليس فقط في أماكن مثل كالكوتا أو الهند أو داكا أو بنغلاديش، بل أيضا في مدن ثرية صاحبة نفوذ مثل نيويورك: لاحظ الفيضان الهائل والدمار الهائل الناتج عن إعصار ساندي.
جاء في تقرير اللجنة: «يعتبر جزء كبير من التغير المناخي المرتبط بأنشطة بشرية والناتج عن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون دائما على نطاق زمني ما بين عدة قرون إلى ألفية». بعبارة أخرى، هذا هو العالم الذي صنعناه واعتدناه.
ولكن في نطاق سيطرتنا، التكيف مع التغير المناخي ومنع تفاقمه. تتمثل الخطوة الأولى في هذا الصدد في الاعتراف بأننا نواجه مشكلة.
* خدمة «واشنطن بوست»