مارك شامبيون
كاتب من خدمة «بلومبرغ»
TT

خالص الأمنيات لكاميرون بالتوفيق في ابتزازه لأوروبا

ماذا سيفعل ديفيد كاميرون في حال فشل في الحصول على كل أو بعض الإصلاحات التي طلبها من الاتحاد الأوروبي؟ وكان كاميرون قد هدد الثلاثاء الماضي بإخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لكن دعنا نتمنى أن يكون ما قاله مجرد خدعة. فقد تضمنت قائمة كاميرون التي قدمها للاتحاد مؤخرا طلباته فيما يخص الإصلاحات الأوروبية، واشتملت على النقاط الأربع التي لم تشكل مفاجأة لأحد، وكانت الكلمة التي ألقاها حول تلك النقاط كاشفة إلى حد كبير، وحدد فيها المهمة الصعبة نفسها، وهي العمل على إقناع الناخبين البريطانيين بأن نقاطه الأربع سوف تحدث تغييرا جذريا في الاتحاد الأوروبي، وفي الوقت نفسه إقناع باقي دول أوروبا أنه لا يطالب إلا بتعديلات «معقولة» قابلة للتنفيذ. وها هو التناقض يتضح جليا، حيث استهل كاميرون حديثه للمرة الأولى بطرح أمر البقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يسعد الشركاء الأوروبيين، وأصر أيضا على أنه لن يغير رأيه حول ما إذا كان البقاء هو القرار الصحيح.
في التجارة، على سبيل المثال، كيف ستستطيع بريطانيا التفاوض مع قوى اقتصادية أخرى بشأن صفقات تجارية أفضل من دون أن نضع في الاعتبار 500 مليون شخص وما يمثلونه من ثقل؟
انتقل كاميرون بعد ذلك إلى موضوع الأمن القومي قائلا إن العالم لم يصبح أكثر خطرا إلا بعد التخطيط لاستراتيجية الإصلاح، ناهيك عن ظهور تنظيم داعش وغزو روسيا لأوكرانيا، ولذلك سوف يكون الوضع سيئا إن تجاهلنا الاتحاد الأوروبي الذي يعد «أداة» مهمة لتحقيق الأهداف الأمنية لبريطانيا.
كل هذه الاعتبارات في غاية الأهمية وهو ما دفع كاميرون إلى القول بأن القرار الذي سوف يتخذه البريطانيون في الاستفتاء الشعبي المقرر في شهر يونيو (حزيران) المقبل سيكون «أهم قرار اتخذناه طوال حياتنا». وبناء عليه ماذا يمكننا أن نرى في تلك الإصلاحات التي يطرحها كاميرون والتي تنطوي على الخيار بين النجاح والفشل؟
أهم ما في تلك الإصلاحات هو طلب كاميرون إعادة بناء الاتحاد الأوروبي بحيث لا تقل حظوظ المملكة المتحدة وغيرها من الدول خارج منطقة اليورو بسبب الدول الأعضاء.
مطلبه الثاني هو أن يجعل الاتحاد الأوروبي أكثر قدرة على المنافسة اقتصاديا.
مطلب كاميرون الثالث يتعلق بالسيادة الوطنية، حيث يتطلع إلى صلاحيات أكبر لبرلمانات دول الاتحاد الأوروبي والابتعاد عن مبدأ اعتبار أن البرلمان الأوروبي هو الأقرب للدول الأعضاء.
في النهاية، يأتي موضوع الهجرة، إذ إن أصعب مطالب كاميرون كانت اشتراطه انتظار المهاجرين من دول الاتحاد الأوروبي لأربع سنوات قبل حصولهم على حق الرعاية الاجتماعية داخل المملكة المتحدة. قد يحاول الأوروبيون السير في ركابه، وهذا هو السبب في أن نهج كاميرون يلقى استياء داخل قارته. (جاء عنوان الصفحة الرئيسية لعدد الأربعاء من صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية: ابتزاز كاميرون).
لكن ماذا لو أنه فشل؟ ماذا لو أنه حصل على تعهدات غير قابلة للتنفيذ ولا ينخدع بها أحد بشأن إجراء تغييرات مستقبلية في الاتفاقيات.
هل سوف يعمل كاميرون حقا على دفع بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي لأنه فشل في صياغة قوانين الرعاية الاجتماعية التي لن يكون لها سوى تأثير طفيف على أعداد المهاجرين؟ إذ إن المهاجرين لا يأتون للمملكة المتحدة للبقاء بلا عمل.
يعاني كاميرون ومعه أوروبا، الآن من نتائج نهجه، فالكل على ضفتي القنال الإنجليزي يجب أن يتمنى النجاح لكاميرون في ابتزازه لقادة الاتحاد الأوروبي، بدفعهم إلى اتخاذ قرارات يتحتم عليهم اتخاذها في جميع الأحوال، وحينها سوف يبدأ الجدل الحقيقي بشأن تأييد أو معارضة الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»