هل كان وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، واقعياً عندما تكلم في مداخلته عن تحديات سوق الهيدروجين؟
إذا نظرنا إلى كلامه من وجهة نظر خليجية، فإننا في الخليج نرى الأمور بواقعية كما هي. بينما يراها غيرنا في الغرب بمثالية شديدة تبتعد عن الواقع.
الواقع يقول إن العالم يبحث عن مصادر طاقة متجددة، ولكن تكلفة بعض هذه الأنواع الصديقة للبيئة مكلفة مثل الهيدروجين الأخضر.
ولكن أوروبا تريد وقوداً أرخص، وهذا يتناقض أحياناً مع البحث عن موارد طاقة نظيفة.
ولهذا؛ لا نرى حوافز أو صفقات كبيرة في سوق الهيدروجين تشجع أحداً على الإنتاج، بل على المثاليات.
وهذا ما جعل الكثير يشككون في جدوى مشاريع الهيدروجين الأخضر الذي في نظر كثيرين هو وقود المستقبل.
ووسط حالة عدم الوضوح هذه، يبرز مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر الذي سينتج 600 طن يومياً من الهيدروجين بحلول 2030.
هذا المشروع من الناحية التجارية (على الأقل للمملكة ولنيوم) مُجدٍ جداً على عكس باقي المشاريع في العالم.
والسبب في هذا هو أن إنتاج مصنع هيدروجين نيوم تم بيعه بالكامل لمدة 30 سنة لشركة «إير برودكتس» الأميركية.
ولهذا مخاطر التسويق انتقلت بالكامل إلى الشريك في المشروع وبالنسبة لنيوم، لن يهمها سوى موعد الدفعات.
ولهذا لم تقدم السعودية دعماً لهذا المشروع بينما لا يستطيع مشروع آخر مثله في العالم المضي قدماً من دون حِزم دعم حكومية؛ لأن المشترين ليسوا بالكثير.
لقد ظننت كما ظن غيري أن تسويق الهيدروجين السعودي سوف يكون سهلاً؛ لأن السوق تريد وقوداً أنظف، لكن الواقع غير هذا.
هذا المشروع هو قصة نجاح غير تقليدية في صناعة لا يوجد فيها هذا الحماس لشراء الهيدروجين الأخضر.
ولا يزال أمام العالم طريق طويلة حتى يصل إلى نقطة تصبح فيها أسعار الهيدروجين الأخضر تنافسية ولا تتجاوز دولاراً واحداً للكيلوغرام.
ولأن الهيدروجين الأخضر يتم إنتاجه من مصادر طاقة متجددة، فإن دخول «أكوا باور» شريكاً في المشروع يجعلها تفكر في إبقاء تكلفة طاقة الشمس والرياح عند أدنى مستوى في العالم.
ما لا يبدو واضحاً هو ما ستفعله «إير برودكتس» بالهيدروجين الذي ستشتريه وكيف ستسوقه. ولكن من يهتم، فالمهم هو أن نيوم والسعودية ستضمن بيع 600 طن يومياً، وهذا سيفتح الآفاق لعالم جديد.
تبقى لدينا الهيدروجين الأزرق والذي سيأتي من الغاز الطبيعي وليس من طاقات متجددة.
السعودية سوف تنتج الغاز بكميات ضخمة لا محالة خلال السنوات المقبلة، والسؤال الذي يجب أن نعرفه من قِبل المشترين في الغرب والدول التي تريد أن تكون صديقة للبيئة، هل بيع الغاز مباشرة إليهم أفضل من بيع الهيدروجين الذي يعدّ أفضل بيئياً حتى لو كان أزرق؟
هنا نعود للواقعية التي تحدث بها الأمير عبد العزيز بن سلمان، وهل العالم فعلاً جاد في مطالبتهم بوقود نظيف لقطاع مثل الطيران أو الصناعة؟
ولا يزال حلم الهيدروجين السعودي قائماً لأن تكون المملكة الدولة الأولى المصدّرة للهيدروجين في العالم بكل ألوانه.