كورا إنغلبرخت
TT

تاريخ الإضراب عن الطعام ومقتل الأسير الفلسطيني خضر عدنان

استمع إلى المقالة

سلَّط هذا الأسبوع، الذي جوّع نفسه في إسرائيل للاحتجاج على اعتقاله، الضوء على طريقة للمقاومة السلمية، وهي جزء من تاريخ الاحتجاج يتحول فيه جسد الأسير إلى أداة لتحقيق التغيير.
باعتبار هذا وسيلة من وسائل النشاط السياسي، استخدم هذا الأسلوب الأكثر شهرة من قِبل «المهندس» غاندي، الذي دخل في إضرابات عدة عن الطعام أثناء قيادته نضال الهند من أجل الاستقلال عن بريطانيا. فقد رفض المعتقلون في مختلف أنحاء العالم تناول الطعام لتوجيه الانتباه إلى مجموعة من الأسباب، تتراوح بين معارضة الأنظمة الديكتاتورية إلى تحسين الظروف في السجون التي يُعتقلون فيها.
فيما يلي نظرة على الإضرابات عن الطعام في التاريخ.
ليس من الغريب أن يموت سجين أثناء إضرابه عن الطعام؟ فالإضراب عن الطعام يمكن أن يمتد لأشهر، حيث يرفض بعض السجناء جميع أشكال التغذية باستثناء الماء، بينما يسمح آخرون لأنفسهم بكميات صغيرة من السكر والملح. وفي بعض الحالات، تتدخل السلطات بتغذية السجناء بالقوة.
في حين أن السجناء يمكن أن يصابوا في كثير من الأحيان بأمراض خطيرة بسبب الإضرابات الطويلة، فمن غير الشائع أن يؤدي الإضراب عن الطعام إلى الوفاة. وفيما يلي بعض منها:
— في كوبا، جاع أورلاندو زاباتا تامايو حتى الموت عام 2006؛ احتجاجاً على ظروف السجن.
— انتخب بوبى ساندز، وهو عضو مؤقت بالجيش الجمهوري الآيرلندي، للبرلمان البريطاني عام 1981 بينما كان مضرباً عن الطعام في سجن بآيرلندا الشمالية وتوفي بعد توقفه عن تناول الطعام لمدة 66 يوماً. وشارك نحو 20 من نزلاء السجن في إضرابات عن الطعام في ذلك العام، من بينهم 10 قضوا نحبهم.
ولكن كيف يُنظر إلى التغذية بالقوة للمضربين عن الطعام؟
عادة ما تحرص السلطات على القضاء على أي تداعيات محتملة لوفاة السجناء، وتكره المشهد الذي يمكن أن يشكّله الإضراب عن الطعام. فأحياناً يلجأون إلى التغذية القسرية، رغم أنه كان هناك نقاش حاد منذ أكثر من قرن حول أخلاقيات تلك الممارسة.
لطالما اعترفت منظمات دولية، مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والجمعية الطبية العالمية بحق السجناء في رفض الطعام. ويصف مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب وسوء المعاملة على المضربين عن الطعام الذين يتغذون بالقوة - عن طريق إدخال أنبوب عبر الأنف أو الفم وصولاً إلى المعدة - تلك الممارسة بأنها «المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة». وقد وصفت بأنها «شكل من أشكال التعذيب المخالف للأخلاقيات الطبية»، استناداً إلى الجمعية الطبية العالمية.
على رغم هذه الاعتراضات، أطعم الجيش الأميركي السجناء في خليج غوانتانامو بالقوة، قائلاً إنه ليس لديه خيار آخر سوى إبقائهم على قيد الحياة، ولم يتضور أي منهم جوعاً. وفي 2005، دخل ما يصل إلى 200 سجين هناك - أي أكثر من ثلث المعسكر - في إضرابات عن الطعام احتجاجاً على ظروف احتجازهم لفترات طويلة من دون محاكمة، وغُذّي العديد منهم بالقوة.
وفي 2015 أقرّ البرلمان الإسرائيلي، قانوناً يسمح للسلطات بإطعام السجناء قسراً في ظروف قاسية - إثر احتجاجات النقابة الطبية في البلاد، التي أدانت هذه الممارسة.
في ألمانيا في ثمانينات القرن العشرين، أطعمت الحكومة بالقوة العديد من السجناء المنتمين إلى «فصيل الجيش الأحمر»، الذي كان مسؤولاً عن سلسلة من الهجمات الإرهابية في البلاد.
أصبح الإطعام بالقوة محل جدل دولي عندما استخدمت الحكومة البريطانية هذه الممارسة، بدءاً من عام 1909، ضد المسجونين المطالبين بحق النساء في التصويت، والذين كانوا يضرِبون عن الطعام. توفيت إحدى المسجونات، ماري جين كلارك، بعد يومين من إطلاق سراحها من السجن، وأنحى حلفاؤها باللائمة في وفاتها على معاملتها هناك. وكان الاحتجاج على إطعام أنصار حقوق الاقتراع بالقوة سبباً في تغيير القانون البريطاني عام 1913.
تعرضت بعض النساء اللاتي كن ينظمن حملات من أجل التصويت في الولايات المتحدة للمعاملة لنفسها عام 1917.
وعادةً ينفذ الإضرابات دائماً تقريباً أشخاص، سواء كانوا مسجونين أم أحراراً، يقولون إنهم يناضلون ضد القمع، في محاولة لجذب الانتباه إلى قضية ما.
كان خضر عدنان، الأسير الفلسطيني، يحتج على ممارسة إسرائيل لاحتجاز الأشخاص رهن الاعتقال الإداري، من دون توجيه تهم بحقهم أو الكشف عن الأدلة المتاحة ضدهم.
في أغسطس (آب) 2021، أنهى زعيم المعارضة الروسي السجين أليكسي نافالني إضراباً عن الطعام دام ثلاثة أسابيع بينما كان يقضي عقوبة بالسجن لأكثر من عامين. وكان هدفه أن يطلب من أطبائه الانتباه إلى مشاكل صحية قد تكون ناجمة عن تسميمه بسلاح كيميائي.
وصام زعيم حزب العمال سيزار تشافيز أياماً مطولة في حياته المهنية الطويلة، وكانت المرة الأخيرة استمرت 36 يوماً عام 1988؛ احتجاجاً على معاملة عمال المزارع في الولايات المتحدة.
نظم الآيرلنديون الذين سُجنوا بسبب معارضتهم للحكم البريطاني إضراباً عن الطعام في السنوات التي سبقت الاستقلال في أوائل عشرينات القرن العشرين. وكان الجمهوريون الآيرلنديون قد أحيوا هذه الممارسة في آيرلندا الشمالية في سبعينات القرن العشرين.
كان ساندس، العضو المؤقت في الجيش الجمهوري الآيرلندي، وزملاؤه السجناء يحاربون لانتزاع السيطرة على آيرلندا الشمالية من بريطانيا، ولكن كان إضرابهم عن الطعام في وقت أقرب إلى المطالبة بمعاملة أفضل في السجن والاعتراف بهم كسجناء سياسيين، وليس كمجرمين عاديين.