بن كاردين
* من النواب الديمقراطيين البارزين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي
TT

لن أصوّت لصالح الاتفاق الإيراني

عبر مختلف مراحل تقييم الاتفاق النووي مع إيران، كنت دائما ما أعاود طرح سؤالين أساسيين: هل من المرجح لهذا الاتفاق، بقليل أو كثير، أن يحول دون تحول إيران إلى دولة نووية؟ وهل رفض التصويت على الاتفاق من شأنه أن يزيد أو يقلل من احتمال سيناريو كابوس إيران المسلحة نوويا؟
وعلى الرغم من التصريحات والآراء الواردة من كل الأطياف، ليس ذلك بالخيار الواضح. ولا يملك أحدنا قدرات استبصار الغيب. إن جهود الحشد لكسب التأييد أو المعارضة لخطة العمل الشاملة المشتركة التي جرى التفاوض بشأنها بواسطة الولايات المتحدة والقوى العالمية من دول مجموعة «5+1» الأخرى لا تزال جهودا محمومة وساخنة، ولكن في نهاية المطاف لا بد أن يعلو صوت الضمير، وليس اختبار الولاء والانتماء الحزبي أو الحنكة السياسية.
من الناحية الموضوعية، فإن إيران ذات التسليح النووي من شأنها أن تسبب تغييرا كبيرا في قواعد اللعبة الدولية مما يؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة عدم الاستقرار في واحدة من أكثر مناطق العالم توترا.
وبعد حصول إيران على تخفيف العقوبات الاقتصادية الدولية، لن يكون من اليسير، وعلى نحو فعال، إعادة فرض تلك العقوبات مجددا للحيلولة دون حيازة إيران للأسلحة النووية. وإذا ما اندفعت إيران وقتئذ نحو إنتاج الأسلحة النووية، فسوف تتزايد احتمالات اللجوء إلى الخيار العسكري.
تتضمن خطة العمل الشاملة المشتركة بعض الإنجازات المهمة، فهي تفرض قيودا صارمة للغاية على البرنامج النووي الإيراني عبر السنوات الـ10 أو الـ15 القادمة. كما نحتفظ بالقدرة على الارتداد رجوعا إلى فرض العقوبات الاقتصادية في حالة وجود انتهاكات كبيرة للاتفاق، ومن دون احتمال نزوع الأعضاء الآخرين إلى استخدام حق النقض (الفيتو) على إجراءات الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن الدولي.
كانت تلك الإنجازات ممكنة نظرا للمهارات الدبلوماسية التي تتمتع بها إدارة الرئيس أوباما. ولم يُترك لإيران الخيار سوى الوصول إلى حل وسط بعد سنوات من المعاناة الاقتصادية الناتجة عن العقوبات القاسية من قبل الولايات المتحدة والتي بدأ الكونغرس الأميركي في فرضها.
عزز تمرير الحزبين الجمهوري والديمقراطي لقانون مراجعة الاتفاق النووي من مواقفنا القوية أثناء المفاوضات. كما وفر القدر المطلوب من الشفافية، وبات واضحا أن الاتفاق سوف يلقى ويخضع للمراجعة النقدية المطلوبة.
لقد كانت مقاربة شديدة الحساسية، ولكن بعد مراجعة مستفيضة، أعلن رفضي التصويت لصالح الاتفاق.
تضفي خطة العمل الشاملة المشتركة قدرا من الشرعية على البرنامج النووي الإيراني. وبعد مرور 10 إلى 15 سنة، سوف يكون الخيار مفتوحا قبالة إيران لإنتاج ما يكفي من الوقود المخصب لبناء السلاح النووي في فترة وجيزة.
من شأن خطة العمل الشاملة المشتركة أن توفر مثل ذلك المسار القانوني لدولة لا تزال تعتبر من الناحية الدولية دولة مارقة، قد عمدت إلى انتهاك التزاماتها الدولية حيال حظر انتشار الأسلحة النووية لعدة سنوات. كما أنها سوف توفر لإيران ذلك التأييد الدولي الذي تحتاج إليه للبرنامج النووي من المستوى الصناعي الذي تصبو إليه. والأسوأ مما تقدم أن الاقتصاد الإيراني سوف يتعزز بصورة كبيرة عبر السرعة المخيفة لرفع العقوبات الاقتصادية، إلى جانب التفاعل الاقتصادي الدولي معها. فإذا ما خرقت إيران الاتفاق المبرم فإن بناء الدعم الدولي المطلوب لفرض العقوبات الاقتصادية الجديدة سوف يستغرق وقتا طويلا، حتى يتمتع بالفعالية المطلوبة، ولن يكون من الأرجح وقتئذ سوى اللجوء إلى الخيار العسكري، على الرغم من كارثيته.
يتحدث الاتفاق حول تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران، وينص كذلك على أن يعمل كل الأطراف على تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة وفق حسن النيات.. استنادا إلى مبادئ الاحترام المتبادل. ولكن كيف يكون هناك احترام لدولة تعمل بكل جد واجتهاد على تغذية عدم الاستقرار في المنطقة المحيطة بها، وتقتل الأبرياء، وترفع دائما شعارات «الموت لأميركا»؟
يساورني القلق العميق لأننا وافقنا على «فترة اعتراض» تصل إلى 24 يوما متاحة لعمليات التفتيش الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذا ما رفضت إيران دخول مفتشي الوكالة إلى أحد المواقع غير المعلن عنها والمثيرة للشبهات. كما أنني لا يمكن أن أدعم رفع الحظر على مبيعات الأسلحة والعقوبات المتعلقة بالصواريخ الباليستية الخاصة بالأمم المتحدة.
