علي المزيد
كاتب وصحفي سعودي في المجال الاقتصادي لأكثر من 35 عاما تنوعت خبراته في الصحافة الاقتصادية وأسواق المال. ساهم في تأسيس وإدارة صحف محلية واسعة الانتشار والمشاركة في تقديم برامج اقتصادية في الإذاعة السعودية، ومدير التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط في السعودية وهو خريج جامعة الملك سعود.
TT

خطوة على الطريق

استمع إلى المقالة

منذ استقلال الدول العربية بدءاً من منتصف القرن الماضي، والمثقفون العرب ينادون بدولة عربية واحدة، ولم يكن بعض الساسة العرب أقل حماساً من مفكريهم وشعرائهم ومثقفيهم في طلب الوحدة، وقد بذل الشعراء والمفكرون العرب جهوداً جبارة في تهيئة الأرضية لقيام هذه الوحدة، ولم تكن الشعوب أقل حماساً من مفكريها، بل أخذت زمام المبادرة لأنها ترفض الحدود والقيود، فبعد أن كانت تسافر من مسقط إلى نواكشوط دون حدود أو قيود نشأ الجواز الوطني وختم المرور.

لتؤدي هذه المشاعر المتأججة مجتمعة إلى قيام وحدة بين سوريا ومصر، وتقول مصادر التاريخ إن السوريين هم من سعوا لطلب هذه الوحدة وبحماس منقطع النظير.

ولأن الوحدة جاءت نتيجة مشاعر عاطفية، كان معظمها ناتجاً عن بغض الاستعمار ورغبة بعودة الدولة العربية القوية، ولأن الوحدة لم تُبنَ على قواعد واضحة، لذلك لم تلبِّ الوحدة حاجة الشعوب، فكان الانفصال الذي كان هو النتيجة الطبيعية لوحدة لم يُخطَّط لها.

منذ ذلك الحين وأحلام مفكري الأمة بدأت تنزل من أبراجها العاجية لتنادي بالاتحاد، وحتى هذا الحلم لم يكن قابلاً للتحقيق لأنه أصبح غير واقعي مع قيام الدولة القُطرية.

بدأنا نكون أكثر واقعية لنحاول المطالبة بتعاون أكثر بين الدول العربية وبمشاريع مشتركة، وحتى هذه على بساطتها بدت غير قابلة للتطبيق، لأن السياسة في الأخير كانت تفسد كل شيء مع الأسف، فحتى المناطق الحرة المشتركة بين الدول العربية لم نرها حتى الآن!!!!!.

في مقابل كل هذا الواقع السوداوي، لا بد أن تظهر ومضة تجعلنا نتمسك بأمل قابل للتحقيق وقابل للتطور، فالتعاون السعودي - العراقي الاقتصادي خطوة على الطريق الصحيح، فبعد أن مهّدت السياسة الطريق، شق الاقتصاد سبيله للتعاون، فقد أفرز المجلس التنسيقي السعودي - العراقي بنوكاً مشتركة مهمتها التمويل المحلي، وأنتج مدينة صناعية في العراق توطن بها الصناعات السعودية التي يحتاجها العراق، أضف إلى ذلك الربط الكهربائي ومشاريع الطاقة التي يحتاجها العراق، وبالتأكيد فإن هذا ليس كل شيء ولكنه أبرز المشاريع الاقتصادية المشتركة.

مثل هذه الخطوة هي المطلوبة؛ لأننا جربنا الأحلام الكبيرة وفشلت، وعرفنا أن البناء الاقتصادي يجب أن يبدأ لبنة لبنة لننتج مشاريع ضخمة مرتبطة بمصالح الشعوب ليصبح السياسي غير قادر على وأدها لأنها ستغضب الشارع منه. ودمتم.