إن ذلك الاتفاق يترك للوكالة الدولية للطاقة الذرية اتخاذ القرارات المتعلقة بالأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي الإيراني. وخلاصة القول في تلك المسألة هي أننا نعلم تماما أن إيران تعمل على تطوير الأسلحة النووية، كما يجب أن ندرك كذلك المسافة التي قطعتها إيران على مسار التسلح النووي قبل أن نتمكن من المضي قدما في تنفيذ بنود خطة العمل الشاملة المشتركة. وبعد كثير من جلسات الاستماع والتقارير الموجزة، ما زلت غير واثق بأننا سوف نتمكن من تسوية المخاوف الكبرى المتعلقة بتلك المسألة.
يدرك شركاؤنا في أوروبا أنهم لا يمكنهم العمل بشكل فعال من دون الولايات المتحدة. كما تدرك إيران تماما أنها إذا ما عمدت إلى تسريع برنامجها النووي، فسوف تشعل التحركات الدولية ضدها، كما أن إيران في حاجة إلى تخفيف العقوبات المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة. وأخيرا فإن الوصول إلى الحل الدبلوماسي يصب في مصلحة كل أطراف القضية.
بصرف النظر عما إذا كان الكونغرس سوف يرفض خطة العمل الشاملة المشتركة أو يقبلها، فإن حالة عدم الارتياح مع مختلف جوانب الاتفاق لا تزال قائمة عبر مختلف الأطياف الآيديولوجية المعنية. وذلك هو السبب في أنني سوف أقدم التشريع المؤيد من قبل الموافقين والمعارضين للاتفاق والمصمم تحديدا لتعزيز قانون مراجعة الاتفاق النووي، وتعزيز الاستراتيجية الأمنية الإقليمية للولايات المتحدة كذلك. ومن شأن ذلك أن يتسق مع تفسير الإدارة الأميركية للاتفاق النووي، ويساهم في استكمال الالتزامات الأمنية الإقليمية للولايات المتحدة.
ويشتمل التشريع المذكور على ما يلي:
- يحدد التشريع، من واقع السياسة الأميركية، أنه لن يُسمح لإيران بالحصول على السلاح النووي، وأن كل الخيارات تظل مطروحة على الطاولة، ومن بينها اللجوء إلى الخيارات العسكرية.
- يوضح التشريع أنه لن يتم تقديم أي تخفيف للعقوبات الاقتصادية إلى إيران، حتى تلبي التزاماتها المتعلقة بتسوية المسألة ذات الصلة بالأبعاد العسكرية المحتملة. كما يجعل التشريع من الواضح كذلك أنه ما من شيء في خطة العمل الشاملة المشتركة من شأنه تقييد قدرات الكونغرس على تمرير تشريعات العقوبات الجديدة، التي تتعامل مع أغراض السياسة الخارجية المشروعة، مثل الإرهاب، وحقوق الإنسان، وأنشطة الصواريخ الباليستية. كما يؤكد التشريع على أن العقوبات الحالية التي تتعامل مع انتشار الصواريخ الباليستية وقضايا الإرهاب تبقى قيد النفاذ والفعالية.
- يدعو التشريع إلى تعجيل نظر الكونغرس في فرض مزيد من العقوبات، حالما يتأكد بالدليل أن إيران قد ارتكبت عملا من أعمال الإرهاب ضد الولايات المتحدة أو عمدت، إلى حد كبير، إلى زيادة مستوى أنشطتها الإرهابية. كما يجبر التشريع السلطة التنفيذية على الإبلاغ عن الكيفية التي تستخدم بها إيران الأموال المتحصل عليها من تخفيف العقوبات الاقتصادية، مما يساعد الولايات المتحدة على العمل في مواجهة دعم إيران للإرهاب في منطقة الشرق الأوسط. كما يخول التشريع أيضًا توفير حزمة المساعدات الأمنية لدولة إسرائيل.
- وأخيرا، يطالب التشريع بوجود استراتيجية قوية وشاملة تضم كل أطياف الحكومة، وتحدد كيفية التعاون مع الحلفاء والشركاء في المنطقة لمواجهة الشبكة الإيرانية من التهديدات التقليدية، والصواريخ الباليستية، والتهديدات الإرهابية، بالإضافة إلى الطموحات النووية الإيرانية.
يتعين علينا اتخاذ موقف حازم وصارم في تصميمنا على منع إيران من الحصول على السلاح النووي. كما يجب أن نتفق على مواجهة الدعم الإيراني للإرهاب ومواجهة الانتهاكات الإيرانية لبروتوكولات الصواريخ الباليستية، والالتزامات الدولية لحقوق الإنسان. لا يمكن للكونغرس والإدارة الأميركية النزوع إلى الخلافات القديمة، يتعين علينا جنبا إلى جنب الوصول إلى مقاربة فعالة ومشتركة من كلا الحزبين حيال إيران. وإنني أعلن استعدادي الفوري للتعاون مع زملائي، ومع الإدارة لتحقيق مثل تلك الغاية.
* من النواب الديمقراطيين البارزين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي
* خدمة {واشنطن بوست}